نحــو عقد مؤتمر دولي خاص بالمعتقلين  والمختفين قسراً في سوريا

نحــو عقد مؤتمر دولي خاص بالمعتقلين  والمختفين قسراً في سوريا

لجنة المعتقلين

تصريحان خاصان مشتركان لـ (Nophotozone) حول عمل هيئة التفاوض السورية على عقد “مؤتمر دولي خاص بالمعتقلين والمختفين قسراً “، استناداً إلى مفاعيل قانون قيصر سيّما المادة (301) منه. بالإضافة إلى القوانين والأحكام الأممية الصادرة ذات الصلة.

ـ في الشق السياسي.

وضّحت السيدة أليس مفرّج رئيسة لجنة المعتقلين في هيئة التفاوض السورية تفاصيل عمل اللجنة في محاولاتها الحثيثة لعقد مؤتمر دولي خاص بالمعتقلين والمختفين قسراً في سوريا، معتبرة هذه الخطوة أكثر من مُلّحة, كما قدّمت براهين اللجنة سياسياً على ضرورة عودة هذا الملف إلى جنيف, وطرحت مقاربتها لتشوّهات هذا الملف الإنساني بجوهره، وانزياحاته نحو السياسي ثم العسكري.

“ إن لجنة المعتقلين والمفقودين السوريين جزء من هيئة التفاوض، وهي لجنة سياسية بطبيعة الحال، إلا أننا ننطلق بعملنا من أسس قانونية، ما يحتّم علينا تلازماً في مسارنا السياسي مع الحقوقي المدني.

لطالما التزمنا وفي كافة نشاطاتنا وتحركاتنا مع مخرجات المنظمات الحقوقية السورية، إننا نستند في أي شأن أو حدث أو تصعيد يخص المعتقلين والمغيبين على توثيقات منظمات العمل المدني، التي نعتبرها سلاحاً في أيدينا نعتمد عليه، كما ندعمه سياسيا بهدف تحريك هذا الملف، بالتقاطع والتواصل والعلاقة مع لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة التي تُصدر تقريراً كل ستة أشهر يُعتمد فيه وبشكل مباشر على هذه الشهادات والتوثيقات.

تقدمنا بطلب للمفوضية السامية للاتحاد الأوروبي منذ عام ونصف ، أكدنا فيه على حاجتنا لعقد مؤتمر دولي خاص بالمعتقلين والمغيبين قسراً استناداً إلى بند نص عليه القرار الأممي (2254) في سياق البنود الإنسانية وذلك بغية تحقيق هذا البند قبل الدخول في أي عملية سياسية , ما من شأنه توفير بيئة تفاوضية صحيّة وسليمة.

الحقيقة إن هذا البند خرج من سياقه الإنساني الحقوقي العام، وتحول إلى ورقة سياسية للمقايضة والضغط، فرُبط ملف المعتقلين والمغيبين في مسار تطور العملية السياسية، وبدأت لقاءات جنيف الماراثونية الصفريّة المُعطِّلة التي لم نخرج منها بأيّة نتيجة, وذلك لأسباب واضحة تتلخص في رفض النظام الجلوس إلى طاولة التفاوض وبالتالي لم يتم نقاش أي ملف تفاوضي.

في كل جلسة مع المبعوث الدولي السابق السيد ( ديمستورا) كنا نطالب بتفعيل بحث هذا الملف، وبالإفراج الفوري عن المعتقلين وبكشف مصير المختفين قسراً.. كما قدمنا آليات إجرائية بهذا الخصوص، ودائما بالتنسيق والتشاركية مع منظمات المجتمع المدني. بالنتيجة ربط هذا الملف بمسار تطور العملية السياسية التفاوضية عطّله وطواه، وذلك بتعطّل العملية وجمودها وعدم تحركها.

انتقل المسار بكلّيته من جنيف إلى أستانة، في أستانة (7) تم الاتفاق على غرفة العمل المشتركة التي اقتصرت على دول الترويكا الثلاث ( روسيا , إيران , تركيا ) طبعا بوجود صوري للنظام والفصائل العسكرية، فاتفقوا على عمليات التبادل بين الطرفين، بدأت اتفاقات خفض التصعيد التي وقّعت عليها الفصائل المشاركة، والتي سرعان ما تحولت إلى سياسة قضم وتسويات أمنية وتسليم, كما قضتْ هذه الاتفاقات (أستانة) بتبادل تسليم المعتقلين في كل منطقة يصار إلى خفض التصعيد العسكري فيها أو تجميده، وهذا ما لم يتم .

