وطريق تحرير سوريا يمر من بيروت*

وطريق تحرير سوريا يمر من بيروت*

عدنان عبد الرزاق – زمان الوصل

ليس طريق تحرير القدس يمر من الزبداني أو القصير، لكن طريق تحرير سوريا وخلاصها من المحتل الأسدي والفارسي، على الأرجح يمر من بيروت. فقطع ذيل الأفعى ووكيل طهران بخراب المنطقة، من ضاحية بيروت الجنوبية، سيخفف قتل السوريين ويزيد من الضغط على نظام متهالك، بعد قطع إمدادات الحقد ومعظم إكسير البقاء، التي تجود بها إيران عبر وكلائها، وفي مقدمتهم حسن نصر الله.

عاد الأمل ليل أمس، ربما للمنطقة برمتها، إثر الخيبات المتتالية وما تلاقيه دول الربيع من ثورات مضادة، بعد أن لبى اللبنانيون دعوات التظاهر بعنوان” علقوا المشانق” رداً على فاجعة تفجير مرفأ بيروت، فكسروا، ربما للمرة الأولى، آخر حواجز الخوف، بتعليقهم “الرمزي” لأمين عام حزب الله ورئيس مجلس النواب، على أعواد المشانق، ومر على بيروت ليلاً طويلاً شهد مواجهات بين المتظاهرين وما تسمى قوات حفظ الأمن أو مكافحة الشغب، زادها بيان رئيس الحكومة حسان دياب.

أولى الأسئلة التي تتوثب على الشفاه هنا، ما دور كلمة نصر الله بإشعال الشارع البيروتي وهل انتظر اللبنانيون الكلمة ليحددوا خيارهم؟.

على الأرجح، زاد تفاصح سماحته من احتقان الشارع المكلوم، وسرّع بالغالب بانتفاضة اللبنانيين، فما تخللته كلمة الأمين العام من وقاحة، تجلت برد كرات الاتهام عن حزبه، زادت من وجع آل القتلى الـ 185 والجرحى الذين نافوا ستة آلاف، وتمنوا لو لهؤلاء الآلاف ومصير الملايين، بضمير نصر الله، كما المجرميّن وفق التصنيف الدولي، عماد مغنية أو قاسم سليماني، وقت أجهش السيد بالبكاء وأزبد وتوعّد.

ولعل التذاكي والكيدية البادية على نصر الله خلال كلمته التي أجلها ريثما استجمع تلوّنه، زادت من ردود أفعال البيروتيين، فوجدنا، فضلاً عن المشانق، بعض اقتحامات لجمعية المصارف ومحاولات للبرلمان، في هبة مختلفة، بالشحن والتعبير،عن ثورة اللبنانيين الساكنة منذ فورة وباء “كورونا”.

ولعل السؤال الثاني يتمحور حول دور الفهم المنقوص لمحتلي الزعامة، فخروج رئيس الحكومة حسان دياب مساء أمس، ليرمي بغواية الانتخابات البرلمانية المبكرة، إنما تثير حنق الحالمين ومن كانوا من عيار الأحنف بن قيس، وإن غلفّها برفع “الدوز” قليلاً، عبر تلميح خجل، بمحاسبة المتورطين بالتفجير وأياً كانوا.

فشعب يقدم كل دلائل التفقير وتورّط الرؤساء الثلاثة بخراب لبنان وتهاوي عملته وسوء معيشة أهله، حتى قبل كارثة المرفأ، من المؤكد أنه لا ينتظر تغيير البرلمان المحسوم مسبقاً ومهما ادعى دياب وسواه، من وعود وتجديد وديمقراطية، فأبدية نبيه بري وحدها، كفيلة بإجهاض أي حلم يبدأ من السلطة التشريعية، ناهيك عن قانون المحاصصة الطائفية بالداخل وحصة دول الجوار والإقليم ورشى المال والفرض بمنطق القوة.

وخاتمة أسئلتنا، هل من جدوى وأمل بمظاهرات لبنان بعد فجيعة 4 آب التي أرّخت للبنان الجديد، إثر الانكشاف ونبش كثير من الملفات المنوّمة بدفاتر لبنان القديمة، منذ اتفاق الطائف وربما أقدم؟!

أغلب الظن، أن طرائق قمع المتظاهرين التي شهدناها خلال ثورة لبنان المتقدة تحت الجمر رغم سكونها، لن نراها اليوم، فخروج شبيحة نصر الله وبري وإحراق خيام المتظاهرين وضربهم ورفع شعارات طائفية مستفزة لتبرير الجريمة وقتل الثورة، أو حتى احتلال لبنان وكسر تطلعات شعبه كما شهدنا بالسابع من أيار عام 2008، باتت طرائق مكشوفة من جهة، وما عاد لمندوبي إيران القدرة على استخدامها، بعد “الفورة” العالمية التي نقل بعضها، الرئيس الفرنسي خلال زيارته لبيروت أول من أمس.

وأما إن أقدم وكيلا فارس على تكرار القمع ونبش الأحقاد والطائفية، فيكونان حينها، قد قدما “للخارج” مبرر التدخل أو التسريع به، لأن قرار “يكفي” قد تم اتخاذه وتبقى الطريقة وشكل قطع ذيول إيران، هي المجاهيل بمعادلة ضرورة عودة لبنان قبلة الحرية والديمقراطية، كما كانت قبل مسك حزب الله الحكم بالقوة والسيطرة على قرار لبنان وتطلعات بنيه.

نهاية القول: ربما النصر الأبرز لثورة السوريين، بعد قطع أبدية الأسد عن حكم البلاد، كان تعرية “المقاومة والممانعة” وكشف خدمات ذلك الحلف العميل بتهديم المشرق العربي نيابة عن “العدو الاستراتيجي” وقتل أحلام الشعوب بنيل حريتها وكرامتها، كمقدمة للانتقال لدول ومواطنة بدل المزارع والرعايا، ما يشكل خطراً حقيقياً على الكيان الاسرائيلي بعد اقتلاع المستبدين عن كراسي الوصاية والوراثة.

لذا، تعالت آمال السوريين بمظاهرات بيروت وجاء بيان مثقفين بالأمس، انطلاقاً من اليقينية، أن سراق السلطة بلبنان وموكليهم بإيران، هم أهم قتلة حلم السوريين.

فإن كان الطريق الأوسع لنصر الثورة الذي يمر من طهران، مقطوعاً بإرادة دولية ولغايات وظيفية وتخريبية كبرى، فلا بد من تعظيم الأمل على السير بالطريق الفرعي من بيروت، لأنه يوصل وإن بعيد حين، إلى حرية وكرامة السوريين.

  • Social Links:

Leave a Reply