من جنيف 1 إلى جنيف 4 – الهروب المتواصل من استحقاقات الحل في سورية – مصطفى الدروبي

من جنيف 1 إلى جنيف 4 – الهروب المتواصل من استحقاقات الحل في سورية – مصطفى الدروبي

دأب النظام ومنذ انطلاقة الثورة السورية في منتصف آذار 2011 على الهروب نحو الأمام والعمل على إفشال كل المحاولات لإيجاد حل سياسي يفضي للانتقال بسوريا من الاستبداد إلى الدولة المدنية الديمقراطية ، ولم يكن الالتفاف على مبادرات الجامعة العربية وإفشال دورها في منع ذهاب سوريا إلى المجهول بعد انطلاقة الثورة بشهور قليلة هي أولى محاولات النظام في التّهرب من الاستحقاقات الملحة بل ظل يناور ويماطل طيلة سنوات الثورة الخمس مراهناً هو وحلفاءه على وأد الثورة وإعادة بسط سيطرته على المواقع التي خسرها على الأرض بعد إفشال مهمتيّ المبعوثين الأممييّن كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي حيث كان وفد النظام وعلى الدوام يتهرب من البند الرئيس الذي جاء في بيان جنيف1 ألا وهو تشكيل هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات…ثم جاء تعيين ستيفان دي مستورا في مطلع تموز/ يوليو 2014 مع انسداد أفق الحل السياسيّ في الأزمة السورية، وذلك بعد فشل مؤتمر “جنيف 2″، وعجز الأطراف الراعية للمؤتمر عن إطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين النظام والمعارضة ولم يقدِّم دي مستورا تصورًا لحلٍ شاملٍ للأزمة، بل قدّم ما يعتبره محاولةً “لتحريك” العجلة لإيجاد حلٍ لها. وكل ما قدمه يسير في إطار التفاهم بين الأمريكان وروسيا ولم يستطع أن يحقق اختراقاً مهماً حتى تاريخه. ..حيث جاءت جولات التفاوض في جنيف3 وجنيف4 لتصطدم بمراوغة النظام وحماته من الروس والإيرانيين لشراء أوقات جديدة من أجل العمل على سحق قوى الثورة وخلق وقائع جديدة على الارض ظناً منهم أنها ستشكل أوراقاً رابحة تمثل فرض أمر واقع يدفع الثوار وممثليهم إلى الاستسلام… لقد أكد وفد المعارضة وفي أكثر من مرة على ضرورة قيام النظام بمبادرات حسن نيّة ( كدخول قوافل المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح المعتقلين وإيقاف استهداف المدنيين من قبل النظام وحلفاءه الروس ) بحيث تشكل تمهيداً جدياً لمفاوضات تفضي إلى انتقال سياسي حقيقي في سوريا استنادا لكل القرارات الصادرة بهذا الشأن بما فيها القرار الأممي 2254 ..لكن جاءت الأيام لتؤكد من جديد أن أمريكا وروسيا ( حليف النظام والغازية لسوريا والمشاركة في قتل السوريين ) تعملان على إدارة الأزمة لا حلها والعمل على منع انتصار الثورة السورية …إن هاتين الدولتين تنسّقان سويّة وعبر تفاهم متفق عليه لإعادة إنتاج النظام بدمقراطية شكلية مفخخة على الطريقة العراقية بحيث تبقى جذوة الصراع وبكل أشكالها ( الديني والمذهبي الطائفي والاثني…) مفتوحة على الآماد خدمة لمصالحهما ومصالح إسرائيل الصهيونية في المنطقة وهذا ما أكده الهجوم الغاشم على حلب خلال الأسبوعيين الماضيين واستهداف المدنيين العزّل وفق مبدأ الارض المحروقة ومناورات كيري – لافروف بخصوص هُدن تستثني حلب للعمل على إسقاطها ( وهذا لن يحدث بدون تأكيد رغم فظاعة الجرائم المرتكبة ) ومن ثم يأتي تصريح كيري الملغوم والمتمثل بأن سوريا أصبحت خارج السيطرة بعد تصريح سيده للعاصمة البريطانية منذ أيام حيث قال : (إن الخيار العسكري، ولا سيما نشر قوات في سوريا ، لن ينهي الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات..) وهذا يعني منح ترخيص جديد للنظام وحلفاءه بالاستمرار في قتل السوريين وتهجيرهم وإطالة أمد محنتهم…وكذلك استمرار الروس في ارتكابهم جرائم حرب موصوفة بحق سوريا وشعبها… حيث يخرجون علينا عند كل حين بتصريحات تعقّد المشهد السوري أكثر فأكثر..وكان آخرها العمل على وضع أحرار الشام وجيش الإسلام على قدم المساواة مع جبهة النصرة وداعش ..وبهذه الحالة فهم يطلبون من المعارضة المعتدلة رمي السلاح ورفع راية الإستسلام..خاصة وأن كبير المفاوضين بوفد المعارضة ينتمي لجيش الإسلام الذي شارك فصيلة مع حركة أحرار الشام باجتماع الرياض ووافق الطرفين على مخرجات هذا الاجتماع وحضرت اجتماعي جنيف3 وجنيف4.. إن الثورة السورية مستمرة رغم كل الجراح وأن لا أحد قادر أن يفرّط بأهداف الثورة على طاولة التفاوض لأن عجلة التاريخ لن تعود إلى الوراء وأن دماء الشهداء لن يستطع أحد كائن من كان أن يفرط بها .

  • Social Links:

Leave a Reply