معركة الجرود: سيناريوات وحملات مشبوهة والعازف واحد: مَن يعمل لوضع الجيش في مواجهة اللاجئين؟ ــ ابراهيم حيدر

معركة الجرود: سيناريوات وحملات مشبوهة والعازف واحد: مَن يعمل لوضع الجيش في مواجهة اللاجئين؟ ــ ابراهيم حيدر

 

النهار اللبنانية

تخرج الحملات تحت عناوين مختلفة، وتدفع لوضع الجيش في مواجهة مع السوريين اللاجئين وغيرهم، ليس لسبب إلا لإغراقه في مسار انزلاق نحو معركة شاملة، وتكبيله بمزايدات التنزيه والقداسة، كي يقال إن الجيش قادر على تنفيذ مهمات كبرى، ولا يستطيع أحد أن يقف في وجهه، خصوصاً اللاجئين، علماً أن معركة الجيش ليست مع اللاجئين السوريين، وإن كان يحارب الإرهاب وجماعاته المسلحة في جرود عرسال وغيرها. فليس الهدف من الحملات الداعمة للجيش، وتركيز الحملات ضد اللاجئين، سوى دفعه إلى عمليات استنزاف ترتب ردود فعل سياسية وطائفية لبنانية.

تأتي الدعوة الى تظاهرة ما يسمى “اتحاد الشعب السوري في لبنان” ضد المؤسسة العسكرية ورفضاً لما اعتبره “تمييزاً عنصرياً يتعرض له اللاجئون السوريون في المخيمات في لبنان، قبل أن تتأجل إلى الثلثاء المقبل، جزءاً من الحملات والسناريوات التي تريد زج الجيش في مواجهة مع السوريين. وقبل أن يدعو أهالي العسكريين الشهداء الى تظاهرة متزامنة وفي المكان نفسه في “ساحة سمير قصير”، استنكاراً لما اعتبروه “حملة ممنهجة تتعرض لها المؤسسة العسكرية، نتيجة محاربتها الإرهاب، من بعض اللاجئين السوريين”، يتبين أن البعض يريد أن تكون المواجهة مباشرة لتنفيذ مخططه بإضعاف المؤسسات التي لا تزال عصية ومتماسكة في لبنان، وفي مقدمها الجيش. وتشكك مصادر سياسية متابعة لملف اللاجئين السوريين، بمرجعية ما يسمى “اتحاد الشعب السوري” وتعتبره ناطقاً باسم أجهزة معينة. وتشير الى أن صفحته على “فايسبوك” كما صفحات كثيرة تنطق باسم “عازف” واحد يتلاعب بمصير اللاجئين السوريين، ويدفع الأمور من كل الجهات الى توتير العلاقة مع اللبنانيين ومع الجيش على وجه الخصوص. وأياً يكن حجم السوريين الذين سيشاركون في التظاهرة، إذا استمرت الدعوة اليها، فإنهم ليسوا من اللاجئين، وفق المصادر، الذين لا يتجرأون على التحرك والانتقال من مخيمات اللجوء الى الوسط التجاري لتنفيذ تظاهرة مشبوهة في استهدافاتها وغاياتها.

مشكلة اللاجئين أكبر من تظاهرات

تقول المصادر إن مشكلة اللجوء أكبر من تظاهرة ضد العنصرية. وتشدد على أن من يعلن التظاهر والاعتصام ضد الجيش، وبالعكس، يحركه عازف واحد يريد دفع الامور في البلد الى المواجهة، وتصوير المشكلة أنها بين السوريين واللبنانيين والجيش، إلى حد أن البعض بدأ يدعو الى طرد اللاجئين تحت عنوان “الإرهاب”، وإن كانت مسألة اللاجئين ترتب أعباء كارثية على لبنان، إنما في المقابل يستفيد منها كثر على الضفتين اللبنانية والسورية. وقد شهدنا خلال الأسبوعين الماضيين ردوداًوتوعداً وتهديداً ضد الأصوات المطالبة بالتحقيق في ما جرى اثناء مداهمة الجيش لمخيمات اللاجئين السوريين في جرود عرسال، إذ ينطوي هذا الأمر على منع التساؤل بعنوان أن اولوية التصدي للإرهاب الذي ما زال يهدد لبنان، تبرر كل الممارسات. وفي المقابل، ظهرت حملات من البعض تتهم كل اللبنانيين بالعنصرية، ليحصل اصطفاف جديد يهدد ما تبقى من مؤسسات في البلد ويضعها أمام احتمالات الإنقسام، أو أقله تحولها الى مؤسسات هشة ضعيفة.

