الاعصار ما بين الفقر و ذبذبة الدولار
نصرة الأعرج
إن ما أثارته الليرة السورية و إرتفاع قيمتها في موجات مختلفة ذات هبات ساخنة يستحق التوقف والتأني و التعمق جذرياً لما سبق هذه التحولات
كضرورة لمعرفة بوصلة ما سيجري و ما يجب أن يكون من سياسات لتحقيق أكثر الفوائد لسورية ك إقتصاد و ك مواطنين . فعجز الصبر صبرا وفق إنتظار سابق بأمل تحسين مستوى معيشتهم بتوقع انخفاض موازي للأسعار مسايرة لما حصل للعملة الاجنية كشبيه أو تماهي مع ما حصل سابقاً عندما كان كل إرتفاع بقيمة الدولار يصاحب برفع تلقائي للأسعار دون رحمة ولا إحترام لوضع البلد وأزمته العميقة و زج غالبية المواطنين في فقر وعوز نتيجة انعكاسات الحرب على الإقتصاد و على مدخرات المواطنين
فأكثر من ستة ملايين نازح تركوا بيوتهم و ممتلكاتهم ليسعوا لتأمين مسكن ملائم و قوت يقيهم الجوع
لكنهم صدموا بأسعار جهنمية لم تراع أي اعتبار و كانت المؤسسات مشتتة الجهود ما بين مواجهة الإرهاب وما بين نهب ثروات ومقدرات وبين تحصين الداخل عبر فرض القانون .
فتقوض البلد اقتصادياً وكانت المضاربات و قصور السياسات النقدية طريق لإضعاف الليرة و زيادة التضخم ليصبح من رفض تلك العملة و الاحتفاظ بنقده السوري ضحية للتضخم لسرق أكثر من 90 % من قوته الشرائية
فما طرأ على الواقع الاقتصادي من تغير لم يواكب بتحسن سعر الصرف وكانت القفزة القوية بطريقة الصدمة من 420 لحدود 620 ليرة للدولار الواحد محطة إنذار أضطر الحاكم السابق لاتهام البنك الدولي وأدواته و ليقوم بتثبيت سعر الصرف على 470 ليرة و ليستبدل على اثر ذلك حاكم مصرف سورية المركزي السابق بحاكم جديد وسع حدود التعامل بالدولار للمصارف الخاصة
ولكنه عاجلاً ما ثبته على 540 ليرة متجاوزاً سابقه بحوالي 70 ليرة و ظلت تصريحاته تفتخر بهكذا تثبيت على الرغم مما حصل من تغيرات اقتصادية و سياسية لم يأخذها الحاكم بحسبانه مثبتاً بذلك أن سعر الدولار لا يتعلق لا بالظروف و لا بزيادة العرض عبر التحويلات التي وصلت لحدود 1.2 مليار دولار وحوالي 300مليون خلال الأيام الماضية , و بذلك لم يكن واضحاً من سياسته النقدية إلا تثبيته بمعزل عن الظروف , فكان الرهان على تحسن سعر الصرف مترافقاً مع تحسن الأسعار وخاصة حوامل الطاقة كحل لمشكلة أغلب السوريين في ظل سوء الوضع المعاشي عبر التضخم الذي وصل لحدود 1200 % مما وضع أغلب السكان في دائرة الفقر هؤلاء السكان الذين هم موارد البلد و في الأيام القليلة الماضية حصل جزء مما مما طمح اليه المواطنين إو بأسلوب شبيه لما حصل سابقاً ولكن بشكل معكوس
هبوط متسارع مفاجىء لقيمة الدولار و اضطرار حاكم مصرف سورية و نقيب الصاغة و غيرهم لاصدارهم تصاريح مبهمة هادفة لطمأنة الناس و منعهم من بيع مدخراتهم الدولارية لمنع هبوطه وترافق ذلك مع اجتماع وزاري لكل النقابات و غرف التجارة و غيرها لسماع معاناتهم من هذا الهبوط الفجائي و انعكاسه على الإنتاج وهو لم نجده عندما حصل العكس و رفعت الأسعار من التجار و احتكرت المواد كما هذه المرة و كذلك تصريحات وزارة حماية المستهلك و التي ثبت ما كنا نقوله عنها أن المواطن بحاجة لمن يحميهم منها لأنها ظاهرة ديكورية فقط و تغاضيها عن الأسعار وعن تخفيضها مثلما حصل سابقاً في تقصير عن مراقبتها عندما ضوعفت عشرات المرات , فبالنتيجة أن هذا القطع لم يحصل للدولار ومحاولة تثبيته عند حدود 450 ليرة إلا عبارة عن مآساة مستقبلية تعيدنا للمربع الأول لأننا كنا سابقاً ضد زيادة الأجور لعدم القدرة على السيطرة على الأسعار و بالتالي التضخم المتواتر
ليعود مجلس الشعب في تصرف مفاجىء ليطالب بزيادة الأجور في وقت كان يجب توجيه أسهمه باتجاه الدولار و الضغط على المصرف المركزي ووزارة حماية المستهلك و الاقتصاد لعمل تكاملي يؤدي لتحسن تلقائي مفروض للأسعار
و اليوم نتفاجىء بأحد أهم تجار سورية يبارك وصول الدولار لحدود300 ليرة مع إعادة النظر بأسعار الوقود وهو ما يتقاطع مع الرؤية العامة و يجعل السوق و الجهود الحكومية تسيطر على كافة التغيرات وخاصة المصرف المركزي يملك كل أدوات السيطرة و فرض أي سعر صرف وما يحتج به من نوايا مضاربات فاشلة أمام أدواته ,إن هذه الهبات قد جعلت هناك فريقين فريق قلة ممن جمعوا تلك العملة الأجنبية على حساب الليرة السورية وبعض أتباعه
ومحركيهم الإقليمين يقاتلوا من أجل السيطرة على السوق و تثبيته على السعر المنسجم لهم للتحكم بأغلب الموارد الاقتصادية وحتى البشرية و تركيزها بأيديهم ووضعوا بالوجه بعض المحللين و المراكز الدراسية التابعة لتضليل المواطنين و من يحمون الوطن والمواطن وقد تماهت تصريحات الحاكم و المراكز الاقتصادية والمؤسسات ذات الصلة معهم ولكن لم يستطيعوا فرض رؤيتهم و السيطرة حتى الآن
و فريق آخر همه تحصين الداخل و تحسين معيشة المواطنين و إعادة إطلاق الحياة الإقتصادية بشكل يعيد الألق للإقتصاد و للمواطنين السوريين الحاضن الأساسي للوطن و للمؤسسات
و
سيدخل البلد اقتصادياً في نفق مجهول يزيد من قطار الجوع و الفقر و يقطع الطريق على ماعقد من امال فجاءت الصدمة لتمهد لنجاحها,
إن للقرار المركزي في التعامل مع التحويلات دور بارز في تحويلها للسوق الموازية فيما حصل سواءاً بقصد أو من دون قصد مع تلازمها في زيادة الطلب على الليرة كأكثر أمانناً و تلبية للاحتياجات الداخلية للمصاريف الجارية مع قلة الطلب على الدولار بسبب سياسات الاستيراد وكذلك الأوضاع الإقليمية و الظروف الأمنية التي شجعت على الاستثمار و على زيادة التحويلات و كذلك بعض المناطق والتي كانت تتعاطى بعملات غير سورية و الاضطرار لبيعها وسوررتها مع وجود تحسن حقيقي وملحوظ بالانتاج المحلي كما يضاف إلى ذلك الدولار الأمريكي مستويات منخفضة جديدة مقابل العملات العالمية الرئيسية ,
المعركة النقدية و الاقتصادية لا تقل شراسة عن المعارك العسكرية
وقد يكون أسلوب الصدمة ضروري للوصول لوضع معين يبنى عليه وهو ما نحن عليه وهنا نبوح لنكون ضد بعض المحللين الذين جعلوا الموضوع مضاربات لابتزاز المواطنين متناسين أن أغلب المواطنين لا يملكوا سوري حتى يجمعوا دولار وهذه محاولة مبطنة للدفاع عن مستأجريهم أو موظفيهم القلة مقابل أغلب الشعب والمؤسسات التي يجب أن تكافىء عما قدمته وضحت به , وقد يكون هناك بعض الانعكاسات و لكنها قابلة للإصلاح في ظل توفر الاحتياطي وتعافي الدورة الاقتصادية عكس ما حصل سابقاً و التدخل الحكومي لفرض الأسعار الجديدة و كذلك أسعار الطاقة المنعكسة على تكلفة الإنتاج و النقل بانتظار القرار الحسم الذي يجب أن يكون للأغلبية التي حمت الليرة على أقلية ضاربت و جمعت ولم يهمها سوى مصالحها
وإن هذا الموضوع اكبر من مسؤولية حاكم مصرف سورية المركزي لأن ما سينجم عنه ركيزة للمستقبل السوري.
ملاحظة
لم اتطرق الى العوامل الخارجية من الدول الداعمة التي تريد أن تضع اقتصاد الدولة يدور في فلكها بغية ادامة السيطرة والهيمنة
Social Links: