أين أنت يا جهاد؟

أين أنت يا جهاد؟

عبد الرزاق دحنون

(جهاد أسعد محمد من الجريدة إلى الزنزانة)
في ١٠ آب ٢٠١٣، اعتقلت قوات الأمن جهاد أسعد محمد بالقرب من شارع الثورة في وسط العاصمة.
وكالات الأنباء
1
لم يقبل جهاد أسعد محمد مغادرة العاصمة رغم كل الضغوطات التي كانت تمارس عليه، كالتهديدات المباشرة على حياته، والملاحقة والتضييق الأمني الذي بات يحاصر كل النشطاء في الداخل.
2
العاصمة أصبحت في نظر جهاد أسعد محمد، الزنزانة الواسعة التي يمشي فيها متوجّساً وجوه الملايين من المارّة الخاضعين تحت إمرة السجّان الواحد, الجلاد الواحد, الوجوه ذاتها توحي لجهاد الألم والشفقة, كلّهم ضحايا, ضحايا الاستبداد، ومنهم ضحايا أنفسهم التي آثرت العبودية عوضاً عن الحرية المُطلقة.
3
يقبع مئات الآلاف في مراكز اعتقال لا تعدّ ولا تحصى في جميع أنحاء البلاد. أغلبهم ليسوا من الناشطين البارزين أو أصحاب الرأي والمنسقين في الثورة, يتساوى لدى النظام كل المعتقلين في تهمة الإرهاب…الكلمة الحرّة “إرهاب” الرأي الحرّ في الساحات “إرهاب” التظاهر في الجامعات “إرهاب” التعبير على شبكات التواصل الاجتماعي “إرهاب” الأغنية على شاشة التلفاز “إرهاب” سميح شقير “إرهاب”
4
ولد جهاد أسعد محمد عام ١٩٦٨ في منطقة القلمون، وهو الأخ الأكبر بين تسعة إخوة وأخوات ترعرعوا في كنف عائلة يسارية. بين عامي 2003 / 2004، بثّت إذاعة صوت الشعب أساطير شعبية من تأليف وإعداد جهاد أسعد محمد. في عام ٢٠٠٦ أصبح سكرتيراً لتحرير جريدة “قاسيون” التي أطلقتها اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين.
5
شجّع جهاد الكتّاب الشباب على المساهمة في الصحيفة وناضل للحفاظ على استمرارية الجريدة لمدة خمس سنوات. استُدعي للاستجواب من قبل جهاز أمن الدولة عقب إجراء مقابلة مع إحدى محطات التلفزة الإخبارية الروسية. تعرّض للمضايقات والاستدعاء الأمني أكثر من مرة قبل اندلاع الثورة لمواقفه المناهضة للحكومة التي تمثّلت بمقالات عن الفساد المستشري بين المؤسسات الحكومية وكبار المسؤولين. في مارس/ آذار 2011، نشر جهاد عدداً من المقالات التي تناصر المطالب الإصلاحية السلمية، وانتقد فيها قمع قوات الأمن العنيف للمحتجين.
7
في ١٠ آب ٢٠١٣، اعتقلت قوات الأمن جهاد أسعد محمد بالقرب من شارع الثورة في وسط العاصمة. جهاد أسعد محمد الذي عملَ على مشروع وطني ديمقراطي في كتاباته ولقاءاته ونشاطه مع باقي الناشطين، يقبع الآن في أقبية المخابرات بتهّمةٍ تليقُ بجلاده ولا يعرفها قلب الثائر الحر مُطلقاً.
8
بالنسبة له، الثورة كشفت العديد من الحقائق. أكبرها، كما كتب، هي أن الزمن الذي كانت فيه سلطة القهر للنخبة السياسية الفاسدة والجوفاء تهيمن على الخاضعين لها قد ولى. ولم يعد هنالك ما يخسره سوى القيود التي تكبّله وتعيق تحرره. علاوة على ذلك، يضيف: إن الذي يقتل شعبه ويحرق وطنه، ومدنه، والقلاع التاريخية والتراثية، لا يحق له الادعاء أنه يدعم نضالات الشعوب الأخرى من أجل الحرية.

  • Social Links:

Leave a Reply