الائتلاف الوطني والفساد

الائتلاف الوطني والفساد

دراسة موجزة
2013 كنت احدهم . كانوا اربع مرشحين لدخول الائتلاف الوطني ممثلين للقوى الثورية في محافظة ادلب .صوت حينها في الائتلاف لاختيار أخ من المعرة ,عرفت فيما بعد اني كنت محظوظا بعدم دخولي ذلك الجسم الذي أسس في نهاية 2012 ليكون هدفه المفترض ان يكون جسما ثوريا يفتح عضويته لكافة أطياف المعارضة السورية .
على مر الأيام نخر الفساد تلك المؤسسة واكمل عليها الترهل والإدارة الخاطئة للملف السياسي و كان هذا عاملا مهما في تراجع الثورة السورية وتعميق مأساة السوريين.
منذ يومين شاهدت برنامج ( انت بتعرف )على تلفزيون الاورينت تكلم البرنامج حول موضوعين على درجة عالية من الأهمية هما الفساد المالي لرئيس الائتلاف السابق احمد الجربا وعملية شراء الأصوات في انتخابات الائتلاف.
كانت معلومات البرنامج والوثائق التي عرضها صادمة لكل من تابع البرنامج حول فساد وسرقات من فئة عشرات الملايين من الدولارات لدى عضو واحد من الائتلاف وكنت أتساءل كم سيكون حجم ذلك الفساد على مستوى الائتلاف كله.
لكن احد لا يستطيع ان ينكر وجود أعضاء في الائتلاف لم يتلوثوا بالمال الحرام ولم يدخلوا في الألعاب القذرة التي تم بها في لعبة شراء الأصوات في انتخابات الائتلاف في دوراته المتعاقبة لكن هؤلاء اكتفوا بأن يغيروا المنكر بقلوبهم لا بأيديهم أولسانهم ومنهم من لم يستطع احتمال كل ما شاهده فغادر الائتلاف مبكرا .
لكن السؤال لماذا حدث ذلك في مؤسسات المعارضة سنحاول فهم ذلك في هذه الدراسة الموجزة حيث ارى ان ذلك يعود للأسباب التالية :
اولا-تغييب المؤسسات الذي بدء من ايام المجلس الوطني واستمر هذا في الائتلاف حيث لم يتوفر في جسمي المعارضة السورية نظام مالي ولا مؤسسة رقابية تتبع الهيئات العامة لها.
يوم التقيته حدثني المفتش الأول سابقا في مجلس الوزراء الأخ سليمان الحاج حامد والذي انشق عن النظام في أوائل الثورة السورية كيف تم رفض الاقتراح الذي قدمه لرئيس المجلس الوطني ومن للائتلاف الوطني لأقامة نظام رقابة مالية لتلك المؤسستين بهدف خلق رقابة مالية استباقية وانشاء نظام مالي ذو ضوابط تمنع اي انحراف او فساد
من المؤكد ان الرقابة تلك لو طبقت فإنها كانت ستعمل على منع عمليات الفساد في تلك المؤسسات لأنه من المعروف ان المال الداشر يعلم الناس الحرام ولأنه من المؤكد ان النظام الرقابي المقترح والذي رفضت قيادات المعارضة تطبيقه كان سيعمل على منع الهدر وسرقة المال العام ويتابع الأشخاص الذين تم صرف المبالغ لهم من مؤسسات او فصائل من الجيش الحر او المخيمات او الإغاثة ليتأكد كيف صرفت تلك الأموال لهم ومأل تك الأموال وكان سيعمل على ايجاد ألية لتوزيع التبرعات و الأموال الواردة و ضبطها فلا تكفي في الكثير من الأحيان الضوابط الداخلية للإنسان في منعه من الخطأ بل نحن جميعا بحاجة الى ضوابط خارجية تمنع تجاوزات النفس الإنسانية الامارة بالسوء.
ثانيا :اختيار الأعضاء في الائتلاف والمجلس الوطني
لم تكن هنالك الية واضحة او نظام مؤسساتي يضبط قبول الأعضاء مما سمح بحصول اختراق النظام لتلك المجالس ودخل اليها اشخاص لديهم سوابق جنائية واشخاص تابعون للنظام انشقوا فيما والتحقوا به فيما بعد
لأنه من المعروف في بناء أي مؤسسة اذا تم ادخال العناصر لها بدون دراسة عنم وبدون ضوابط واضحة وبدون سيرة ذاتية بتم التحقق منها فان هذا سيكون وبالا على تلك المؤسسة
ايضا بسبب ذلك فقد سمح لدول عديدة بتكوين لوبيات داحل تلك المؤسسات وهذا ما اثر على قرارات تلك المؤسسات وكان للمداخلات الدولية عامة والغربية خاصة دور في حرف الائتلاف والمجلس الوطني عن اهداف الثورة مما سبب بحصول أخطاء سياسية كبيرة وزيادة معاناة السوريين
لقد كانت الانتخابات في الائتلاف وصمة عار عليه وعلى شخوصه حيث كان شراء الأصوات يتم بطريقة شبه علنية.
ثالثا .عملية الافساد المتعمدة التي كانت تقوم بها بعض دول الخليج حين كانت تقدم تبرعات للثورة السورية على الطريقة البدوية بتسليم الأموال ومن فئة عشرات الملايين من الدولارات كما حصل مع احمد الجربة بطريق الكاش لأشخاص قياديين في الائتلاف دون مرور على مؤسسة الائتلاف الرسمية وكان هذا الامر متعمدا لان الفساد هذا كفيل بنخر وتدمير أي مؤسسة ويمنعها من تحقيق أهدافها ويجعل قطيعة بينها وبين أهدافها ومع قاعدتها الشعبية وهذا ماكان يصب في هدف تدمير الثورة السورية كي لا تنتقل عدوى الثورات لدولهم مع حركة الربيع العربي التي بدئت بثورة تونس
رابعا : من المستغرب ان هنالك أعضاء من الائتلاف حملوا يوما ما قضية عامة، وسجنوا من أجلها وكانوا من رموز الثورة ولهم تاريخ سياسي ناصع فقد ضحوا ودخلوا المعتقلات وسجون النظام مبكرا منذ السبعينات ولسنوات ليست قليلة على حلم تغيير النظام ولم يتلوثوا بالمال الحرام لكنهم لم يكونوا على قدر المسؤولية وشاهدوا التجاوزات وسكتوا عليها املا في ان يستطيعوا تغيير الواقع فمنهم من استمر في هذا ومنهم من خرج مبكرا لكن العديد من هؤلاء لم يتركوا الائتلاف حينها لأن لديهم خطة سياسية ورؤيا حاولوا تطبيقها وصمتوا لأنهم كانوا يريدون العمل في الوقت الذي كانوا يعانون من تدبير أمور حياتهم فقد صادر النظام املاكهم وتشردوا رجعوا الى خط الصفر في القدرة المالية.
كتب احدهم : لقد كنت في صراع داخل النفس عنيف ,ان تركت الائتلاف مشكلة وان بقيت في الائتلاف لهي مشكلة اكبر لم يكن لنا راتب نستطيع به التحرك والسفر الذي يستلزمه التفرغ للعمل السياسي , لقد وضعنا في مواقف صعبة , نتسول كي نعيش وعائلاتنا ,لم يكن لدينا بديل قانوني شرعي قانوني لنعيش ولا نريد ان نمد يدنا لأموال الإغاثة .
لقد كان هنالك عوامل ضغط عربية ودولية في تعيين اشخاص في الائتلاف جعلت صوت المعارضين الشرفاء ضعيف , لقد كانت خيارتهم محدودة في القرار وصبروا على امل التغيير.
ماذا بعد
حلقة الاورينت حول الفساد في الائتلاف يجب الا تكون مثل المرحلة التي قبلها ابدا .في الغرب استقالت وزيرة لأنها استخدمت بطاقة حكومية في تعبئة سيارتها بالبنزين حين لم تكن تحمل نقودا في بطاقتها البنكية فكيف يمر ما ذكر في حلقة برنامج الاورينت من اهوال دون البدء بتغير جذري وحقيقي وليس شكلي او تجميلي في هذه المؤسسة التي دخلت في الموت السريري وهذا ما ننتظره اليوم وليس الغد
مأمون السيد عيسى

  • Social Links:

Leave a Reply