شهداء الحزب الشيوعي اللبناني – تاريخ تعمَّد وكُتِبَ بدم الشرفاء الأحرار

شهداء الحزب الشيوعي اللبناني – تاريخ تعمَّد وكُتِبَ بدم الشرفاء الأحرار

سلام شكر

تاريخ وذاكرة

هكذا اغتال المحور السوري – الإيراني قادة وكوادر الشيوعيين والوطنيين

 

في 18 أيار من العام 1987، وبعدما تمادت سوريا وحلفاؤها في تصفية العدد الكبير من قيادات وكوادر الحزب الشيوعي اللبناني، وقف الأمين العام للحزب آنذاك جورج حاوي في تأبين المفكر والقيادي في الحزب حسن حمدان (مهدي عامل) في جامع الإمام علي في الطريق الجديدة، بحضور حشود من الشيوعيين ومناصريهم والمثقفين، والغصة في حلقه، وقال: “أصبح المشهد مملاً، أليس كذلك يا رفاق؟

 

مهدي عامل كان اغتيل وهو في طريقه إلى جامعته، بعد نحو ثلاثة أشهر على عودة القوات السورية إلى بيروت وعلى أثر افتعالها اشتباكات بين الحزب الشيوعي والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة، وحركة أمل وحلفائها من أدوات النظام السوري من جهة ثانية، كتبرير لعودتها إلى بيروت والسيطرة عليها.

 

القاتل لم يكن مجهولاً، أفصح عن نفسه أثناء تقبل التعازي بالشهيد مهدي عامل في مركز الحزب الشيوعي في وطى المصيطبة، حين خاطب رئيس فرع المعلومات في القوات السورية في لبنان آنذاك غازي كنعان، قيادة الحزب قائلاً: “هل كان ضرورياً أن تدفعوا هذا الثمن؟”.

 

جورج حاوي وقيادة الحزب كانا يعرفان أيضاً القاتل، ويعرفان دوافعه وأهدافه. فغازي كنعان كان قد طلب منهما إحاطته والتنسيق معه في كل عمليات “جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية” وبرنامجها وتحركاتها.

 

جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي أسسها الحزب الشيوعي اللبناني وبعض الأحزاب اللبنانية، وأطلقها في 16 أيلول عام 1982، الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي والأمين العام لمنظمة العمل الشيوعي محسن ابراهيم، أمعن النظام السوري وحلفاؤه في استخدام جميع وسائل الترهيب والتخوين والاغتيال لتطويع من يخالفهم الرأي، فكانت هذه الباقة من الشهداء ومن ضمنهم جورج حاوي. ولم يستكن النظام السوري، ولم يستكن حلفاؤه، فما زالوا يوزعون الاتهامات يميناً وشمالاً بالتخوين واللاوطنية، ضد كل من يخالفهم الرأي، مجرد الرأي.

 

رفض الحزب الطلب.. فكان لا بد من “تأديبه” لخروجه عن الطاعة وتمرده على الحاكم بأمره. ومن هنا بدأ المسلسل الذي كان مشهد اغتيال مهدي عامل أحد فصوله.

 

وأخيراً اضطر الحزب الشيوعي اللبناني للإنكفاء مرغما وتم حصر المقاومة بحزب الله فقط الذي قد أُعدّ لهذه المهمة بدعم سوري – إيراني مادي هائل وسياسي ولوجستي ، فأصبح لاحقاً أداة طيّعة بيد هذا المحور ومواليا له ينفذ مشاريعه وأهدافه ضاربا بعرض الحائط وحدة الشعب اللبناني ومصلحته الوطنية.

 

مسلسل الاغتيالات

 

سبق اغتيال مهدي عامل بثلاثة أشهر مقتل المفكر العربي واللبناني حسين مروة وهو على فراش المرض، وقد قارب الثمانين من عمره، على أيدي ثلاثة أشخاص كانوا معروفين (اتهمهم الحزب الشيوعي في أحد بياناته) وكان من بينهم مسؤول كان مقيما في منطقة الرملة البيضاء حيث كان يسكن مروة.

 

وكان سبقهما عضو المكتب السياسي خليل نعوس الذي كان مسؤولاً عن منظمة بيروت في الحزب الشيوعي وعضواً في مكتبه السياسي، وكاتباً في جريدة النداء، اغتيل فيما كان متوجهاً من بيته في منطقة المصيطبة إلى مركز الحزب الكائن في وطى المصيطبة في 20 شباط 1986.

 

كما خُطف القيادي في الحزب آنذاك ابن حارة حريك ميشال واكد في الرابع من كانون الأول (ديسمبر) عام 1985، من منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية، على بعد أمتار قليلة من مركز أمني تابع لحزب الله، ووجد في 6 شباط 1986 مقتولاً ومشوهاً على شاطئ السان جورج في عين المريسة. أما جريمته فكانت محاولته إعادة المسيحيين الذين هُجّروا من المنطقة من قبل حزب الله، ليشتروا فيما بعد أراضيهم، بأبخس الأثمان، بالترهيب والترغيب، بواسطة عدد من تجار البناء المعروفي الهوية والتمويل، لإقامة ما سمي لاحقاً بالمربع الأمني الخالي من أي وجود طائفي ومذهبي مختلف.

 

اغتيل رئيس تحرير جريدة النداء آنذاك، عضو المكتب السياسي للحزب، سهيل طويلة في 24 شباط عام 1986، بعدما خُطف من بيته الذي يقع في المبنى نفسه حيث تقع المستشارية الإيرانية (سفارة إيران) على جسر برج أبي حيدر، إثر اشتباك بين الشيوعيين وحزب الله، راح ضحيته أربعة عناصر من الأخير. ووُجد سهيل طويلة بعد 24 ساعة من خطفه مقتولاً بست رصاصات في رأسه، مشوهاً ومقتلعة عينه، ومرمياً على مكب النورماندي في عين المريسة.

 

إبعاد الشيوعيين إلى خارج الجنوب ومنعهم من تنفيذ عمليات ضد العدو الإسرائيلي

 

قبل تصفية جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية وإجهاضها من قبل المحور السوري الإيراني، كانت قد استخدمت حركة أمل ضد الشيوعيين والوطنيين مختلف وسائل الترهيب والترويع والاعتداء والتهجير الذي طال معظمهم من بلداتهم وقراهم في الجنوب على قاعدة أنهم غير مرغوب فيهم حيث لجأ أكثر الشيوعيين إلى بلدة الرميلة الشوفية الساحلية القريبة من صيدا، وبعد تصفية جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية تولّت الحركة مع حزب البعث السوري مهمة اعتقال المقاومين ضد الاحتلال الإسرائيلي ومنعهم من تنفيذ مهماتهم. وقد طال هذا التنكيل أيضا عددا لا بأس به من الناشطين المعروفين والكوادر التعليمية والأطباء والنقابيين وغيرهم… ومن الذين تم اعتقالهم وسجنهم وتعذيبهم كامل الصباح وحسن الصباغ وهاني زين الدين وحسن حدرج وأديب وهبي وديب الجسيم وأحمد صالح شقيق النائب السابق عن حركة أمل عبد المجيد صالح، وخليل ريحان الذي نجا من محاولة اغتيال… واللائحة تطول

 

والجدير ذكره هنا أن المحور السوري الإيراني نفذ أيضا مهمة اغتيال قادة وكوادرا من بعض القوى الوطنية والأحزاب والتنظيمات اللبنانية التي كانت حليفة للحزب الشيوعي وتعارض سياسة هذا المحور آنذاك كحزب البعث العراقي (الشهيد موسى شعيب) والحزب السوري القومي الاجتماعي (الشهيد محمد سليم) وحتى حركة أمل نفسها اغتيل لها ثلاثة قادة من قبل هذا المحور هم داوود داوود ومحمود فقيه وحسن سبيتي….

  • Social Links:

Leave a Reply