حول رؤيتنا للصراع الجاري – ورقة مقدمة للمؤتمر الثاني لحزب اليسار السوري من حزب العمل الشيوعي

حول رؤيتنا للصراع الجاري – ورقة مقدمة للمؤتمر الثاني لحزب اليسار السوري من حزب العمل الشيوعي

حول رؤيتنا للصراع الجاري

تواجه سورية اليوم احتلال سبعة دول , تخوض على أرضها حروب مباشرة , حاملة معها خطر تحول الوطن السوري إلى دولة مقسمة , باتت معالمها الميدانية واضحة المعالم اليوم للمراقب , فهناك إقليم شرق الفرات الذي تعود سيطرته للأمريكان وحلفاؤه الأكراد , بينما يبقى غرب الفرات متروك لسيطرة الروس والإيرانيين والنظام ,أما القوات التركية التي غزت قواتها الأرض السورية , فقد انفتحت شهيتها بعد احتلالها عفرين إلى اجتياح منبج وتل رفعت . وبذلك تحولت سوريا اليوم إلى واقع مقسم منزوع السيادة , تتناوب أمريكا وروسيا وإسرائيل قصفه بشكل يومي, تحت ذرائع مختلفة منها: الحرب على الإرهاب , ومقاومة تمدد النفوذ الإيراني بالمنطقة. بينما الحقيقة تكمن في سعي جميع هذه القوى لتمرير مصالحها على حساب الدم السوري , وهذا يشمل روسيا وأمريكا معاً , اللتان تسعيان لبسط سيطرتهما على ثروات البلاد والتحكم في مصيرها , دعما لأمنهما القومي , الذي بات يشكل وجود إسرائيل قوية جزء لا يتجزأ منه . هذا الواقع الذي يتحمل مسؤوليته النظام بالدرجة الأولى إلى جانب رهانات طيف معارض, كان يرى باستقدام الخارج إلى الداخل شرط أساسي لإنجاز التحول الديمقراطي .

وأمام واقع الاحتلالات المتعدد الجنسيات هذا خرجت مقدرات الحرب من يد النظام والمعارضة المسلحة معاً. , حيث بات مصيرهم تقرره الدول الكبرى ودول الإقليم . لذلك وقفنا منذ البداية ضد التسلح والسلاح , واعتبرنا أن استخدامه سيكون مخرباً للثورة . وكذلك وقفنا ضد التدخل الخارجي وكل الاحتلالات , وأمام مآلات الصراع المدمر , يمكن تحديد عدة مرتكزات للخروج من المأزق الراهن :

1- إن الهدف الأعلى الذي يتقدم كل الاهداف في هذه المرحلة هو إنهاء هذه الحرب , والعودة بالصراع إلى شكله السلمي , ولا يوجد وسيلة لبلوغ ذلك الهدف إلا بواسطة حل سياسي يأتي تتويجاً لتسوية تاريخية , وليس نتيجة لحسم عسكري موهوم ينجزه النظام في جبهات القتال على المعارضة المسلحة .

2- كما أن الحل السياسي القادر على إنجاز مثل هذه التسوية التاريخية , هو الذي يأتي مسنودا ًبقوانين الشرعية الدولية ذات الصلة , التي حددت خارطة وطنية – دولية للحل السياسي القادم في سورية , وفي مقدمتها 🙁 بيان جنيف 1 حزيران لعام 2012, و بيانا فيينا 1 , 2 والقرار الدولي 2254) .

وبالتالي لا يمكن تصور حل سياسي يأتي من خارجها أو من خلال تجزئته إلى سلال متعددة , واحدة تخص المعتقلين , وأخرى تخص الدستور, وثالثة تخص هيئة الحكم الانتقالي , كما يجري الآن مع تعطيل مسار جنيف وتفعيل مسار الآستانة وكذلك سوتشي, الذي يستثمر نتائج

الحرب في انجاز حل سياسي غير متوازن يصب في مصلحة بقاء النظام (بتقزيمه إلى تعديل دستور 2012) , ولا يصلح أن يبنى عليه أسس عيش مشترك .

3- إدراك النتائج المترتبة على فشل العمل المسلح المعارض , والذي أوصل ثورة الشعب السوري إلى الطريق المسدود , حين تحولت الثورة السورية إلى عمل مسلح ومن ثم إلى حرب إقليمية دولية , دفع إليها عنف النظام وطائفيته, وتمويل وتسليح وطائفية دول الإقليم .

4- إن استحالة الحسم العسكري ضد النظام , يرتب على قوى الثورة استخلاص دروس التجربة , بوضع استراتيجية جديدة للعمل الثوري المعارض , تراهن بالدرجة الأولى على الشعب السوري , وتحاول أن توظف المصالح الدولية في مصلحة قضية الشعب السوري , وليس العكس , وبالتالي ترك مسافة فاصلة بين الاستراتيجيات الدولية الفاعلة بالصراع , والاستراتيجية الوطنية التي تعمل عليها قوى الثورة , الأمر الذي سيعمق مستقبلاً الفرز أكثر بين قوى المعارضة المرتهنة في قرارها السياسي , وتلك التي تسعى نحو الانعتاق من أسر التبعية , وربما يقودها ذلك إلى إعادة النظر بتحالفاتها السياسية الراهنة .

5- إن مسار التفاوض في جنيف والذي ترعاه الأمم المتحدة , رغم حالة المراوحة بالمكان التي يعاني منها , يبقى هو الخيار المتاح والافضل في المستقبل , لحمل التفاهمات الدولية حول سورية وإيصال قطار التسوية السياسية ..الوطنية إلى بر الامان إذا ما توصلت تلك القوى إلى قرار بضرورة وقفها . وهذا يقتضي التخلي عن تكتيك الهيئة العليا , برحيل رأس النظام في بدء المرحلة الانتقالية كشرط مسبق لبدء العملية التفاوضية, وتركه للتفاوض.

6- إن أهم معالم استراتيجية قوى الثورة الجديدة , تستوجب إعادة الفرز بين قوى الثورة الوطنية الديمقراطية , وقوى الثورة المضادة التي تعمق الأزمة من خلال التشبيك مع الاستراتيجيات الإقليمية الدولية بهدف الوصول إلى السلطة , وتلك التي هدفها التغيير الجذري الديمقراطي.

7- أما الهدف الثاني في استراتيجية قوى الثورة بعد وقف الحرب , فيجب أن يتركز على عودة المهجرين والمشردين السوريين من دول الشتات إلى أرض الوطن , والمناطق التي خرجوا منها قسراً, كخطوة ضرورية لعودة القضية الوطنية ليد الشعب السوري من جديد , ووقف مفاعيل الحرب المدمرة , وإسقاط كل مشاريع التقسيم المحتملة .

8- أما الهدف الثالث الذي يأتي بمرتبة الهدفين السابقين , يكمن بأنهاء وجود كل الاحتلالات والتدخلات على الأرض السورية .

إن ما يريده السوريون اليوم هو الخروج من أتون الدمار والقتل والاعتقال والتهجير , والمضي نحو تغيير حقيقي ينقل بلدنا من دولة القمع والاستبداد إلى دولة المواطنة الديمقراطية التعددية دولة العدالة الاجتماعية التي تحترم كل ابنائها بغض النظر عن انتماؤهم الطبقي أو العرقي أو الديني أو الطائفي .

27 / 6/ 2018

حزب العمل الشيوعي في سورية

  • Social Links:

Leave a Reply