– يمكن لقارئ رواية “قصة حب إيرانية تحت مقص الرقيب” للكاتب والسينمائي الإيراني، شهريار منديني بور، أن يعرف جيداً السياق الذي تسير فيه حياة المبدعين الإيرانيين في ظل حكم الفقيه، يعاقب (شرعياً) حتى على النوايا، وكيف تسمح تركيبة النظام الإيراني لرقيبٍ على المطبوعات أن يراقب عملاً روائياً، وينسف منه مفرداتٍ مستخدمةً في الحياة اليومية للشعب منذ آلاف السنين، بذريعة أنها قد تحفّز الخيال الجنسي للقارئ، وهو ما يخدش حياء المجتمع الذي يحرص النظام السياسي على بقائه “نقياً”.
– من قرأ رواية “أن تقرأ لوليتا في طهران” لآذار نفيسي، وأظن أن قرّاءها كثيرون، سينتبه أيضاً كيف تقسر الأنظمة الشمولية الإبداع، ليبتكر إنساناً بمشاعر وأحاسيس وغرائز مزيفة، وتحاكمه على مشاعره الحقيقية الطبيعية، وكيف يتم تفسير كل فكرة أو جملة أو كلمة يقولها مبدعٌ متمرّدٌ تفسيراً سياسياً، لتتم محاكمة المبدع، بوصفه يخلخل أمن البلد واستقراره.
– من شاهد، ذات يوم بعيد، احتفال حزب الله (ذراع النظام الإيراني الأولى في بلادنا) بتحجيب أربعمئة طفلة أنهين الثالثة عشر من أعمارهن، ذلك الاحتفال الذي تم بحضور زعيم الحزب، حسن نصر الله، قبل أن يختفي في سراديب ديماغوجية، ونقله تلفزيون المنار على الهواء مباشرة، سيعرف ماذا يعني حكم ولاية الفقيه، وأي تخلف يحمله لشعوب هذه المنطقة.
– لا أدري إن كان معروفاً أن وزارة الثقافة الإيرانية منعت تداول رواية “هاري بوتر”، بذريعة أنه تم الاعتماد فيها على القوى الشيطانية، وأنها تدفع المؤمنين إلى الطريق المظلم.
– يعرف الجميع أيضاً أن أول فتوى بقتل الروائي البريطاني، سلمان رشدي، جاءت من الخميني شخصياً بعد روايته “آيات شيطانية”.
– بعدما حصلت ابنتي على شهادة الثانوية العامة، ومن ضمن خياراتها الجامعية درست سنة واحدة، في قسم الآداب، اللغة الإيرانية. وأخبرتني أن معيدةً في القسم في محاضراتها عن حافظ الشيرازي، كانت تفاجئ الطلاب بأن شعر الخمريات أصبح لديها “شعر المنكر والمسكرات”(!).
– ما تُسمَّى الحوزات العلمية في إيران، وفي الدول التي استطاعت هذه السيطرة عليها، كان لها الدور الأكبر بنشر ثقافة الطائفية والمذهبية وكراهية الآخر. وعلى الرغم من كثافتها، لم تتمكّن من إطاحة العمق الحضاري الإيراني الفارسي البالغ الغنى والتنوّع.
– لم يمر التدخل العسكري الإيراني المباشر، وغير المباشر عبر حزب الله والحشد الشعبي العراقي، في الثورة السورية، لصالح نظام مجرم مرور الكرام لدى الشعب الإيراني، فشعارات الثأر لزينب والحسين وحماية مراقدهما كانت أوهى من أن يصدّقها شعبٌ، يرى أبناءَه يعودون في توابيت مغلقة من حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
– حسب تقارير دولية عديدة، كان حجم التبادل التجاري الإيراني الإسرائيلي مرتفعاً جداً في السنوات التي كان صوت العداء الإعلامي بين البلدين بالارتفاع نفسه.
– من سوريالية الزمن الذي نعيش فيه أن يدافع يساريون وشيوعيون وقوميون عرب تقدميون عن نظام ديني رجعي، كالنظام الإيراني، بذريعة عدائه أميركا وإسرائيل، وأن يقف هؤلاء ضد الانتفاضة الإيرانية الحالية، بحجة أنها مدعومة من الإمبريالية العالمية، وكأن النظام الإيراني، حين يدعم الأنظمة الشمولية في قتل شعوبها، يضرب بذلك تلك الأنظمة الإمبريالية.
– من سوريالية الزمن الذي نعيش فيه أيضاً أن يصمت الإسلام السياسي العربي، الذي ساهم بتشويه الربيع العربي وتطييفه جنباً إلى جنب مع الأنظمة المجرمة، أن يصمت عمّا يحدث في إيران، أو أن يدعم ما تسمى مظاهرات التأييد الشعبية في إيران ضد الانتفاضة الشبابية الإيرانية الحالية، وأن يكون لسان حاله: “خلصت” على غرار لسان حال حلفاء الأسد في 2011.
– هل ستنتبه الأنظمة العربية التي تستخدم عصا الدين والقمع السياسي، وتحاول تكميم أفواه المثقفين والمبدعين، أننا في زمن لم يعد ينفع فيه هذا، وأن الشعوب ستتحرّك مجدداً حتى لو هدأت فترة.
– ما سبق ملاحظاتٌ سطحية وبسيطة، ما يحدث في إيران عميق وجذري، ولن ينتهي بسهولة.
– أخيراً: مظاهرات إيران لم تخرج من الجوامع، ما رأي أدونيس ومعتنقي رأيه بها؟
Social Links: