تماثل وضع النظام الإيراني اليوم مع حالة الاتحاد السوفييتي عام 1989 – د. عماد بوظو

تماثل وضع النظام الإيراني اليوم مع حالة الاتحاد السوفييتي عام 1989 – د. عماد بوظو

تماثل وضع النظام الإيراني اليوم مع حالة الاتحاد السوفييتي عام 1989

د. عماد بوظو

عند البحث عن الاتحاد السوفييتي في شبكة الإنترنت سنجد العبارة التالية “الاتحاد السوفييتي 1922 ـ 1991″، بما يشير إلى تاريخ ولادة هذا الكيان السياسي الكبير حتى يوم إعلان موته رسميا. بلغت مساحة الاتحاد السوفييتي أكثر من 22 مليون كيلومتر مربع، أي سدس مساحة اليابسة في الكرة الأرضية، وأكبر من مساحة القارة الأميركية الشمالية التي تضم كندا والولايات المتحدة الأميركية والمكسيك.

في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي كانت نسبة غير قليلة من السياسيين والباحثين يعتقدون أن نموذج الحياة الذي يبشر به ويسعى إليه “الاتحاد السوفييتي العظيم”، كما كانت حركات اليسار تطلق عليه، سينتشر ويسود في كل العالم. حتى في الستينيات والسبعينيات لم يكن يتبادر إلى ذهن أكثر المحللين السياسيين أو الاقتصاديين والاجتماعيين خبرة وأبعدهم نظرا أن هذه الدولة الكبيرة قد تنهار بسهولة بعد بضع سنوات، خصوصا وأنها قوة نووية عظمى وتشارك بنشاط في سباق الاكتشافات والتطور العلمي خاصة في المجالات العسكرية وعلوم غزو الفضاء الخارجي.

وامتلكت هذه الدولة أكبر شبكة دولية للتجسس خارج حدودها، وكانت تعتمد في تجنيد عملائها بشكل رئيسي على الولاء الأيديولوجي، بالإضافة لامتلاكها أقوى منظومة بوليس سري داخلي لم يشهد لها التاريخ مثيلا من حيث الضخامة والوحشية. وكان هناك مجموعة غير قليلة من الدول تدور في فلك هذه الدولة العظمى بالإضافة للكثير من الأحزاب والنقابات التي ارتبطت معها عضويا، بحيث أنه في بعض فترات القرن العشرين كان أكثر من نصف البشرية يعيش تحت أنظمة حكم تابعة بشكل مباشر أو غير مباشر لهذه الدولة.

رغم كل هذه المشاكل العميقة التي تعاني منها إيران حاليا فإن قيادتها مصرة على أنها لم تخطئ أبدا

اليوم، يرى أكثر الخبراء أن مجموعة من العوامل ساهمت في سرعة انهيار الاتحاد السوفييتي. أهم هذه العوامل، الفشل الاقتصادي. إذ كان متوسط دخل الفرد في هذه الدولة مترامية الأطراف والغنية بالكثير من الثروات الطبيعية أقل بكثير من دول الغرب حتى لو تم احتسابه مع مراعاة القوة الشرائية والخدمات المجانية المقدمة للمواطنين. ولم تنجح في بناء صناعة متطورة تستطيع منتجاتها منافسة ما ينتجه الغرب. واستنفد سباق التسلح الجزء الأكبر من ناتجها الوطني وأدى إلى تدهور إضافي في مستوى معيشة شعبها.

ولا يمكن تجاوز تكاليف انتشار قواتها العسكرية لدى الأنظمة الحليفة والعميلة لها في دول أوروبا الشرقية وبعض ديكتاتوريات العالم الثالث، التي كان يكفي أن ترفع شعارات معادية للغرب ومفاهيمه وسياساته حتى تحصل على الدعم السوفييتي الاقتصادي والعسكري. وآخر تدخلات الاتحاد السوفييتي العسكرية المباشرة كان في أفغانستان والذي يعتقد كثيرون أنه سرع من هذا الانهيار. بالمحصلة كان الاتحاد السوفييتي يخوض صراعات متعددة على مستوى العالم تفوق إمكانياته.

  • Social Links:

Leave a Reply