هكذا ابتعد ملف المعتقلين والمغيبين أكثر فأكثر عن كونه ملف إنساني بجوهره منتقلاً إلى السياسي ثم العسكري مع أستانة.

لقد رفضنا الاعتراف بغرفة العمل المشتركة، ولم نقبل أن نكون جزءاً من عملها، لقناعتنا أن هذا الملف يجب أن يبقى في جنيف وتحت مضلة الأمم المتحدة، وضمن سياق القرارات الدولية ذات الصلة الصادرة لصالحه، لإيماننا أن هذا المسار هو سلاحنا الوحيد القادر على تحريك هذا الملف، أمام التعنت الروسي الداعم للنظام في مجلس الأمن الدولي.

كما وتحفظنا على آليات عملها، لأن عمليات التبادل على هذا النحو تزيد من حدة العنف والاقتتال إذ أصبح الاقتتال غاية لهدف التبادل، والأخطر أنه أسس لمفهوم مفاده: إن كل معتقل داخل السجون السورية موقوف على أرضية النزاع والاقتتال العسكري، بالوقت الذي تفيد كل الإحصاءات والحالات الموثقة لدينا ولدى المنظمات الحقوقية والمدنية السورية، بأنّ الغالبية العظمى من المعتقلين سلميّيون، لا علاقة لهم بالنزاع المسلح, أيضاً تفيد الوقائع على استخدام النساء كسلاح ضغط في سياق عمليات التبادل والتسليم.

بالإضافة إلى أن الأمم المتحدة بالرغم من حضورها الرسمي في غرفة العمل المشتركة، إلا أنها غير مخوّلة بالمشاركة في وضع أجندات العمل و جداوله، ويقتصر وجودها “الرسمي” على طابع المراقبة فقط. رغم مطالباتها الدائمة كجهة دولية رسمية وجوب إشرافها على هذه العمليات وتقييدها بالمعايير الحقوقية التي لا تتنافى مع القانون الدولي.

نحن بحاجة ماسة لعودة هذا الملف إلى جنيف لسبب آخر أيضاً: تقتضي عمليات التبادل المتفق عليها في أستانة المزامنة والمساواة بمعنى مبادلة شخص من جانب النظام بشخص واحد من جانب المعارضة, وهذا غير منطقي أبداً بالقياس إلى النسبة والتناسب العددي بين معتقلي الطرفين.

كما أن النظام يصرّ على التبادل مع جبهة النصرة فقط، باعتبارها مصنفة على لوائح الإرهاب العالمي تأكيداً على نظريته التي طالما اجتهد لإثباتها وتعويمها بأنه حكومة شرعية تكافح الإرهاب، وأن المعتقلين الموجودين في سجونه هم أسرى حرب مقاتلون إرهابيون مدانون و ليسوا مدنيين سلميين.

استمر تنسيقنا كلجنة مع منظمات العمل المدني لاستمرار رفض هذه العملية التي تساوي بين المعتقلين عند النظام السوري وبين الأسرى الموجودين عند الفصائل المسلحة.

بطبيعة الحال، ندين الانتهاكات التي تقوم بها هذه الفصائل كقوى أمر واقع ، بالمقدار ذاته الذي ندين فيه كل الانتهاكات للمعاير الحقوقية الإنسانية المدنية العامة والخاصة من كل أطراف النزاع، من اعتقال الناشطين المعارضين لسياسات هذه الفصائل، كما ندين الانتهاكات الرهيبة التي حدثت في عفرين من اعتقال للكرد وللعرب على حد سواء. ولكن هذا لا يجعل من قضية المعتقلين والمختفين السوريين في سجون النظام بمنزلة المساواة مع هذه العملية.

طالبنا من الاتحاد الأوروبي أن يرعى عقد هذا المؤتمر الدولي الخاص بالمعتقلين والمختفين قسراً, لكن هذه الإجراءات توقفت الآن بسبب وباء كورونا.

