: البرازيل بين الاشتراكية و الفاشية – منصور الأتاسي

: البرازيل بين الاشتراكية و الفاشية – منصور الأتاسي

: البرازيل بين الاشتراكية و الفاشية
منصور الأتاس
أعلن اليوم في برازيليا عاصمة البرازيل نجاح الرئيس بولو بولسونارو اليميني المتطرف و الفاشي المعروف ، وكان قد حدد هدف حملته الانتخابية بإسقاط النظام ذي التوجه الاشتراكي و العودة بالبلاد إلى الرأسمالية المتوحشة التي أفقرتها و سرقة كل ثرواتها ووظفتها خارج البلاد ، مما أدى إلى رد فعل كبير لدى الشعب البرازيلي و إلى انتصار الأفكار ذات التوجه الاشتراكي التي توقع منها البرازيليون الخلاص من حالة الاستبداد و التخلف و النهب و الانتقال إلى حياة أفضل تحترم حرية الإنسان و حقه في الحياة و التعلم و العمل والسكن و الصحة .
إلا أنه و لأسباب ذاتية و موضوعية تتعلق بنضج القوى الاشتراكية هناك و بالبرنامج الذي وضعته ، و بالفساد المستشري منذ ما قبل استلام الاشتراكيين ، لم يستطع هؤلاء تنفيذ برنامجهم بالإضافة للدعاية الخارجية التي أرادت تحطيم أي نظام بديل للنظام الرأسمالي على الحدود الأمريكية .
أدت هذه العوامل كلها إلى تراجع الحزب الاشتراكي هناك و إلى تقدم اليمين في بلد عشش فيه الاستبداد و الفساد و الفقر لعشرات السنين .
ورغم كل ما جرى فإن ميزة الاشتراكيين الجديدة هي التزامهم بالديمقراطية ..وهكذا فقد قادوا انتخابات نزيهة أدت إلى إبعادهم عن السلطة ، و هذه سمة جديدة في الأحزاب الاشتراكية التي بدأت بالحراك و المبادرة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ، وهو الإلتزام بالديمقراطية و بالتداول السلمي للسلطة و بحرية الرأي ، و أعتقد أن الهزيمة التي مُنِيَ بها الاشتراكيون ستفرض عليهم إعادة النظر بكل نهجهم السابق في فترة الحكم و ستظهر تماماً أين أخطؤوا ليعيدوا الكرّة مرة ثانية متجاوزين الأخطاء التي تمت بفترة حكمهم و هذا يعني أن الديمقراطية قادرة على تنقية الاشتراكية و تجديدها .
أما الرئيس المنتخب المعادي للمرأة و المناضل من أجل نشر الأسلحة بين صفوف السكان ، هذه الأسلحة التي قتلت العام الماضي فقط ٦٤ ألف ضحية ، و وعد بمحاربة الاشتراكية و نشر الفكر المعادي لها حتى لو تحول العلم البرازيلي إلي علم أحمر بدماء الأبرياء دون تقديم أي برنامج اقتصادي أو اجتماعي ، أي أن الاستبداد و الاضطهاد و القتل سيعم البرازيل تحت شعار محاربة الاشتراكية ، و هذا ما ترغب به الولايات المتحدة الأمريكية (دول محيطة بها فقيرة و تابعة تحكمها الأنظمة الاستبدادية ) و أعتقد أن هذا النهج لن ينجح بعد أن استنشق الشعب البرازيلي ككل شعوب أمريكا الجنوبية هواء الحرية .
و أخيراً هل الجدار الذي يحاول أن يبنيه ترامب على الحدود مع أمريكا الجنوبية هو جدار فصل بين نظامين نظام مسيطر ناهب لثروات الشعوب في أمريكا الشمالية ، و بين شعوب متطلعة للحرية في أمريكا الجنوبية ، إن المتابع لحركة التاريخ يرى كيف تتبدل الأمور ففي السابق بنى السوفييت جدار الفصل في برلين و كان الفصل بين نظامين و الآن يبني الرأسماليون و المجرمون جدار الفصل بين أنظمة و شعوب ..هذا ماتم في فلسطين جدار الفصل العنصري ، و كما يتم الآن في أمريكا – يحاول ترامب بناء جدار الفصل العنصري بين الشعوب – و تؤكد تجربة التاريخ أن هذه الجدران ستهدم عاجلا أم آجلا لصالح الحرية و ستُهْدَم معها أنظمة مستبدة عنصرية.

  • Social Links:

Leave a Reply