عن عارف ياسين.. الذي “هزم الأحزاب وحده”

عن عارف ياسين.. الذي “هزم الأحزاب وحده”

نادر فوز – المدن:

عارف ياسين، نقيب للمهندسين في بيروت. ويمكن لانتافضة 17 تشرين أن تبدأ العمل غداً  لتغيير واقع المهندسين ونقابتهم. فياسين خاض معركة ضروساً باسم ائتلاف النقابة تنتفض، ضد أحزاب السلطة. وهي ألصقت به التهم الممكنة لتشويه صورته، وضرب الوجه الأساسي لائتلاف قوى التغيير. لكن ذلك لم يفلح. فبين المهندسين، أسوة بباقي القطاعات، ثمة مد شعبي يريد إسقاط السلطة والمنظومة أينما تيسّر ومتى تيسّر ذلك.

 

الصورة المشوّهة

“ممنوع أن يربح عارف ياسين”، عبارة تناقلها مهندسون على لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري. ممنوع أن يربح لأنّ تمثيل الطائفة الشيعية يحتكره ثنائيها الحزبي السلطوي. ولا يزاح حجر من دون اتفاقهما وموافقتهما على إزاحته.

حزب الله هاجمه أيضاً من خلال مهاجمة العلمانيين وروح 17 تشرين. وتيار المستقبل خاض معركة النقابة من منطلق أنّ النقيب من حصّته، حسب القسمة المعروفة والمتّفق عليها. والقوات اللبنانية وصفت عارف ياسين بالشيوعي. وألصقت به مساوئ سياسية بدءاً من تصنيفه مقرباً من حزب الله، ومن النظام السوري، وشيوعي يبغي السيطرة على النقابة. وهكذا كان عارف ياسين محور تقاطع الهجوم على ائتلاف النقابة تنتفض، والوجه الذي أسقط هذا الهجوم وأحزاب السلطة.

 

عارف شو؟

ثمة من يعرف عارف ياسين شخصياً منذ عقدين أو أكثر. وبعضهم يعرفه منذ أكثر من عقود ثلاثة. وفي سؤال حشري، مستمدّ من المعضلة أو المتلازمة اللبنانية: “عارف شو؟ مهندس شو؟”. والجواب: مرشّح النقابة تنتفض. صح، أوكي، “لكن عارف شو؟ شو عارف؟ شو طائفتو؟”. والحواب هنا: لا نعرف. وفعلياً، عدد من أصدقائه لا يعلمون (وكاتب هذا المقال منهم) هويّته الطائفية في سجلّات النفوس. وهم غير معنيين بذلك أساساً. وعارف ياسين، تأكيداً على خياراته الوطنية والسياسية والمدنية، من مئات أو ربما قلّة من اللبنانيين الذين تجاوزوا الانتماءات الطائفية على الورق، بعد تجاوزها في النفوس. فهو شطب مذهبه وطائفته عن هويته.

لكن يبقى السؤال حائراً في بعض النفوس المريضة. ولعلّ في الجواب شفاء لأمراضهم، أو مادة للهجوم عليه.

 

سيرة نقابية

ولد عارف ياسين عام 1963 في برج حمود. “لست شيعياً، ولا سنياً ولا مسيحياً”، يقول إن سُئل. يكلّل عارف ياسين مسيرته اليوم – وهي بدأت عام 1990، في نقابة المهندسين. انتسب إليها في ذلك العام، وبات عضواً منتخباً في مجلس المندوبين عام 1998، بعدما كان عضواً في لجان العمل لإصدار قانون تنظيم المهنة عام 1997. واستمرّ في عمله النقابي إلى اليوم. وكان من معدّي نظام إدارة جلسات مجلس المندوبين عام 2004، وهو أمين سر الفرع الأول منذ عام 2019، وعضو اللجنة التي أسست مركز التدريب في النقابة. ومع هذا النشاط النقابي، إدراك فعلي لحجم الأزمة التي تعيشها النقابة وتلك التي يعيشها المهندسون أساساً.

اليوم، نجح عارف ياسين في انتخابات نقيب المهندسين. وبإسم “النقابة تنتفض”، منيت أحزاب السلطة بالهزيمة. فوز يؤكد سقوط سطوة تجمّعات الطوائف وتحاصصها. انتصار يكسر احتكار التمثيل داخل الطوائف. انتصار يكرس فعلياً منطق الثنائيات والأقطاب. ويشير أيضاً إلى أنّ إدارة المعارك الانتخابية ضد هذه السلطة ممكن، على أرض السلطة وفي ملعبها.

 

ثمة ما يبعث الأمل. ثمة ما يؤكد على أنّ هذه المنظومة الصدئة، مترنّحة وقابلة للكسر.

  • Social Links:

Leave a Reply