صرخة
الارتزاق
صبحي دسوقي رئيس اتحاد كتاب سورية الاحرار
أعجب من الذين يمتلكون مواهب إبداعية ويكرسونها لصالح تحقيق مكاسبهم الشخصية البحتة، وينزلقون من أجل ذلك إلى أسوأ المواقف متمسحين بالآخرين الذين يمتلكون مناصب أو ثروات .
وهم يستغلون كل السبل والمنابر المتاحة من أجل بذل ماء الوجه أمام المتنفذين، متناسين أن المواهب التي يمتلكون بعضها يجب أن تكرس أصلاً من أجل مثل عليا، ومن أجل خدمة الإنسان وقضاياه المصيرية، متناسين مقولة:
( ماذا تربح إذا كسبت أموال العالم وخسرت نفسك ؟؟ !! ).
وهم يتمادون في جني الأرباح من خلال علاقات فرضتها ظروف حالية، واتساع رقعة الصحف التي تهب المال لهم، إنها الصفحات البيضاء التي تريد أن تملأ بأي حبر وأي كلام مهما كان مستواه، ومهما كان مصدره أو أهميته .
إنهم يريدون تأسيس العلاقات الخاطئة وجعلها السائدة من خلال منظورهم الخاص، وهم لا يألون جهداً في البحث حول الشخصيات التي تمكنهم من تحقيق مآربهم وأحلامهم الدونية، ثم صياغة أعمال “قصص – مقالات” تنصب عل المدح وإظهار تلك الشخصيات عل أنها الأكثر رقياً ، وأنها الأكثر نقاء في هذا العالم .
ومن خلال معرفتي الشخصية “والتي أأسف عليها” ببعض هذه النماذج فإنني أدعو إلى إزالة الأقنعة عن تلك الوجوه، وإظهار الوجه الحقيقي، الانتهازي، الذي لا يتوانى عن ابتداع أكثر السبل دناءة من أجل تحقيق منافعه الشخصية .
أعرف أننا نمر في مرحلة احتياج مادية، وفاقة وعوز، وقلة ذات اليد، لكن هذا لا يعطينا المبرر لأن ننحني أمام المغريات والسعي لاختلاق الفرص والسبل التي تحقق المزيد من المجد المالي .
وأتساءل هنا عن المقدار المادي الذي سيحققه هذا الشخص أو غيره من خلال مواقفه هذه، وأقيسها بحجم التنازلات التي يبذلها والتي سيبذلها ، فأجد الثمن مقرفاَ إلى حدود قاهرة .
أحدهم تجمعه المصادفة بصاحب دار نشر يبدي استعداده لنشر كتاب له، فيسارع إلى تسطير مقال يصور فيه صاحب الدار أنه الأكثر نقاء في هذا العالم ، وأنه يوازي بصدقه ونبله القديسين.
وآخر يلتقي بمعد برنامج تلفزيوني، فيكتب مقالة عن ذاك البرنامج ومعده يرفعه فيه إلى مستويات عالية من الجودة والإتقان.
وثالث يتعرف إلى مخرج تلفزيوني يعده بإخراج عمل له فيسارع للكتابة عن إبداعات ذاك المخرج ويضعه في مكانة تتفوق على موقع أهم المخرجين العرب والعالميين.
وهكذا تنساب المواقف والتنازلات والكتابات الاستهلاكية والتي تفرد لها بعض الصحف والمجلات حيزاً ما .
نموذج آخر ينشر قصة له في أكثر من منبر، وفي كل مرة يهدي ذات القصة إلى صاحب الصحيفة أو رئيس تحرير المجلة .
ومجموعة من الكتبة تدافع عن إبداعات المقربين ، من قبيل التمسك بالمثل:
( – حك لي .. تا أحك لك )… وتكتب مدحاَ عمن تناول كتاباتهم بالمديح.
أنا لا أريد التجني على شخص، أو أشخاص، لكنني أدين هذه الظاهرة الانتهازية التي تسيء إلينا نحن الأدباء وإلى مواقفنا ومكانتنا عند الآخرين.
وقد بدأت أسمع عبارات الاستهزاء والاستهجان من قبل الآخرين بهذه المواقف، وهم يشيرون إلى تلك النماذج على أنها الوجه الناصع للحياة الثقافية، ولأننا بطريقة ما أو بأخرى عزفنا عن النشر وأردنا التشبث بما تبقى من مواقفنا الإنساني فتركنا الساحة مشرعة لهم.
ختاماَ :
أريد التأكيد على ضرورة التمسك بما تبقى من حياء في الجباه أم أنها نضبت؟؟؟ !!!.
Social Links: