ياسين الحاج صالح يكتب :

ياسين الحاج صالح يكتب :

 

“ما بعد الرقة، روجافا بين الهجوم والنهوض”، هو عنوان ندوة تضامنية مع تنظيم البي واي دي حضرتها ببرلين يوم الأربعاء.

أدارت الندوة سيدة ألمانية لا تعرف شيء عن الرقة وعن سورية، وتكلم فيها ناشطان كرديان مقيمان في أوربا، من مناضلي البي كي كي القادمين من تركيا في الأصل، ولم يعيشا يوما في سورية ولم يكن في كلامهما ما يفيد بأنهما يعرفان شيئا عنها.

والأرجح أني كنت الرقاوي و”الروجافي” الوحيد بين الحضور.

خلا كلام المتكتمين الثلاثة من أي إشارة إلى تاريخ للنشاط السياسي والصراع من أجل الديمقراطية والتحرر في الرقة وفي سورية قبل.. روجافا. لا يبدو أن هناك مجتمع وثقافة ونضال وسياسة قبل ذلك. لا شيء عن مقاومة لداعش من قبل السكان المحليين، وعن ضحايا في هذه المقاومة.

ورغم كلام عن التحرير، وحتى عن مناهضة الامبريالية، جرى التعبير طوال الوقت عن المنطقة بلغة هوياتية: كرد، عرب، سريان، سنة…ولا كلمة عن ثورة في سورية، عن مجازر وصناعة قتل، عن صراع السوريين المكلف والمحبط،…

ولم يجر تعريف روجافا، تاريخا وجغرافية، ولم يدع للكلام ولا حتى للحضور سوريون من نصف مليون لاجئين اليوم في ألمانيا، ولا حتى من الكرد السوريين.

جو الندوة مفعم بالرضا عن النفس والاكتفاء الذاتي، لكن مضمون الخطاب تحديثي وكولونيالي ينكر على المحليين تمثيل أنفسهم او النطق باسم انفسهم، مع مديح لا ينتهي للنفس. قالت السيدة المتكلمة أن النساء يتجررن ويقاتلن اليوم في روجافا، وأحالت على قول لأوجلان على الفور.

الندوة في المجمل مثال غير مشرف عن سعي ضحايا لتغييب ضحايا آخرين، ونيل الاعتراف من طرف ثالث قوي، ينظر إليه أنه الوحيد المهم.

شيء تعيس فعلاً.

  • Social Links:

Leave a Reply