نحن متمسكون المضي بخطين متلازمين كمسار سياسي من جهة و كمسار حقوقي مدني متمثل في المنظمات الحقوقية والمدنية وروابط الضحايا وعوائلهم والناجين منهم، من جهة أخرى، حتى الناجين الخاضعين للتقاضي تحت ما يسمى بند

( الولاية القضائية العالمية الوطنية).

نحن من سنضع أجندة المؤتمر، وسنعمل على أن يكون الحضور الدولي في أعلى مستوياته، وسنبدأ بالتنسيق بيننا وبين هذه الدول، سنبذل كل ما في وسعنا كي تُحال المخرجات الصادرة عن هذا المؤتمر إلى مجلس الأمن حتى يصدر بها قراراً مُلزماً. وهذا التوجه يحتاج إلى إجراءات عملية أولها استحداث بنك مركزي للمعلومات والوثائق، وهي خطوة بدأت بها المنظمات الحقوقية والمدنية في سوريا ونحن ندعمها سياسياً. بمعنى وجوب توحيد جميع القوائم والتوثيقات الموجودة لدى المنظمات ببنك واحد مع استمرار عمليات التوثيق شريطة ألا تستلمه أي دولة، ذلك لأن كل الدول غير محايدة في الملف السوري.

عليه قمنا بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، على أن تكون الجهة المسؤولة عن استلام القوائم في اللحظة التي يتم فيها الوصول إلى اتفاق على ملف المعتقلين.

كم طالبنا ونطالب النظام بتقديم القوائم الموجودة لديه ولكنه دائما ما ينكر وينفي وجود معتقلين بحوزته ، ويصرّ على أن نقدم القوائم بالأسماء المتوفرة لدينا، من جهتنا كطرف سياسي لا نستطيع تقديمها لأن هذا العمل من مسؤولية المنظمات الحقوقية والمدنية العاملة على الأرض. وُعدنا قبل عقد اللجنة الدستورية أن يتم الإفراج عن النساء والأطفال، قُدم من قبل أحد المنظمات قرابة الـ (100) اسم لنساء وأطفال معتقلين عند النظام. حملتهم السيدة خولة مطر مسؤولة ملف المعتقلين ونائبة المبعوث الدولي الخاص السيد ( بيدرسون) ـ طبعا هذه الأسماء كانت معروفة إعلامياًـ وقدمتها للنظام كخطوة حسن نية فأجابها وزير خارجية النظام وليدالمعلم: ” نحن لا نعتقل النساء والأطفال”.

إن الالتزام بالمعايير الإنسانية والحقوقية بحاجة إلى إرادة دولية، وبالتالي الاتفاق على مخرج لتحريك هذا الملف يتطلب هذه الإرادة كي تُلزم النظام والروس بالجلوس إلى طاولة المفاوضات وتحقق تقدم في مسار العملية السياسية تكون مخرجاتها مُلزمة.

نحن بحاجة لتكاتف الجهود بين المنظمات السورية الحقوقية والمدنية، مع المسار السياسي وربط المسار المحلي الداخلي بالمسار الأممي وهذا هو الدور الذي نقوم به. يجب أن تلتقي هذه الجهود في المؤتمر الدولي للمعتقلين بحيث تكون مخرجاته مُلزمة “.

ـ في الشق القانوني

في ذات المنحى ومن زاوية قانونية، أفادنا السيد ياسر فرحان عضو اللجنة السياسية في الائتلاف الوطني، مسؤول الشأن القانوني في الهيئة بتوضيح السياق القانوني الإجرائي التطبيقي لكيفية تقاطع هذا الملف (ملف المعتقلين) مع قانون سيزر خصوصاً المادة 301 منه.

“ قضية المعتقلين فوق تفاوضية ولا يجب أن يرتبط الإفراج عنهم بالمساومات السياسية المعطّلة. لا يمكن القبول بترك ملف المعتقلين إلى حين الاتفاق السياسي النهائي غير المعلوم زمانه أصلاً، ومع مزيد من العذابات التي يعيشها المعتقلون وأسرهم، ننظر إلى تأجيل الملف على أنه غير أخلاقي وغير إنساني، وأيضاً غير قانوني، فجميع قرارات مجلس الأمن تُطالب بالإفراج الفوري وكذلك مبادئ القانون الدولي.

