ليلة الأنقلاب في تركيا –  محسن بابات 

ليلة الأنقلاب في تركيا – محسن بابات 

كانت ليلة الأمس طويلة ليست على الشعب التركي وحده بل على شعوب المنطقة برمتها وعلى حكام العالم أجمع الكل تابع وباهتمام شديد مايجري على الأرض منهم من كان يمني النفس بنجاح الإنقلاب ومنهم من وقف منتظراً النتائج ليعلن موقفه بينما كان الكثير يبتهل لله لفشل الانقلاب واليوم وبعد أن إنجلت الأمور وعاد الأستقرار لربوع تركيا يمكننا أن نرى الموضوع من عدة زواية 

الصورة الأولى كانت بلاشك لعظمة الشعب التركي الذي نزل الشوراع بمشهد تاريخي لم يشهد له مثيل حاملاً العلم التركي معلناً وقوفه صفاً واحداً ضد حكم العسكر رافضاً سلب ديمقراطتيه 

أما الصورة الثانية فكانت للإنقلاب بحد ذاته والقائمين عليه فلقد قيل أن المستشار القانوني لرئيس أركان الجيش هو متزعم الانقلاب وهذا الأمر لايمكن لعاقل أو سياسي أن يصدق بأن مستشار قانوني لضابط كبير يمكنه أن يقود عملية بحجم الانقلاب في تركيا وبالتالي هذا يقودنا إلى أن الإنقلاب مفتعل سوف تظهر الأيام القادمة من يقف وراء ذلك وماهو دور أردوغان في ذلك ولكن يمكن الحكم من خلال النتائج والاهداف المرجوة من هكذا عملية 

والملفت أن فرنسا كانت على إطلاع على العملية بدليل إغلاق سفارتها وقنصليتها في كل من اسطنبول وأنقرة أما الهدف الأساسي من هكذا مسرحية هي إطلاق يد أردوغان في تركيا والمنطقة وهو الذي يعد أوراق تغيير الدستور التركي ليتم منح صلاحيات كاملة للرئيس التركي أي تحول النظام التركي من برلماني إلى رئاسي وما خلافه مع داوود أوغلو إلا لهذه الأسباب أما الأهداف على مستوى المنطقة هي الإسراع بخطته الامبراطورية العثمانية الجديدة في مقابل الإمبراطورية الفارسية الشيعية 

أما الصورة الأبرز والأهم هي خيبة أمل أردوغان من أن يكرر الشعب التركي مافعلة المصرييون مع عبد الناصر بإعطائة تفويض كامل الصلاحيات فأردوغان كان يمني النفس ليلة الأمس أن يسمع هتافات الدعوة بحياته وفداؤه بالدم ولكن الشعب التركي قال كلمته أنه مع الديمقراطية والدولة المدنية وأنه سيقف وراء كل من يبني في تركيا ولن يكون إلا تحت العلم التركي ماجعل أردوغان يعيد حساباته ولعل الأيام القادمة ستكون هناك تطورات بارزة في تركيا على الصعيدين الداخلي والخارجي فعلى الصعيد الداخلي قد يتم عودة داوود أوغلو للسلطة أما على الصعيد الخارجي ستتم مراجعة شاملة للسياسة التركية بما تخدم مصالح الاتراك أولاً دون النظر لأي إعتبارات أخرى ومن هنا على السوريين متابعة ماسيجري وقراءة ماجرى بحذر ومحاولة الاستفادة منه لصالح الثورة السورية بدلاً من الإنصياع لأوهام جعل أردوغان بطلاً لنا فيما شعبه لن يجعل منه ذلك فالقارئ الجيد يدرك أن الشعب التركي في الأمس سحب البطولة من أردوغان ولم يمنحه إياها كما يتخيل بعض معارضينا

  • Social Links:

Leave a Reply