سوريا في ايران! – فايز سارة

سوريا في ايران! – فايز سارة

ليس مستغرباً، ان تدحل ايران دائرة الثورة ضد حكم الملالي الذين ركبوا ثورة شعبية، اطلقها الإيرانيون ضد نظام الشاه قبل أربعين عاماً مضت، ووعدوا الشعب الإيراني والعالم بدولة سلام وعدالة ومساواة لكنهم كذبوا. فحولوا الدولة الإيرانية الشاهنشاهية من دور شرطي في الخليج الى دولة مارقة، تسعى للسيطرة على محيطها عبر القوة والإرهاب، وجعلوا من الشعب الإيراني عبداً لاطماع سيطرة رجال الدين، دافعين به الى أتون الفقر والبطالة والجوع في بلد غني خصصت موارده لنهب رجال النظام وسدنته، وصرف ماتبقى منها على مشاريع التسلح والحروب، واعانات وهبات ورشاوي للمارقين من دول مثل روسيا ونظام الاسد وكيانات شبه عسكرية مثل حزب الله اللبناني والمليشيات الشيعية العراقية المرتبطة بسلطة الملالي الايرانية.

أسباب ثورة الإيرانيين ضد نظامهم، كانت حاضرة منذ وقت طويل، حاضرة في عملية تصدير “الثورة الإسلامية” الى بلدان الجوار العربي، والتي ولدت في اطارها الحرب الايرانية – العراقية في تكلفتها الإنسانية، وقد زادت عن مليون ضحية، وفي تكلفتها المادية، التي استهلكت موارد ايران طوال ست سنوات، وخلفت ديوناً، والتزامات، مازالت ايران ترزح تحت اعبائها بعد عقود من نهاية تلك الحرب، وخلقت اجواءاً عدائية، صار من الصعب تجاوزها بين ايران والعرب.

وصارت أسباب الثورة حاضرة في حروب ايران الأخرى الجارية اليوم في سوريا والعراق واليمن ولبنان. وفي حين تخوض ايران الحرب في الأولى مباشرة ومن خلال جيشها وادواتها من المليشيات المجلوبة لقتال الشعب السوري وقتله، فانها تستخدم ادواتها المحلية في حروبها في البلدان الثلاثة الأخيرة، ويمول الملالي تلك الحروب على امل توسيع حدود سيطرتهم الايدولوجية والاستراتيجية، ولاسيما في شرق المتوسط وباب المندب.

ولان سياسة الحروب والسيطرة، تحتاج الى تطوير لادوات قوة. ركز نظام الملالي على تطوير الأسلحة ولاسيما الصاروخية الى جانب مشروع نووي، وكلاهما كما الحروب، يحتاج موارداَ كبيرة، تكاد تستهلك كل موارد ايران وقدراتها، مما لايترك  للتنمية ولحياة الإيرانيين واحتياجاتهم من سكن وغداء ودواء وتعليم الا القليل القليل، مما عم الفقر والمرض والبطالة والجوع والمرض في أرجاء واسعة من ايران، لعل تعبيرها البارز عجز السلطات الإيرانية عن إعادة بناء مناطق، كانت دمرتها الزلازل في العقدين الماضيين.

صورة ايران اليوم، تكاد تتماثل مع صورة سوريا التي خلفتها سياسة الأسد منذ استيلاء الاب على السلطة عام 1970، وورثها الابن اغتصاباً في العام 2000، مما دفع السوريين للثورة عليه بعد عقد من وعود الإصلاح الكاذب.

سوريا الحاضرة في ايران اليوم، لاتحضر فقط نتيجة تقارب سياسات النظامين ونتائجها الكارثية، بل تحضر في تماثل بنية نظام الدولة العسكرية- الامنية المارقة الدكتاتورية والفاسدة، التي دعمت الإرهاب، وسعت الى السيطرة على المحيط بكل الوسائل.

الأهم في حضور سوريا في ايران اليوم، مارشح في الأيام الماضية عن مجريات الحدث الإيراني. فالنظام يعترف ان هناك بعض المشاكل، وانها تحتاج الى حلول، لكنه يصف مايجري بانه مؤامرة خارجية على الجمهورية الإسلامية وعلى سياستها، وان المتظاهرين المحتجين ليسوا سوى أدوات تحركهم القوى الخارجية، وهو يعبئ “جمهوره” ضدهم ويطلق تهيدات أجهزة  النظام من الحكومة والجيش والسلطة القضائية والحرس الثوري باستخدام القوة المطلقة، مالم تتوقف التظاهرات والاحتجاجات، التي عجزت جهود أجهزة النظام حتى الآن عن ايقافها.

المتظاهرون الإيرانيون -كما السوريون الأوائل- رفعوا أصواتهم بالشكوى من سياسات النظام، ونددوا بتلك السياسات بما فيها من هدر لموارد البلاد، واستنزاف لقدراتها المادية والبشرية ومن الفساد وصولاً الى التشهير برموز الدكتاتورية، وتمزيق صورهم بما فيهم رأس نظام الملالي الخامنئي، وصولاً الى ترديد شعارات تطالب بتغيير النظام.

صورة سوريا 2011، هي الصورة الظاهرة في ايران اليوم، صورة تحذر الإيرانيين الذي يستحقون، ان يبدلوا حياتهم ومستقبل بلادهم من المسار الذي مضى عليه السوريون في ثورتهم، جتى لايجدوا انفسهم في ذات الكارثة، التي صار اليها السوريون، لان نظامهم لايقل دموية واجراماً عن نظام الأسد، ولنا في الانتفاضة الخضراء التي قام بها الإيرانيون عام 2009 خير مثال.

  • Social Links:

Leave a Reply