انتخابات مجلس الشعب في سوريا مسرحية تراجيدية

انتخابات مجلس الشعب في سوريا مسرحية تراجيدية

 عقاب يحيى – القدس العربي

مسرحية تراجيدية تقام في سوريا المحكومة بنظام الاستبداد والفئوية تحت عنوان «انتخابات مجلس الشعب» بواقع أن أغلبية الشعب لا تهتمّ، ولا تقيم وزناً لأنها اعتادت هذه المسرحية عقوداً، وتعرف أدوار الممثلين الكومبارس فيها الذين تختارهم أجهزة الأمن وهي تفحصهم على فرازة خبيرة بالتزييف والإخضاع واختيار التابعين من المتعاملين معها الذين لم يكونوا يومأً يمثلون الشعب السوري، ولا يملكون أي صلاحيات حقيقية، وليسوا أكثر من موظفين برتبة نائب يتقنون البصم، والتصفيق ونهش والتهام ثروات البلاد وتحقيق المكاسب الشخصية، كلّ وفق شطارته ومدى قربه من أجهزة الأمن، ومدى تلبيته للأوامر.

مجاعة حقيقية

كان ذلك قبل الثورة السورية، وعلى مدار عقود حكم آل الأسد فكيف بها الآن ونصف الشعب السوري في اللجوء والنزوح والهجرة الذين يرفضون علانية المشاركة، أو من الذين لا يقدرون على المساهمة فيها، والبلاد مدمّرة في معظم بناها التحتية بفعل ما قام به النظام المجرم في حربه المفتوحة على الشعب والبلاد؟

الأمر من ذلك أن المواطن السوري الذي انحدر وضعه إلى ما دون خطّ الفقر، والذي يعاني مجاعة حقيقية، ويتحمّل معاناة في لقمة العيش، والذي تجاوزت النسبة إلى نحو 90 في المئة من مجموع السكان الخاضعين لسلطة النظام، كيف لهم أن يتعاملوا مع مرشحين مفروضين عليهم لتكوين جسم كان جزءاً من مافيا النهب والفساد؟

وهل يعنيهم مثل هذه المسرحية التي خبروا تركيبها، ومدى صلاحياتها الفعلية، وموقعها من مؤسسات النهب والفساد، ومن كونها جزءاً من مأساتهم، وما وصلت إليه أحوالهم؟

الجبهة الوطنية التقدمية

النظام السوري الذي يعيش حالة انهيار اقتصادي وسياسي بفعل نتائج نهجه التدميري يريد منذ مدة أن يبعث الحياة في رمم «حزب البعث» الواجهة، بعد أن حوّله إلى ممسحة للقاذورات والمفاسد والتهميش، عبر ما أسماه بالاستئناس في اختيار قوائم المرشحين بمشاركة تنظيماته في إعداد القوائم، والكل يعرف أن 169 مرشحاً هم صناعة أجهزة المخابرات، وأن حصة «الجبهة الوطنية التقدمية» العتيدة 16 خضعوا بدورهم للفرز من قبل تلك الأجهزة؟

والأنكى من ذلك ووفق تواتر المعلومات؛ هناك 69 من المرشحين من قادة الميليشيات والشبيحة، ومعظمهم محسوبون على إيران ومجندون في خدمة مشروعها الفارسي، الطائفي؟؟، ومنهم من هو على قوائم العقوبات، وأن المحتل الروسي غاضب لأن التابعين له عدد قليل؟

قانون قيصر

النظام المجرّم فاقد الشرعية أصلاً يحاول ترقيع أوضاعه بهذه المسرحية، والعمل على فرضها بقوة أجهزته الأمنية وباعتقاده أنه بذلك يعمل على تسويق نفسه، ويلتفّ على قانون قيصر الذي دخل حيّز التنفيذ، وهو يضرب عرض الحائط بوجود ما يقارب نصف الشعب السوري خارج سيطرته ممن لا يمكنهم القيام بعملية الانتخاب، ناهيكم على أن معظمهم يرفضون استمرار هذا النظام بكل ترتيباته وهياكله، وقدّ قدّموا التضحيات للخلاص منه ومن إرثه لبناء النظام التعددي، الديمقراطي البديل حين تتوفر ظروف وشروط إقامة انتخابات شفافة لتشكيل مجلس شعب سيّد يتولى فعلاً مهام التشريع، ومراقبة ومحاسبة السلطة التنفيذية، مكوّن من مختلف مكوّنات وفئات الشعب السوري بعيداً عن تدخّل أجهزة الأمن وفرض أتباعها .

بيان جنيف 1 الصادر عن مجلس الأمن (حزيران- يونيو 2012) الذي نصّ على شروط وبنود العملية السياسية في سوريا، وتأمين الانتقال السياسي الشامل، ثم القرار 2254 الذي يشكل الإطار العام للحل السياسي ينصّ صراحة على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة ووفق شروط لا بدّ من تأمينها، وفي مقدمها حلّ جميع الأجهزة الأمنية التابعة للنظام وتشكيل أجهزة حرفية لحماية أمن الوطن والمواطن، وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية لجعلها مؤسسة وطنية مهنية، وتطبيق ما يعرف بـ»إجراءات الثقة» بعد الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين والكشف عن مصير المفقودين، ثم القيام بانتخابات رئاسية وتشريعية، حينها يمكن القول إن الشعب السوري بمختلف أطيافه هو صاحب القرار في اختيار الرئيس، وممثليه في مجلس النواب، وهو الأمر المفقود تماماً حالياً في الوضعية الحالية لما يسمى انتخابات مجلس الشعب والأقرب إلى مسرحية تراجيدية من صناعة وإخراج الأجهزة الأمنية التابعة لنظام مجرم كان السبب الأول والرئيسي في المأساة السورية، التي هي اليوم أكبر المآسي التي عرفها العالم بعد الحرب العالمية الثانية

  • Social Links:

Leave a Reply