من هم أصحاب السترات الصفراء وماذا يريدون؟
ما بدأ احتجاجًا على ضريبة الوقود من قبل السائقين الفرنسيين يبدو أنه الآن يتوسع ليصبح مَيلًا ضد الحكومة
من هم أصحاب (السترات الصفراء)؟
بدأت حركة احتجاج شعبية للمواطنين، في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر، ضد زيادة مقررة في الضريبة على الديزل والبنزين، أصرّ إيمانويل ماكرون على أنها تساعد في انتقال البلاد نحو الطاقة الخضراء/ النظيفة. وجد استطلاع للرأي في ذلك الوقت أن سعر الوقود أصبح أكبر نقطة يتحدث بها الناس في فرنسا.
سُميّت الحركة بـ “السترات الصفراء” لأن المتظاهرين يرتدون السترات الصفراء اللامعة التي يجب على جميع سائقي السيارات، وفق القانون، حملها في سياراتهم. لكن ما حدث كاحتجاج على ضريبة الوقود تحول الآن إلى حركة أوسع مناهضة للحكومة.
بخلاف حركة الاحتجاج الفرنسية السابقة، انطلقت الاحتجاجات الجديدة عبر الإنترنت، وتم تنظيمها من قبل عمال عاديين نشروا مقاطع مصورة (فيديوهات) على وسائل التواصل الاجتماعية، من دون أن يكون هناك زعيم أو نقابة أو حزب سياسي، وراء ذلك.
وقد تم تنظيم أول يوم وطني للاحتجاجات في جميع أنحاء فرنسا، يوم السبت 17 تشرين الثاني/ نوفمبر، واستمرت الاحتجاجات يوميًا، بما في ذلك إقامة نقاط التفتيش وحواجز على الطرق، وإغلاق وحصار مخازن الوقود.
كيف تصاعدت الاحتجاجات؟
تقول وزارة الداخلية الفرنسية إن إجمالي عدد المتظاهرين انخفض منذ ذروتها في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما كان حوالي 285,000 شخص متظاهر في جميع أنحاء فرنسا. في الأول من كانون الأول/ ديسمبر، بعد أسبوعين من الاحتجاجات الأولى، قالت وزارة الداخلية إنه في الساعة الثالثة من بعد الظهر كان 75,000 شخص في الشوارع. ويعتقد أن حوالي 100,000 متظاهر في المجموع في عموم فرنسا طوال اليوم.
ومع ذلك، فقد تصاعدت وتيرة العنف في الاحتجاجات الأسبوعية في باريس التي تُنظم يوم السبت. في الوقت الذي تظاهر فيه الآلاف سلميًا، في الأول من كانون الأول/ ديسمبر، اشتبك حوالي 3000 منهم مع الشرطة، وأحرقوا أكثر من مئة سيارة، وأشعلوا النار في عدة مبانٍ وحطموا نوافذ البنوك وواجهات المخازن في بعض من أغلى شوارع باريس.
وحمّلت السلطات مسؤولية أعمال الشغب لمثيرين “محترفين” من اليمين واليسار المتطرفين الذي تسللوا إلى التظاهرات السلمية. وقال المدعي العام في باريس إن معظم الأشخاص، من بين ثلاثمئة شخص محتجزين لدى الشرطة بعد أحداث العنف في باريس، كانوا من الرجال الذين تراوح أعمارهم بين 30 و40 عامًا الذين “جاؤوا لقتال الشرطة بينما يدّعون أنهم جزء من حركة السترات الصفراء”.
كانت هناك أيضًا اشتباكات عنيفة مع الشرطة في تولوز. وفي بلدة (لو بوي-أون-فيلاي)، تعرض مكتب الحاكم المحلي لقنابل المولوتوف، حيث اشتعلت فيه النيران حالًا.
يستمر متظاهرو السترات الصفراء في مناطق أخرى في نصب حواجز على الطرق، وتم إغلاق بعض مستودعات الوقود في الشمال الغربي، كما انضم بعض طلاب المدارس الثانوية إلى الحركة، وأقاموا المتاريس أمام المدارس.
استطلاع للرأي أجرته شركة هاريس التفاعليّة Harris Interactive، بعد أحداث العنف في الأول من كانون الأول/ ديسمبر في باريس، وجد أن 72 في المئة من الفرنسيين مستمرون في تأييد السترات الصفراء، لكن 85 في المئة لا يوافقون على العنف في باريس.
من هم المحتجون وما هي مظالمهم؟
جاء معظم المتظاهرين من المقاطعات والمدن والمناطق الريفية في عموم فرنسا، وضمت النساء والأمهات العازبات [من دون عقد زواج]. معظم المتظاهرين لديهم وظائف، ومنهم السكرتارية، وعمال تكنولوجيا المعلومات، وعمال المصانع، وعمال خدمات التوصيل وعمال الرعاية. الجميع يقولون إن أجورهم منخفضة، ولا يستطيعون تغطية نفقاتهم حتى نهاية الشهر.
الحركة في الغالب ضد نظام ضريبي يُنظر إليه على أنه غير عادلٍ وجائر، ولكن هناك العديد من المظالم واختلافات في الرأي. يريد معظمهم التخلص من ضريبة الوقود، وإجراء مراجعة لنظام الضرائب، ورفع الحد الأدنى للأجور، والتراجع عن تخفيضات ماكرون على ضريبة الأثرياء وبرنامجه الاقتصادي المؤيد لقطاع الأعمال. ولكن بعض الناس يريدون حلّ البرلمان واستقالة ماكرون.
ما هي الآثار المترتبة على ماكرون وفرنسا؟
هذه أول أزمة كبيرة لرئاسة ماكرون. خاطر الرئيس ابن الأربعين عامًا المؤيد لقطاع الأعمال، والمؤيد لمركزية أوروبا، بهويته السياسية، من خلال الإصرار بأنه لن يستسلم أبدًا لاحتجاجات الشوارع. لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه يُنظَر إليه على أنه لا يستمع إلى مخاوف العمال العاديين ذوي الدخل المحدود، وأنه يتعرض لضغوط من أجل تقديم تنازلات.
إنه لأمرٌ مدمرٌ أن ماكرون الذي حركته السياسية الوليدة “الجمهورية إلى الأمام” -كانت تُصنَف كحركة شعبية تستمع إلى الناس- قد فوجئ بثورة الضرائب المفاجئة هذه. وعلى الرغم من أن ماكرون هزم مارين لو بان اليمينية المتطرفة في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، فإن مزاج عدم الثقة في الطبقة السياسية لم يختف قط.
عُرفت الأشهر الثمانية عشر الأولى من رئاسة ماكرون، بتوجهه نحو رجال الأعمال ليصبحوا أكثر تنافسًا، وخفض الضرائب على الشركات، وقد غيّر ضريبة الثروة في فرنسا، الفرنسية، مما خفّف من العبء الضريبي على الأثرياء ذاتهم.
هو الآن تحت الضغوط للنظر في مطالب السترات الصفراء، وإلى تلك النهاية نفذت الحكومة انعطافًا بمئة وثمانين درجة، في يوم 5 كانون الأول/ ديسمبر، عندما ألغت ضريبة الوقود، بعد يوم واحد من إعلان تجميدها لمدة ستة أشهر.
Social Links: