مريم الحلاق والدة أيهم غزول
تناولت شهادة وفاة ابني بيد مرتجفة، ونظراتي تبحث عن تاريخ الوفاة، كان يوم 11/11/2012 أي بعد اعتقاله بستة أيام.
لم تستفق من غيبوبتك إذاً؟؟؟.
كانت ضرباتهم في الجامعة، هي التي قضت عليك. عصابة اتخذت من اتحاد الطلبة مقراً لتشبيحها، وللقضاء على كل فكر منفتح ورأي مغاير. كانت مهمتهم متممة لفروع الأمن المنتشرة كالوباء في كل ركن من البلد. أخذوه من بين زملاء له في رحاب كلية طب الأسنان، وأمام الجميع أخذوا حقيبته عنوةً، ووجهوا له سيلاً من الشتائم والإهانات، وأمسكه اثنان من تحت إبطيه، وجروه كان يقاوم، لكنهم كانوا الأقوى، لحقه من كان معه، نهرهم باقي الشبيحة.
أغلقوا الباب خلفهم، سمعوا صراخه، ثم أدخلوا معتقلاً آخر من كلية الآداب، قال م بعد الإفراج عنه، أنهم شبيحة اتحاد الطلبة.
أوقفوه مع ابني وربطوا أيديهما إلى الخلف برباط بلاستيكي، ثم انهال أحدهم بالضرب عليهما على جميع أنحاء جسديهما وتحمس آخر، وقام بحمل عصا حديدية، وضرب ابني على رأسه، فبدأ يغيب عن الوعي، وأتى ثالث بكماشة، واقتلع ظفرين من كل قدم من أقدامهما، وبمخرز ثقبا به آذانهما، فقد ابني الوعي تماماً في حين تحمل الآخر الآلم. أتو بالماء المغلي سفحوه على جسده واحرقوه، حملوه والآخر ووضعوهما في سيارة للأمن، شاهدهما بعضاً من طلبة الجامعة المترقبين، قالوا كان ابنك فاقداً للوعي، والدماء تسيل من أذنيه، وحين دخل السيارة كان منظره يوحي بعدم نجاته. أوصلوهما إلى الفرع 215، وهناك يقول طالب الآداب، أوقفوهم على باب الأمانات لاستلام ما معهم. وكان الدور طويلاً، فأغلق عينيه، وغفا بضع دقائق، صحا بعدها ليجد إلى جانبه وعلى الأرض ولدي مكوماً عارياً إلا من السليب وجاء دوره وأخذوا منه ملابسه ومحفظته، أدخلوهم فيما بعد إلى مهجع سحب معه ابني الذي عاد لوعيه بضع دقائق، عرفهم عن نفسه كما يقول رفيقه وراح في غيبوبة.
ازرق بعدها جسده الغض، وتصايح البعض لإسعافه. لكن لا حياة لمن تنادي، بل قالوا عندما يموت نادوا علينا. وكان لهم ما أرادوا. فارق ايهم الحياة بعد ستة أيام، كما تثبت الورقة التي في يدي، وتختصر آلام عام ونصف من اليقين واللايقين، كل فترة تأتيني أخباراً بأنه حي، وأن وضعه الصحي كان سيئاً، وتحسن بعد دخوله المستشفى ثلاث مرات، وأخبار أخرى، تقول أنه بخير وصحته جيدة، ولكنّه يعاني من ألم في ساقه وأخبار وأخبار…………….
أخذت الشهادة، وعدت للمساعد علي قائلة: أين هويته؟ قال راجعي الشرطة العسكرية ــ نحنا ما دخلنا ـ تلقاني ولديّ خارج المستشفى، واحتضناني وبكينا جميعاً. .
في طريقنا إلى الشرطة العسكرية، كنا نمر بأحياء القا بون وتشرين وبرزة البلد، كانت الأبنية مهدمة ومحروقة والحياة معدومة. لقد أعدموا الحياة للأشخاص والأحياء ومدن بأكملها.
وصلنا وأخذت دوري للسماح لي بالدخول والسؤال عن مقتنيات ابني، سألت منظم الدور ماذا أفعل؟ فأنا لا أحمل ورقة من القضاء العسكري تخولني الدخول، جعلته يشاهد شهادة الوفاة. قال لا يوجد عندنا شيء له، وإلا كانوا أعطوكِ إياه بالأمس، راجعي بعد شهر ونصف، قلت ولكنه متوفى منذ سنة ونصف، قال راجعي بعد شهر ونصف.
أذعنت وعدت لولديّ لننطلق بعدها إلى البيت الذي يأوينا بعد تهجيرنا، وخسارة ما بنينا…………………الله يرحمك يا ايهم.
Social Links: