النظام السوري يعرقل اجتماعات اللجنة الدستورية

 النظام السوري يعرقل اجتماعات اللجنة الدستورية

عماد كركص – العربي الجديد:

بعد خمس جولات للجنة الدستورية السورية، انتهت بلا نتائج حيال صياغة دستور جديد للبلاد وفقاً للقرار الأممي 2254، يتجه النظام السوري إلى مزيد من المماطلة، بهدف تمرير الانتخابات الرئاسية المقررة في شهر يونيو/حزيران المقبل وإعادة تنصيب بشار الأسد رئيساً لولاية جديدة، قبل عقد جولة جديدة من اجتماعات اللجنة.

ونقل موقع إذاعة “روزنة” المحلية السورية، عما وصفها بالمصادر المقربة من الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد النظام، أحمد الكزبري، قولها إن الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، لن تعقد قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأشارت المصادر إلى أن المماطلة في الاتفاق على جدول أعمال للجولة السادسة، ستظلّ قائمة حتى انعقاد الانتخابات الرئاسية، وضمان سبع سنوات جديدة للأسد في الحكم. وأكدت أن الحديث الذي سرى أخيراً حول لقاء يجمع رئيسي اللجنة المشتركين، الكزبري وهادي البحرة، كان مجرد إلهاء تسعى إليه دمشق، للادعاء زيفاً باستعدادها المضي في خطوات حقيقية وناجعة للاستمرار بأعمال اللجنة الدستورية.

ما نقله موقع “روزنة”، أكده مصدر مقرب من خارجية النظام، لـ”العربي الجديد”، إذ أشار إلى أن الأحاديث داخل أروقة الخارجية تفيد بهذا السياق، مؤكداً أن وفد النظام سيتذرع أمام المبعوث الأممي غير بيدرسن والدول الفاعلة لتأجيل عقد الجولة السادسة، بحلول شهر رمضان وصعوبة التنقل والتفاوض خلاله بأريحية، مشيراً كذلك إلى أن الوفد وبدعم من الخارجية، يتجهز لخلق ذرائع جديدة بعد انتهاء رمضان لتعطيل انعقاد الجولة حتى تمرير الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها نهاية يونيو المقبل، كما المتوقع.

تحبط هذه التسريبات ما خرج أخيراً على لسان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي أكد أواخر شهر مارس/آذار الماضي، أن هناك اتفاقاً على أن تتضمن الجولة المقبلة للجنة الدستورية السورية عنصراً جديداً يميّزها عن كافة الجولات السابقة، مشيراً إلى أن بلاده تعمل عبر اتصالاتها مع المبعوث الأممي غير بيدرسن إلى سورية وممثلي الحكومة والمعارضة السوريتين، على دفع الأطراف للتقارب. وقال لافروف أيضاً: “الاجتماع المقبل للجنة الدستورية الذي كان مقرراً قبل حلول شهر رمضان، ولا نزال نأمل في إمكانية إجرائه في موعده، يتوقع أن يكون جديداً نوعياً، لأنه للمرة الأولى تمّ الاتفاق على أن يعقد رئيسا وفدي الحكومة والمعارضة خلاله لقاء مباشراً بينهما”، مثمناً الترحيب الذي لاقاه الاتفاق من قبل المبعوث الأممي، و”الذي ساعدت روسيا في التوصل إليه، ونأمل بأن يتحقق”.

وأمام ذلك تبدو موسكو، إما عديمة الحيلة أمام إجبار النظام على التعاطي بجدية حقيقية للجلوس على طاولة اللجنة والبدء بوضع صياغات دستورية تفضي مع تقدم الجولات لكتابة دستور جديد للبلاد، أو أنها لا تزال تراوغ بالتظاهر في ذلك، في حين تدعم خيارات النظام بالمماطلة وعدم الاكتراث لمصير هذا المسار المعقد، والذي بات طويلاً وعقيماً في آن.