تظهر اللعبة واضحة باستهدافاتها السياسية، فوفق المصادر سنشهد الكثير من التحركات والإعلانات في المرحلة المقبلة، للتغطية على مشاريع يجري التحضير لها، في موضوع اللاجئين. والأهم من ذلك توظيف المسألة في معركة يجري التحضير لها في جرود عرسال، وإن كانت ضد “داعش” و”النصرة”، لكنها ستؤثر على وجود اللاجئين السوريين في شكل مباشر، وذلك قبل أن يسأل السوري عن فداحة نزوحه وأثر ذلك على أهل البلد اللبنانيين، فعندما تستهدف الحملات، ومعها المزايدات، السوريين بتحميلهم مسؤولية كل ما يحصل في البلد، نكون أمام محطة أخرى قد يدفع لبنان ثمنها مزيدا من الإنقسامات الطائفية، قبل أن نكتشف أن كل ما يحصل هو لإعادة تثبيت وضع النظام السوري، وإعطائه الكلمة الفصل في ورقة اللاجئين، وربما في الورقة اللبنانية في شكل عام.

معركة عرسال وتداعياتها

يدفع البعض الأمور، وفق المصادر، لأن يحوّل ملف اللاجئين الى مادة أو سلعة لتحصيل عوائد معينة، من قبل اللاعبين في التوازنات الديموغرافية والطائفية اللبنانية، فيما المسؤول الأول عن تهجيرهم ودفعهم الى الشتات يريد الاعتراف بدوره، علماً أنه لم يفصح عن استعادة شتات شعبه من المنافي، وما إذا كان سيعيدهم الى أرضهم، وما اذا كان سيفرز المرشحين للعودة وفق انتماءاتهم المذهبية! علماً أن الحديث عن معركة عرسال قد يصيب الجميع، خصوصاً “الوطنية اللبنانية” التي ستذكّرنا مجدداً بالإصطفاف الحاصل بمسألة اللجوء الفلسطيني وكيف تم التعامل معه وإدارته السيئة التي دفعت قسماً من اللبنانيين الى مناصرة الفلسطينيين، قبل أن يتحول الأمر الى اصطفاف طائفي واضح.

تعود المصادر السياسية الى التذكير بسوء إدارة ملف اللاجئين. لكنها تعتبر أن المشكلة اليوم باتت أكثر صعوبة، مع وضع اللاجئين السوريين في مواجهة اللبنانيين والجيش. ولعل معركة عرسال قد يسعى أصحابها إلى زج الجيش في عمليات غير محسوبة عسكرياً، كما يحاول البعض زجه في عمليات غير محسوبة سياسياً في العلاقة مع اللاجئين وغيرهم. وتعبر المصادر عن مخاوفها من وحدة اللبنانيين. هي تخاف على وحدة الجيش أيضاً من محاولات توظيف قوى معينة مهيمنة اليوم، الجيش، لغلبة قوى على أخرى، علماً أن الأمور ليست سهلة، وإن كانت الزعامة السنية حالياً في وضع ضعيف. لكن قد نشهد تحولات خطيرة لن يكون لبنان في منأى عن تداعياتها السياسية والطائفية والأمنية. فهل نشهد ظهور حكماء جدد من كل الطوائف في النظام اللبناني يعيدون تصويب الأمور؟

  • Social Links:

Leave a Reply