“حزب الله” مستفيد من عقوبات باسيل

“حزب الله” مستفيد من عقوبات باسيل

عبدالوهاب بدرخان – النهار اللبنانية :

كان المرء ليودّ تصديق ما أدلى به النائب جبران باسيل ردّاً على العقوبات الأميركية، لولا تخبّطاته وتناقضاته وسوابقه في ليّ الحقائق. فهو بحسب روايته “رفض الانصياع” لطلب الاميركيين فكّ علاقته مع “حزب الله”، لكنه بحسب رواية السفيرة دوروثي شيا أبدى استعداداً للانفصال عن “الحزب” “بشروط معينة”، بل زادت أنه “أعرب عن امتنانه لأن الولايات المتحدة جعلته يرى كيف أن العلاقة (مع “الحزب”) غير مؤاتية للتيار (العوني)”. أي أنه شكر الاميركيين على “توعيته”، ويريد اقناع جمهوره بأنه يتعرّض لـ “اغتيال سياسي (أميركي)”، كما أنه يتوقّع من اللبنانيين تقدير “مقاومته” الضغوط الأميركية باعتبار أن الإصرار على الإرتباط بـ “الحزب” هو لمصلحة لبنان واستقراره. الواقع أن باسيل وقع بين فخَّين، الأول منصوب له منذ وثيقة التحالف بين “التيار” و”الحزب” الذي يملك “أدلّة” عليه قد تكون أشد إيلاماً من أدلة واشنطن. وإذا كانت العقوبات الأميركية لا تقتل فإن فكً التحالف مع “الحزب” قد يُختصر بـ “بئس المصير”.

منذ فُرضت عقوبات أميركية على “حزب الله” قبل أعوام كان على باسيل أن “يفهم” من دون أن يستدرج العقوبات إليه، وعندما بدأ التلويح بها جدّياً وإبلاغه أنها آتية لا محالة كان عليه أن “يفهم”، وبعدما أُعلنت وأصبحت ناجزة كان عليه أن “يفهم” ليس من أجل أميركا بل من أجل لبنان، وإذا كان البلد لا يهمه فليفهم من أجل “التيار” وأوهامه الرئاسية، من أجل المسيحيين والصليب الذي يحمله “كل يوم”، بل حتى من أجل “الحزب” نفسه الذي غرق في الجرائم التي ارتكبها، متمتّعاً بغطاء تحالفه مع “التيار”، من الاغتيالات الى “7 أيار 2008” الى القتال في سوريا…

كانت تلك الجرائم كافية لأن يبدأ “التيار” فعلياً التمايز عن “الحزب”، لكن باسيل أبى أن “يفهم”، لا بعدما عاقبته “ثورة 17 تشرين” قبل عام، ولا بعدما عاقبته واشنطن قبل أيام. وحين يقول “لا أنقلب على أي لبناني” فإنه يعتقد أن مساهمته المباشرة في الانقلابات التي هندسها “الحزب” كانت مجهولة، من إسقاط حكومة سعد الحريري عام 2011 (بعد تأكّد اتهام “الحزب” باغتيال رفيق الحريري) الى تحويل “التسوية الرئاسية” (2016) وسيلة لإفشال حكومة الحريري وكل حكومة أخرى. بل ان باسيل تحوّل طوال العقد الماضي رأس حربة في افساد علاقات لبنان مع العرب والعالم، خدمةً للأجندة الإيرانية، فقد أظهرت الأزمة الاقتصادية الخانقة أنه ساهم في نسج عزلة غير مسبوقة للبنان.

المستفيد الأول والوحيد من العقوبات الأميركية لباسيل هو “حزب الله”، إذ حرّرته من الطموحات الرئاسية للنائب المُعاقَب، وسيعمل على الاستثمار في مكابرته وحقده على واشنطن. لم يكن واضحاً ما يعنيه باسيل بقوله للأميركيين: “حرّرتموني”، فبعد العقوبات لم يعد لديه سوى حليف وحيد، وسيكافئه “الحزب” بوظائف شتّى أبرزها مناكفة “القوات اللبنانية” وتعميق الانقسام المسيحي.

  • Social Links:

Leave a Reply