د. محمود الحمزة
لقاء مع مجموعة من اليساريين الشباب الروس حول الثورة السورية
دعاني مجموعة من الطلبة والباحثين الروس لالقاء محاضرة عن الوضع في سوريا ورأيي كمعارض وتحدثت اليهم ساعة ونصف ثم تابعنا اللقاء بنقاش طويل. شرحت لهم التطور السياسي لسوريا منذ الاربعينيات من القرن الماضي وتوقفت عند الأنظمة الشمولية التي وصلت الى الحكم بعد الاستقلال في مصر عام 1952 وفي السودان 1958 وفي سوريا والعراق 1963 وفي لبنان وتونس واليمن الشمالي والجنوبي واشرت الى ان كل هذه الأنظمة كانت صديقة للاتحاد السوفيتي وشرحت لهم ان هذه الأنظمة رفعت شعارات تقدمية مثل الحرية والاشتراكية ولكنهم للأسف مارسوا ابشع أنواع الاظطهاد والقمع لكل من ينتقد وبالتالي فهذه الأنظمة أصبحت فاسدة وقمعية ومستبدة واتسمت بالفقر وحرمان الناس من ابسط حقوقهم بالرغم من انهم رددوا شعارات معاداة الامبريالية الامريكية والصهيونية ولكن هذه الشعارات كانت حبر على ورق. وأكدت على طبيعة النظام السوري العسكرية الأمنية وكيف قمع المعارضة السلمية واعتقل كل المفكرين والمثقفين الوطنيين قبل الثورة. اما خلال الثورة فالنظام اعتقد انه سيقضي على الثورة بالقوة ولكنه فشل والدليل هو تدخل حزب الله وايران والميليشيات الشيعية وروسيا أخيرا للحفاظ على نظام الأسد. وان ظهور الجماعات المتطرفة الإسلامية مثل داعش هدفه تشويه مسار الثورة واجهاض الثورة وكل ذلك خدم الأسد الذي يدعي انه يحارب الإرهاب. وبالتالي فقد فشلت الأفكار القومية في تحقيق تقدم اقتصادي او تطور سياسي بالرغم من ادعائها بفكرة التقدم الاجتماعي والعدالة وبالتالي انفتحت الأبواب للفكر الديني وكان في بدايته سلميا الى ان الاحداث المتتالية في العالم العربي مثل هزيمة حزيران 1967 امام إسرائيل واتفاقيات السلام بين مصر و إسرائيل 1978 وما سمي بالثورة الإسلامية في ايران 1979 التي استغلت الشعارات الإسلامية (التي في جوهرها طائفية) لنشر نفوذها الفارسي في العالم العربي والإسلامي. وكذلك الحرب في الخليج 1991 وانهيار الاتحاد السوفيتي كلها أحداث تركت اثرا كبيرا في التطور السياسي اللاحق في المنطقة العربية. وهذه الاحداث تركت شعورا بالظلم من قبل الأنظمة ومن قبل الغرب الذي استعمرنا فترات طويلة وكذلك استمر في التدخل في شؤوننا. ومن هنا تراكمت أفكار لدى الشباب والفئات المتوسطة والفقيرة بالمطالبة بالحرية والعدالة والكرامة. فجاءت الثوارات العربية نتيجة أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة ولكنها قوبلت بقمع ووحشية مدعومة من حلفاء للنظام السوري انطلاقا من مصالح جيوسياسية. وشرحت لهم بالتفصيل مسار الثورة السورية والتضحيات الهائلة للسوريين وصمودهم وحيدين في الساحة وان حقيقة ما يجري هو صراع بين الشعب والسلطة المستبدة الفاسدة ولكن تدخل القوى الدولية والإقليمية افسدت كثيرا من صورة الثورة فهيمن الإسلاميون المتطرفون وامراء الحرب والانتهازيون ويبدو ان التفاهم الأمريكي الروسي يؤكد انهم يعملون بتوجيه من إسرائيل والهدف الرئيسي تدمير الجيش السوري وتدمير البنية التحتية وتهجير العرب السنة وتقاسم النفوذ والمصالح في سوريا والمنطقة دون أي اعتبار للدماء التي تسيل في من الناس الأبرياء. واكد بعض المتحدثين بان ما يجري في سوريا هو تعبير واضح عن النشاط الامبريالي الجشع الأمريكي والروسي الذين يشعلون الحروب من اجل مصالحهم. وبعد نقاشات مطولة عرض بعض الشبا وجهات نظرهم بان الرأسمالية فشلت وان الديمقراطية فيها تخفي هيمنة راس المال وان الحل في النظام الاشتراكي مع اخذ تجربة الاتحاد السوفيتي الفاشلة في بعض جوانبها بعين الاعتبار. وقلت لهم ان الحياة بينت بان الملكية الخاصة شيء طبيعي وكذلك وجود الأغنياء والفقرا ولكننا يجب ان نعمل من اجل العدالة واحترام القانون وقلت لماذا لا نعمل من اجل دولة مثل السويد او فنلندا حيث يهتمون بالإنسان وهناك حرية للناس. وتحدثنا عن المشكلة الكردية ونشاط حزب العمال الكردستاني ولاحظت انهم معجبين بافكاره نتيجة طروحاته الماركسية ووضحت لهم ان الشعارات شيء والممارسة شيء اخر وشرحت لهم علاقة حزب العمال وزعيمه عبدالله اوجلان بنظام الأسد وكذلك صالح مسلم وحزبه وميليشياته بالمخابرات السورية.وموقفه الملتبس من الثورة السورية وانهم يشبهون حزب البعث ولكنه كردي وممارسات حزب صالح مسلم تشبه المخابرات السورية. ووضحت لهم ان النظام السوري كان يدرب الشباب الكرد السوريين ويرسلهم ليموتوا في تركيا وكذلك فعل مع الشباب السنة كان يدربهم ويرسلهم للعراق ليموتوا كانتحاريين ومجاهدين. وبالنتيجة فالمشاركين ابدوا تعاطف كبير مع الثورة السورية لانها ثورة الحرية والعدالة مع اختلافنا حول بعض الأمور التفصيلية .
|
Social Links: