السلوكيات الشعبية والثقافة المجتمعية ماجد العلوش

السلوكيات الشعبية والثقافة المجتمعية ماجد العلوش

 اللقاء الأسبوعي للمنتدى الثقافي السوري في غازي عينتاب يوم السبت 11 . 6 . 2016
كان سهرة في الهواء الطلق حضرها عشرات السوريين من أصدقاء المنتدى ودار الحديث حول رمضان في المحافظات وذكرياته وهي ( السهرة ) في هذه النقطة لا جديد فيها فهذه الصورة تتردد في وسائل الثقافة والاعلام في عموم الدول العربية والإسلامية كل عام . لكن نقطتين مهمتين طُرِحَتا في اللقاء ولم تحضيا بحقهما في المناقشة بسبب كثرة المتحدثين .
الأولى : طرحتها احدى الصديقات وفحواها انها ( أي المتحدثة ) كانت قبل الثورة تصوم بشكل منتظم . بعد العام الثاني للثورة . تركتْ الصيام ، وبررت ذلك بانه : احتجاج على موقف ” الله ” من الثورة وتخليه عن الشعب السوري رغم استغاثة هذا الشعب به وترديده بصوت عال ومنذ بدء الثورة : ” مالنا غيرك يا الله ” . هذه مسالة قابلة للنقاش وقد نوقشت بأشكال عدة عبر التاريخ الديني الإسلامي وغير الإسلامي وتفتح الباب حول مبررات وجود الشر في العالم ومصدره ودور الانسان فيه انتاجا ومقاومة .
الثانية : طرحها احد الأصدقاء وتتلخص في المصاعب التي يواجهها الشخص غير الصائم في المجتمع المسلم سواء قبل الثورة او الآن وتمتد هذه المشاكل حتى الى داخل البيت . من تلك الصعوبات ان المقاهي والمطاعم تضع استارا كثيفة تحجب الرؤية على واجهاتها وهو ما فسره صديقنا على انه تشبيه للمفطرين بالوباء الذي يجب عزله وأيضا – والاهم – ربط منظومة القيم بالشعائر الدينية وجعل الشعائر أساسا لها فمن يُقِمِ الشعائر يمكن النظر في باقي سلوكه ، بل وتبرير الكثير منه اما غير المقيم للشعائر فلا يمكن النظر بوضعه مطلقا فهو شخص كافر ولا قيمة للخير الذي يفعله بل ربما كان شرا مغلفا بغلاف خير . بعض الأصدقاء الحضور ربط هذا السلوك بـ ” ثقافة المجتمع ” التي يتوجب احترامها وهنا بيت القصيد . أي هل هذه السلوكيات اتجاه غير الصائم في رمضان – وسنحصر الحديث هنا في هذه النقطة بالذات – هي فعلا ثقافة مجتمع . بمعنى : هل تكونت في اطار علاقات العمل والإنتاج ومتطلبات الانسجام والسلم الاجتماعيين .؟ ام ان مصادرها ثقافية فقط ؟ ربما كان مفتاح القراءة ينبع من موقفين / صورتين :
الأولى : أن مشاعر الصائم في غير رمضان لا تُرَاعى من قبل احد فهم ( الاخرون من حوله ) يمارسون سلوكهم المعتاد حتى في التدخين ( وهذه الحالة الأكثر صعوبة بالنسبة للصائم المدخن ) دون اية مراعاة لشعوره كصائم ولا معنى هنا للحالة الجمعية في الصيام لان المشاعر فردية أصلا حتى ولو مارستها جماعة في ذات اللحظة .
الثانية : أن المسلمين لا يراعون مشاعر غير المسلمين في فترة صومهم . فالمسلمون يستمرون أيضا في ممارسة كامل طقوس الاكل والشرب والتدخين امام زملائهم المسيحيين في العمل او جيرانهم في السكن بل ولا يجدون اية غضاضة في التدخين في وسائل النقل الداخلي – يوم كان هذا مسموحا به – مع انه يعلم ان جاره في المقعد هو مسيحي وصائم . قد تكون هذه بداية الخيط . نعم فَرْضُ طقوس الصوم على الجميع في المجتمعات الإسلامية ثقافة مجتمعية ولكنها تتميز بان مصدرها ثقافي لا غير . هذا المصدر الثقافي هو بالتحديد : النظرة العنصرية الاستعلائية عند المسلمين عامتهم وخاصتهم وسُنّتِهم وشيعتهم على حد سواء اتجاه الاخر غير المسلم او حتى ( المسلم المارق ) . مع تراخي السلوك الديني في خمسينات وستينات القرن الماضي تراجعت هذه النظرة العنصرية الاستعلائية عند المسلمين – وبضمنها حدث التراجع في السلوك المتشدد ضد غير الصائم – لصالح الرغبة في بناء الهويات الوطنية وتحقيق التقدم على كل الصعد ولكنها عادت وتصاعدت بقوة في العقود الأخيرة مع نمو الحركات السياسية الإسلامية في عموم العالم الإسلامي . هل لهذه ” الثقافة المجتمعية ” أصول في المتون الإسلامية والفقه الإسلامي ؟ ام انها مجرد سلوك شعبي يبحث عن مظاهر الانسجام حتى ولو كان ظاهريا . ؟ الحقيقة التي نراها أن هذا السلوك له جذور قوية في المتون وفي الفقه معا تحوَّل عبر التغذية المستمرة لقرون مديدة الى سلوكيات شعبية وليس ثقافة مجتمعية ومن هنا قلنا ان مصدر هذه السلوكيات ثقافي لا غير .، وربما كان للحديث بقية

  • Social Links:

Leave a Reply