إدلب.. آخر ثيران الثورة البيض.. عدنان عبد الرزاق

إدلب.. آخر ثيران الثورة البيض.. عدنان عبد الرزاق

قلما يختلف مراقبان، أن ظهر الثورة السورية، كُسر مذ سيطر النظام وحلفائه على حلب، فرجحت الكفة لصالح الأسد، وسط تساؤلات، ربما لم تزل أجوبتها غامضة حتى اليوم، ابتداء من انتقال الخلاف لما بين الفصائل وقتذاك، وصولاً لدور تركيا وما قيل عن أن حلب كانت ثمن عودة علاقات أنقرة مع موسكو.
اليوم، وبنفس التوقيت، بدأ التاريخ يعيد نفسه في إدلب، آخر معاقل المعارضة السورية وملاذ المتطلعين للحرية والمبعدين من مناطق “التجانس” التي لم تتسع لحلم الثوار والسوريين بالعدالة والكرامة والحرية.
قلنا حلب، لما لها، أو بصيغة أدق، كان لها، من أهمّية رمزية وسياسية للثورة والثوار، وما شكّلته خسارتها، من صفعة لحلم السوريين، وخاصة، حينما دوّل رأس النظام الحالة، واعتبر دخوله لحلب، نصراً لمحوره وشركائه “تحرير حلب من الإرهاب ليس انتصارا لسوريا فقط، بل لكل من يسهم فعليا في محاربة الإرهاب وخاصة لإيران وروسيا”.
واليوم، وكأن ثمة ما يحضر، ليعيد تاريخ الخيبات نفسه، وتتعلق أسئلة أخرى على مشجب التعجب والاستفهام، بعد دخول تركيا شمال غرب سوريا، وحرص النظام وشركائه، دخول المنطقة والسيطرة على أكبر مطار فيها، وسط ترقب ومراقبة، ليس من تركيا فحسب، بل ومن ضامني اتفاق أستانا، التي بدخول قوات الأسد للمنطقة اليوم، خرقاً له وتحد واضحيّن.
قصارى القول: المتابع لسير المعارك المتجددة رغم ما يحكى عن حلول سياسية واتفاقات هدن وتهدئة، يلحظ أن نظام الأسد مستكلب على مطار “أبو الظهور”، بعد احتدام المعارك في ريف حماة الشمالي الشرقي وتجاوز خط وقف إطلاق النار الذي حددته تفاهمات أستانة.
وخاصة بعد سيطرته على بلدة “عطشان”، غرب سكة الحديد من طرف “أبو دالي”، لتتجاوز قوات الأسد، اتفاق أستانا والثلاثي الضامن لاتفاق التهدئة في سوريا “روسيا وتركيا وإيران”، والذين حددوا سكة القطار التي تربط دمشق بمدينة حلب حداً لمنطقة خفض التوتر في شمال غربي سوريا.
ويستنتج المتابع -ربما- أن هدف قوات الأسد، تتجاوز المطار العسكري بأبو الظهور، لأن التقدم على محورين، الأول شمال مطار “أبو الظهور” من “جبل الحص” في ريف حلب الجنوبي، والثاني جنوب المطار من منطقة “أبو دالي”، ما يعني تجاوز المطار لدخول إدلب من ناحية “خان شيخون”.
فماذا لو دخلت قوات الأسد، مغطاة بطيران روسيا ودعم إيراني محافظة إدلب، بعد أن لملمت جل الرافضين للحلول الاستسلامية والمبعدين وفق خطط التغيير الديموغرافي، بل وباتت إدلب، بعد التقزيم والتسويات، آخر معاقل المعارضة المسلحة السورية.
نهاية القول: يمكن، وفق ربط سياسي، اعتبار توسيع آمال نظام الأسد لإدلب وبضوء أخضر وتغطية جوية روسية، متزامناً مع تصريحات الرئيس التركي خلال لقائه الرئيس التونسي، الباجي القايد السبسي، والتي لاقت رفضاً وامتعاضا روسيين “بشار الأسد، إرهابي يمارس إرهاب الدولة ضدّ شعبه”، كما يمكن قراءة هذا الاستئساد، رغم الهدن والوجود التركي، كخطوة لقضم الأرض، قبل مؤتمر سوتشي وما يمكن أن يجمده على الأرض، استعدادا لفرض دستور ولجان وربما حلول.
بيد أن ذلك يبعث على أسئلة أشد إيلاماً واستغراباً من “صفقة حلب”، فإدلب وبعد حلول التسوية والهدن وحتى الخيانات، باتت موطناً للمعارضة وحواضنها، ولعل بتشرّد نحو 100 ألف سوري، خلال أيام القصف الأولى، دليل على حجم الخزان البشري وما يمكن أن يحل به، لو استمر الصمت وتقدّم قوات الأسد.
كما أن خسارة هذه المحافظة، أو جزء منها، يضعف من موقف المعارضة التي رأت بإدلب “دولتها المؤقتة”، فأقامت فيها حكومة إنقاذ، بل وأسست أمس جيشاً وطنياً، ما يعني فقدان آخر الأوراق والاضطرار للجلوس على الطاولات كمنفذين لا مفاوضين.
إذاً، وبعد الغرابة من تقهقر الثوار والدهشة من الصمت الإقليمي والدولي، ثمة ما يُحضر على الأرض اليوم، بالتوازي مع ما يعد له الروس خلال سوتشي العتيد، فإن كان بمؤتمر “الشعوب السورية” مقتل لروح الثورة وإعادة تأهيل وإنتاج الأسد وشرعنة الاحتلال، فلا شك أن بخسارة إدلب، نهاية لحلم الثورة والثوار، وبظل ورعاية أصدقاء الشعب وداعمي الثورة، الذين باتوا يقبلون من الغنيمة بالإياب.

  • Social Links:

Leave a Reply