بيان ــ حزب الشعب الديمقراطي السوري .. الهيئة القيادية المؤقتة

بيان ــ حزب الشعب الديمقراطي السوري .. الهيئة القيادية المؤقتة

 

حملت الأشهر الثلاثة الأخيرة تطورات على الساحة السورية استغلت خلالها روسيا ذروة “السلبية” في الغياب المباشر للدور الامريكي تجاه ما يحدث في سوريا، وبعد اكثر من عام على تدخلها العسكري وتحولها الى قوة احتلال بالاضافة لإيران؛ حاولت روسيا التقدم باتجاه قطف ثمار سياسية وفرض رؤيتها ومنظورها على الاحداث في سوريا مستغلة فترة الانتقال السياسي في القرار الامريكي وامعان سياسة اوباما في منطق إدارة الصراع مع البقاء بعيدا عن التدخل المباشر او تبني حلول واقعية لما يحدث في سوريا. فقادت روسيا عملاً عسكرياً دعمت به قوات الاسد لفرض سيطرتها على حلب الشرقية، وساهم في هذا العمل التوافق الروسي التركي الذي منح الروس امكانية لتحقيق التقدم العسكري في حلب.

وضمن هذا السياق جرى التحضير لاجتماعات الآستانة وصدر البيان الختامي بتوقيع روسيا وايران وتركيا، ومعتمدا على بيان وزراء خارجية البلدان الثلاثة في موسكو 20 ديسمبر 2016. وظهر للعلن ان حضور كل من الوفد الممثل للقوى العسكرية المعارضة والوفد الممثل للنظام الأسدي كان شكلياً، وقدم كل من الوفدين تحفظاته على البيان. بل بلغ الاستهتار بالشعب السوري وثورته تقديم “الراعي” الروسي مشروع “دستور” لسوريا، وهي خطوة تعبر على الأقل من حيث الشكل عن اهانة كبيرة للشعب السوري ولكل قواه الحية.

الموقعون على البيان روسيا وايران هما حليفان للاسد وداعمان لاعماله القتالية وكل منهما اشترك في قتل وتدمير وتهجير ومحاصرة المناطق في سوريا وان اختلفت مشاريعهما السياسية، بينما الطرف التركي المدافع عن مصالحه القومية بالدرجة الأولى والداعم للمعارضة، يحاول ضمن تعقيدات الواقع الدولي والاقليمي فتح أفق جديد لوقف المقتلة السورية، وربما إلى عملية انتقال سياسي تتصل بأهداف الثورة .

ان تفعيل الهدنة هو أمر جيد وهو مطلوب لوقف القتل واتاحة الفرصة لادخال المواد الاغاثية وانهاء العذاب والحصار للمدنيين والافراج عن المعتقلين وتوقيف التهجير القسري والتغيير الديمغرافي وتنفيذ البنود الانسانية في قرارات مجلس الأمن والامم المتحدة (بما في ذلك البنود 12 و13 و14 من قرار مجلس الامن 2254 لعام 2015)، إلا أن قوات الاسد والمليشيات الإيرانية الداعمة لها وكذلك روسيا تستخدم مصطلح (محاربة الارهاب) لاستمرار هذه القوى في اعمال القتل والتدمير والحصار والتهجيرالقسري ونرى ذلك واضحا في الحرب التي تشنها قوات الاسد بمساندة مباشرة من ايران مع تواطؤ روسي على منطقة وادي بردى وعلى غوطة دمشق واستمرارها بقصف مناطق في ريف حمص وحماة وادلب وحلب تحت ذريعة مكافحة الارهاب. بينما على قوى المعارضة الالتزام بالهدنة وإلا صنفت تحت مسمى الارهاب في الوقت الذي يتم تجاهل حزب الله وكل الميليشيات الطائفيةالإيرانية الدموية.

يتم كل هذا في ظل اختلال لموازين القوى على الساحة السورية وذلك ليس نتيجة للمآل الذي وصلت اليه الفصائل العسكرية بما فيها فصائل الجيش الحر والفصائل الاسلامية بل هو ناتج الى حدٍ كبيرعن تقصد التقصير في الدعم من قبل الدول المانحة والداعمة لها وذلك تمهيدا لاضعافها ومن ثم انهائها اذا تطلب الأمر والعمل على زيادة تشتيت وتهميش القوى المعارضة التي تتحمل بدورها مسؤولية ذاتية في ذلك.