وتندرج ضمن ذلك الزيارة التي أجراها مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، إلى دمشق، الخميس الماضي، والتقى خلالها رئيس النظام بشار الأسد. وعلى الرغم من أن وسائل إعلام عربية سرّبت عن اللقاء بأن الأسد تلقى ضغوطاً روسية كانت بمثابة التهديد لدفعه إلى الانخراط بمسارات الحل السياسي، ومنها مشاركة وفده في أعمال اللجنة الدستورية، وإظهار جدّية في الجولات المقبلة من اللجنة، إلا أن أنباء رسمية في هذا الإطار لم تصدر عن أي جهة روسية. من جهتها، أفادت وكالة “سانا” الرسمية للأنباء، والتابعة للنظام، بأن لقاء الأسد ولافرنتييف، بحث مواضيع ذات الشأن السياسي ومنها اجتماعات لجنة مناقشة الدستور، و”الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية لعرقلة عمل اللجنة”، مشيرة إلى أنه تم التأكيد خلال اللقاء أن “أي تقدم على المسار السياسي يتطلب التزاماً بالمبادئ الأساسية والثوابت التي يتمسك بها السوريون بخصوص مكافحة الإرهاب وحماية وحدة وسلامة الأراضي السورية، والتي لا يملك أي طرف الحق في التنازل عنها”.

وفي تعليق على هذه التسريبات، قال يحيى العريضي، عضو القائمة الموسعة للجنة الدستورية عن وفد المعارضة، والمتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية التي انبثق عنها الوفد، بأنه “سواء استؤنف انعقاد أعمال اللجنة الدستورية قبل الانتخابات أو بعدها، فلن تكون مبرراً لإعطاء شرعية لأي انتخابات لا شرعية أساساً”. وأضاف العريضي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “لا أحد يتصور أن تقبل هيئة التفاوض اجتماعاً في جنيف للجنة الدستورية خدمة لمنظومة الاستبداد في دمشق أو الروس، فهي لن تقبل أن تكون شاهد زور على خداع الروس والنظام بأنهم ينخرطون في اللجنة الدستورية”. وشدّد على أنه “إن لم يكن هناك اتفاق على جدول أعمال ومنهجية لإنجاز العمل وإنهائه بسقف زمني محدد، فلن يكون استئناف عمل اللجنة مجدياً”.

من جهتها، قالت عضو اللجنة الدستورية عن قائمة المجتمع المدني، رغداء زيدان، إنه ليست لديها تأكيدات حول التسريبات التي تفيد بأن النظام قد يلجأ لتعطيل انعقاد الجولة المقبلة (السادسة) حتى الانتهاء من انتخابات الرئاسة، لكنها أشارت في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “وفد النظام عوّد الوفدين الآخرين على التعطيل والمماطلة وتضييع الوقت، وهذا كان سمة الجولات السابقة”. ولم تستبعد زيدان ممارسة التعطيل مجدداً من قبل وفد النظام بهدف تمرير الانتخابات الرئاسية المقبلة، معتبرة أن “الانتخابات في حال أجريت أم لا، فلن تؤثر على عمل اللجنة الدستورية، المنفصل عن إجراء الانتخابات، وبالتالي إذا تمكنت اللجنة من صياغة دستور جديد، فهذا الدستور هو الذي سيقرر إجراء انتخابات جديدة في البلاد”. ورأت زيدان أن اللجنة لن تستطيع كتابة دستور “في ظلّ الظروف الحالية، وطالما لا توجد منهجية محددة لعملها”. وحذرت من أنه “في حال عدم التوصل إلى تلك المنهجية، سنستمر في عقد جولات شكلية بلا فائدة ولا مخرجات دستورية حقيقية”، لكنها رأت أنه “من الممكن أن يبقى عمل اللجنة تفاوضياً من جهة، وأحد أبواب الحل من جهة أخرى، وهذا يحتم علينا العمل والضغط لفتح المسارات التفاوضية الأخرى للوصول إلى حلّ حقيقي في سورية، وعدم الاعتماد بشكل رئيس على مسار اللجنة الدستورية”.

ومع نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، انتهت أعمال الجولة الخامسة من اللجنة الدستورية في جنيف، بفشل منسوخ عن الجولات الأربع السابقة. وعلى هامش تلك الجولة، صرّح الرئيس المشترك للجنة عن وفد النظام، أحمد الكزبري، بأن الوفد قبل المشاركة في أعمال اللجنة لمناقشة مواضيع دستورية وليس وضع صياغات دستورية، ملمحاً إلى أن ذلك لا يدخل ضمن صلاحياته. كما أشار إلى أن صياغة دستور يتطلب وقتاً طويلاً وتفاوضاً مستمراً، الأمر الذي دفع المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، لتحميل وفد النظام، بشكل غير مباشر، المسؤولية في فشل الجولة. ولم ينجح بيدرسن بعد ذلك بالوصول إلى التوفيق بين أطراف اللجنة لعقد جولة جديدة، على الرغم من الزيارات المكوكية التي أجراها بين عواصم الدول الفاعلة في الملف السوري، لا سيما موسكو وطهران وأنقرة.

  • Social Links:

Leave a Reply