نُقارب النظر إلى قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين على أنه ورقة جديدة ندفع باستثمارها في قضية المعتقلين، لقد صدر هذا القانون بعد طول انتظار، مُستمداً اسمه من رمزية صور المعتقلين المسربة عبر سيزر، وموضِحاً في عنوانه، أسبابه الموجبة لحماية المدنيين في سورية، ويقضي بفرض عقوبات اقتصادية بحق نظام الأسد والمتعاملين معه.

تُشكل العقوبات الاقتصادية وسيلة ضغط لتحقيق أهداف سياسية، تتراوح في آثارها ضمن مساحات واسعة، تدفعنا لنحرص على ألا تنحرف عن غاياتها الواضحة في عنوان القانون (سيزر لحماية المدنيين في سورية)

وبسبب تعقيدات الحالة السورية عمومًا ونتيجة لجملة إشكاليات سياسية دولية وإقليمية ـ فإننا نحاول إيجاد وسائل ضغط قانونية جديدة، ودوافع استثنائية من أجل إنقاذ المعتقلين، وحماية المدنيين. انطلاقاً من هنا نحثّ كلجنة تُعنى مباشرة بملف المعتقلين والمغيبين قسراً على استثمار قانون قيصر، سيما المادة 301 منه من أجل هذه القضية الإنسانية.

في الفقرة 3 من المادة 301 يمنح القانون الرئيس الأمريكي سلطة تعليق العقوبات كلياً أو جزئياً لفترات لا تتجاوز 180 يوماً ((إذا ما قامت حكومة النظام في سورية بإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين الذين يتم احتجازهم قسراً في سجون نظام بشار الأسد، وبشرط سماح الحكومة السورية بالوصول الكامل لإجراء التحقيقات من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية المناسبة)). إذا ما أراد النظام أن يتخلّص من العقوبات المفروضة عليه بموجب هذا القانون، فلديه فرصة لذلك من خلال الإفراج عن المعتقلين.

يقول النص في ذات المادة، بجواز تعليق العقوبات، إذا ما قام النظام وروسيا، بالكف عن استخدام المجال الجوي لقصف المدنيين، وبالكف عن استخدام الأسلحة المحظورة، وبالتوقف عن استهداف النقاط الطبية والمستشفيات والمدارس والأعيان المدنية. الأمر الذي يعني في تحليل النص، أن السلطات التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة الأمريكية، تؤكد بقانون أقرته، وأصدرته، ونشرته، أن نظامَ الأسد متورطٌ في اعتقال المواطنين المدنيين و السياسيين قسراً خارج القانون، ومرتكبٌ لجميع الجرائم الموصوفة أعلاه. فضلاً عن الحث في متن القانون، على عمليات مساءلة حقيقة لمرتكبي جرائم الحرب، وعلى السماح بالعودة الآمنة والطوعية والكريمة. وهذا يستلزم في المعالجة، ضرورة المضي في ملفي البيئة الآمنة، والعدالة الانتقالية.

من جانب آخر ورغم وضوح المادة 301 من قانون قيصر، يُبقي المُشرِّع في مواد أخرى من نصه على مرونة في التطبيق، تستدعي مزيداً من العمل لتنسجم في آثارها مع عنوان القانون لحماية المدنيين السورين ومع غاياته وأسبابه الموجبة.

نتطلع إلى مقاربة الخيارات السابقة بأنجع الطرق وأقصرها لحماية المدنيين. ونركّز على هذا لأن نظام الأسد يعمل على إغلاق ملف المعتقلين، بتوريد أسمائهم موتى إلى دوائر النفوس، مع أنه يُدين نفسه بهذا التصرف، ويقدم أدلة تورطه بخطفهم، ثم إنكار وجودهم، ثم إخفائهم قسراً طيلة السنوات الماضية.

ندرك إن الحل الجذري لإنهاء عذابات المعتقلين وأسرهم وإنهاء ظواهر التعذيب والتصفية والإخفاء القسري لا يتحقق إلا بالانتقال السياسي الحقيقي، وعليه نجتهد في استثمار قانون قيصر كآلية تدعم عملية الانتقال السياسي في سوريا.

ونحثّ على التعجيل بإصدار اللائحة التنفيذية بطريقة مدروسة، تتضمن حزماً بتنفيذ العقوبات التي تنعكس في آثارها على منظومة الجريمة والفساد، وليس على الشعب السوري “.

 

 

  • Social Links:

Leave a Reply