إلى عمر البشير: تسقط بس؟؟؟مايا العمر

إلى عمر البشير: تسقط بس؟؟؟مايا العمر

لا يبدو أنّ اليأس يدقّ أبواب السودانيّين لا من قريب ولا من بعيد، ذاك أنّ الرئيس عمر البشير ماضٍ في إجراءاته التصحيحيّة وتعديلاته الوزاريّة، والمتظاهرين، شبّاناً وشابّات، ماضون نحو المزيد من “المواكب” أو المسيرات الاحتجاجيّة لمطالبته بالتنحّي وحلّ الحكومة الحاليّة، على غرار موكب 6 يناير، أو موكب الرحيل، الذي انطلق يوم الأحد باتّجاه القصر الجمهوري من السوق العربي، وبري، وسوق أبو الحمامة، وتقاطع باشدر، وتجمّع أساتذة جامعة الخرطوم الذي اعتُقل عددٌ منهم، وتعرّض محتجّون ومحتجّات آخرون للضرب.

“حريّة سلام وعدالة، الثورة خيار الشعب”، هكذا هتف السودانيّون. وحين حاول النظام اللّعب على وتر نظريّة المؤامرة والعبث بالشؤون الداخليّة وتهديد الأمن والاستقرار، مُحيياً نظريّات العمالة والاندساس المُتوقّعة، ردّ محتجّون: “يا عنصري ومغرور، كل البلد دارفور”، في دلالة إلى وحدة المطالب بين الخرطوم ودارفور وكلّ المدن المهمّشة، كما علّقت لـ”درج” ناشطة سودانيّة فضّلت عدم الكشف عن اسمها.

“مدن السودان تنتفض”، وستظلّ تنتفض، كما تدلّ لوائح مواعيد المواكب المستمرّة. لم يعد مطلب إلغاء رفع سعر رغيف الخبز من جنيه سوداني إلى ثلاثة، والحدّ من ارتفاع أسعار الوقود الذي تعتمد عليه المواصلات العامّة ومعظم مستخدميها من طلّاب وموظّفين، وحلّ مشكلة سعر صرف العملة والتضخّم والسوق السوداء والطوابير المنتظرة أمام البنوك والصرّافين، هي عناوين احتجاجات ومسيرات السودانيّين.

“تسقط بس” بات المطلب الأوحد والجامع. فالحشود المحتجّة لا يبدو أنّها سترضى بالتعديلات الوزاريّة والإصلاحات الطفيفة التي بدأ الرئيس السوداني عمر البشير بإدخالها والتلويح بالمزيد منها في خطاباته المتتالية عقب هذه الموجة الاعتراضيّة، ما دام نظامه الذي أنتج هذه الأزمات صامداً منذ ثلاثين عاماً إلى اليوم، يقمع ويبطش ويُفسد ويهدر موارد البلاد وثروات شعبها. وها هي الموارد التي تُستثمر بجزئها الأكبر في قطاع الجيش والأمن تُشارف على الانتهاء، ليتضاعف اعتماد الحكومة أكثر فأكثر على شركات أمنية خاصّة كشركة فاغنر الروسيّة المتّهمة بسرقة موارد البلاد، بخاصّة الذهب، وتدريب الكوادر الأمنيّة لصالح الرئيس عمر البشير؛ وعلى دولة قطر التي دعمت البشير علناً على لسان أميرها حمد بن تميم آل ثاني، وعلى اليد السعوديّة علّها تسعفها أيضاً، لتتمكّن على الأقلّ من تسديد رواتب موظّفي الأمن الذين يستخدمهم النظام سلاحاً في وجه المتظاهرين.

هذا النظام “يبدو مرتبكًا اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى بسبب شحّ موارده” -رغم رفع الولايات المتّحدة الأميركيّة في تشرين الأوّل/أوكتوبر 2017 الحصار الاقتصادي المفروض عليه- “وبفضل استمرار حدّة الاحتجاجات وتصاعدها في وجهه، وصلابة إرادة المشاركين فيها، وتعاطف عدد من موظّفي الأمن والقطاع العام معهم”، كما أفادت الناشطة السودانيّة في تعليقها لـ”درج”.

من صفحة “تجمّع المهنيّين السودانيّين” على فايسبوك

حكومة عمر البشير ونظامه الأمني الباطش لم يعد مرحّباً بهما. شعار “الشعب يريد إسقاط النظام” يصدح منذ أسابيع في عشرات الشوارع في مدن الخرطوم، في عَطبرة، وأم درمان، وشمال كردفان، ودنقلا، وغيرها؛ ولن يكفي السودانيّين بعد الآن وعدٌ من هنا وفتات إصلاح من هناك يعلمون أنّه لن يكون سوى امتداد للنهج الاقتصادي نفسه، والنهج الأمني التابع لحزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي جابه الاحتجاجات بالغاز المسيّل للدموع في محاولةٍ لتفرقة المحتجّين، وإعلان حالات الطوارئ وحظر التجوّل في عددٍ من الولايات، واعتقال ما يفوق الـ 300 شخص، رُصدت من بينهم  40 حالة قتل بالرصاص أو تحت التعذيب، وفق ما جاء في تقرير لحركة “المستقلّون” التي وثّقت الحالات والأسماء التي استطاعت تسجيلها حتّى تاريخ 3 كانون الثاني/يناير 2019.

التعتيم الإعلامي

تشرح الناشطة السودانيّة لـ”درج” أنّ التعتيم الإعلامي الذي يشهده السودان ومسيراته الحاشدة منذ انطلاقها يوم 19 كانون الأوّل/ديسمبر 2018، “لا يرجع بالضرورة إلى إهمال تتحمّل مسؤوليّته وسائل الإعلام، إنّما مردّه منع التصوير والتوثيق الذي فرضته قوى السلطة على المتظاهرين والصحافيّين”.

يُضاف إلى هذا التضييق الإيقاف الجزئي لمواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي، وتعرّض كلّ صحافي أو مواطن تجرّأ وحمل كاميرته لخطر مسح تسجيلاته، واعتقاله، والتحقيق معه على يد جهاز الأمن والمخابرات الوطني، بل وحتّى الاعتداء عليه وعلى طاقمه الإعلامي، مثلما حصل مع المراسلة السودانيّة يُسرى الباقر وغيرها من الذين لم تُثنِهم المخاطر عن الاستمرار بإيجاد طرق لنقل الصورة والمستجدّات الداخليّة إلى الخارج

  • Social Links:

Leave a Reply