لا شك ان ما تسعى له روسيا وايران هو ليس الحل لصالح تحقيق مصالح الشعب السوري ومطلبه بالحرية والكرامة، بل يرمي بالاضافة لخدمة اهدافهما الاستراتيجية، رغم تباينها، الى تغييرفي اتجاه البندقية وبدل ان تسدد اتجاه النظام الأسدي ومن يغتصب حقوق الشعب لتسدد كما يريد لها الروس والإيرانيون ، ومن يقف خلفهم في زيادة الاقتتال الداخلي بين فصائل المعارضة، وتصنيفها وفق عدة مسميات، بعد ان تم نقل وتهجير العديد منهم الى منطقة الشمال السوري في ادلب. وتوظيف أذرع القاعدة لتصفية واحتواء المتبقي من فصائل الجيش الحر كما يحصل حالياً في ادلب والدور الاجرامي الذي تقوم به جبهة فتح الشام (النصرة). والمرشح انتقاله الى أماكن اخرى.

رغم العناوين العريضة التي طرحتها الاستانة لن تكون إلا مرحلة ومحاولة فاشلة لتطويع الثورة، و لايمكن لأي بيان او اتفاق ان يزيل حقوق ومطالب ثورةشعبنا بالحرية والكرامة.

لن يكون سهلاً على الروس إدراج المشروع الإيراني الأسدي الهادف الى استمرار التدمير والابادة والتهجير ورفض الحلول السياسية، لصالح أجندتهم السياسية، كما ان استحقاق المساومات مع الغرب والإدارة الامريكية الجديدة الذي طال انتظاره قد اقترب. وأتى اعلان الرئيس الامريكي الجديد (ترمب) عن توجهه نحو تنفيذ مناطق آمنة في سوريا وما حولها ليمثل انقلابا على سياسة اوباما التي تركت سوريا لتصبح مستنقعا للدم ليس نتيجة قوة الاسد بل نتيجة “سلبية” القرار الامريكي خلال فترة اوباما والتي كانت خطوطها الحمراء مطبقة فعلا على عدم امداد قوى الثورة بالسلاح الكافي لمنع المجرمين من استمرارهم بالقتل، بينما محيت الخطوط الحمراء امام افعال الاجرام والمجازرالتي ارتكبتها قوات الاسد وحلفاؤه بحق الانسانية. ان حضور الإدارة الامريكية بفريقها الجديد في شؤون المنطقة سيعيد خلط الأوراق ويعمل على قطع الطريق على موسكو للاستفراد بالحل السوري.

إن اي فعل ايجابي مرحب به نحو وقف التدميروالقتل ومنع استخدام اي وسيلة في معاقبة الشعب لتشمل ليس فقط السلاح الكيماوي بل كل وسيلة قتل وتدمير وحصار تمارسها الأجهزة العسكرية والاستخباراتية في جحيم معتقلاتها وسجونها. كل هذا القتل يجب ان يتوقف، وكل الميليشيات الأجنبية التي عاثت في البلاد اجراماً وتخريباً ينبغي ان ترحل.

ان القوى السياسية والمدنية والعسكرية السورية والتي لا تزال متمسكة بمشروع ثورة الحرية والكرامة تتحمل مسؤولية كبيرة لمواجهة الأوضاع الصعبة والمعقدة ليس فقط من اجل وقف المقتلة ووضع حد لآلام الشعب السوري بل لتوحيد الجهود واستيعاب دروس الإخفاقات خلال السنوات الماضية من عمر الثورة وبناء استراتيجية وهياكل جديدة لصالح المشروع الوطني الجامع المستقل الذي يشق الطريق الوعر نحو تحرير سوريا من الاحتلالات وبناء دولة المواطنة والديمقراطية والعدالة.

 

حزب الشعب الديمقراطي السوري

27/01/2017

  • Social Links:

Leave a Reply