عمان – تواجه حكومة عمر الرزاز ضغوطا جديدة بشأن قانون العفو العام الذي أقرته الاثنين الماضي، وتضمن استثناءات كثيرة أثارت استياء العديد من النواب والسياسيين والحقوقيين، الذين اعتبر بعضهم أن هذا القانون هو الأسوأ في تاريخ الأردن.
وأمر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الحكومة في 13 ديسمبر الجاري بإصدار قانون العفو العام، بغية التخفيف من التحديات والضغوطات التي تواجه المواطنين.
وأكد الملك عبدالله آنذاك ضرورة إعطاء المخطئين فرصة لتصويب مسارهم وسلوكهم. وشدد على أهمية أن يسهم قانون العفو العام في التخفيف من الأعباء التي تثقل كاهل المواطنين، ويساعد في التخفيف من وطأة الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يمرون بها، وذلك حفاظا على كرامتهم وطي صفحة من صفحات الحياة الصعبة التي مرّوا بها.
وهذا العفو الثالث من نوعه الذي يأمر الملك عبدالله الثاني بإصداره منذ توليه الحكم في العام 1999، وهو على خلاف القانونين السابقين (1999 و2011) اللذين كانا أكثر شمولا في تطبيقهما.
ويأتي قرار الملك في محاولة على ما يبدو لامتصاص غضب الشارع الذي بدا ساخطا على سياسات الحكومة الحالية خاصة بعد إقرارها قانون الضريبة على الدخل المثير للجدل، والذي يعتبره كثيرون نسخة معدلة عن مشروع سابق تسبب في احتجاجات في مايو الماضي أدت إلى سقوط حكومة هاني الملقي.
ويرى سياسيون ونواب أن الرزاز وبدلا من أن يستثمر الأمر الملكي في إصدار قانون يرقى إلى تطلعات المواطنين ويخفف من الضغوط عليهم، وبالتالي ينفّس من حالة الاحتقان المتزايدة، خاصة بعد الاعتقالات الأخيرة لنشطاء احتجوا على الحكومة، عمد فريقه إلى صياغة مشروع أفرغ الأمر الملكي من مضمونه. ويقول هؤلاء إن هذا القانون الذي أقرته الحكومة، جاء مخالفا لتوصيات الملك عبدالله الثاني بالنظر إلى كثرة الاستثناءات التي تضمنته.
واستثنى المشروع ما قال إنه جرائم خطيرة تمس بأمن المجتمع، ومنها الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي، مثل مناهضة نظام الحكم، وجرائم التجسّس، والجرائم الاقتصادية، وجرائم الفساد، وجرائم الإرهاب، والجرائم المخلّة بواجبات الوظيفة العامّة.
كما استثنى جرائم المخدّرات، والحريق، والقتل، والسرقة، والتزوير، والغرامات الماليّة الناجمة عن جرائم التهرّب الضريبي والجمركي، ومخالفات السير التي تشكّل خطورة على حياة المواطنين. وفور صدور المشروع لاقى ردود أفعال واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، اتهمت الحكومة بمخالفة التعليمات الملكية بالمفهوم الحقيقي للعفو العام.
وقال نقيب المحامين مازن ارشيدات “هذا عفو غير حقيقي.. بالغت الحكومة في الاستثناءات.. الاستثناء يكون ضيقا، لكن الحكومة حولته إلى أصل”. وتابع أن “العفو يجب أن يشمل كل أمر جزائي، سواء أكان جناية أو جنحة أو مخالفة”.
ورأى أن “الحكومة ليست راغبة في العفو، ولولا تدخل الملك لما قامت بذلك”. وأوضح أن “العفو العام يبيض السجون، فهو يجبّ العقوبة والجريمة”. ولفت ارشيدات إلى أن “معتقلي الرأي والجرائم الإلكترونية تُسند إليهم دائما تهمة مناهضة نظام الحكم؛ ليتم تحويلهم إلى محكمة أمن الدولة”. وشدد على أن “الصلاحية هي للمحاكم النظامية، والتحول إلى محكمة أمن الدولة هو اعتداء على اختصاص المحاكم النظامية ومخالف للدستور”.
وليصبح هذا المشروع قانونا نافذا يجب تحويله إلى البرلمان بشقيه (النواب والأعيان)، لمناقشته، وحال التوافق عليه يُرفع إلى الملك للمصادقة عليه، ثم يُعلن في الجريدة الرسمية.
وفيما بدا محاولة لتجاوز الهنات في القانون قال رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، الخميس، إن قانون العفو لم يصل بعد إلى مجلس النواب ولا تزال الحكومة تدرسه. وأضاف الطراونة خلال لقاء جمعه برئيس الوزراء عمر الرزاز أن على الحكومة الأخذ بعين الاعتبار في العفو المخالفات والغرامات وقروض الطلبة.
وأكد الطراونة أن المجلس سيتوسع في العفو العام، مشيرا إلى أن أولويات النواب التخفيف عن المواطنين كما جاء في توجيهات الملك عبدالله الثاني، “وسنركز على التوسع بشمول مخالفات السير وقروض الطلبة والغرامات”. من جهته أوضح الرزاز أن القانون حاليا لدى ديوان التشريع للتدقيق فيه، وأنه سيكون جاهزا ليرسل إلى البرلمان خلال يومين.
ويرجح مراقبون أن تسعى الحكومة إلى القيام بتعديلات على القانون قبل إرساله للنواب، في ضوء الضجة التي أثارها بصيغته المطروحة حاليا، لافتين إلى أن حكومة الرزاز بدلا من أن تحاول تهدئة الشارع، تواصل في استفزازه عن غير قصد عبر هذا القانون، وغيره من الاجراءات.
وتجددت الخميس الاحتجاجات قرب الدوار الرابع (حيث مقر الحكومة) في العاصمة عمان، ورفع المحتجون الذين التحقت بهم بعض القوى السياسية والنقابية، شعارات من قبيل إسقاط حكومة الرزاز، وتغيير النهج الاقتصادي في البلاد، وإطلاق سراح النشطاء.
وكان ائتلاف الأحزاب اليسارية والقومية قد أعلن الثلاثاء عن قراره الانضمام إلى الحراك الذي دخل أسبوعه الرابع، في خطوة من شأنها أن تعطي زخما أكبر للاحتجاجات.
وحمل الائتلاف في بيان له حكومة الرزاز المسؤولية عن استمرار الاحتقان الشعبي “بإدارة الظهر لمطالب الإصلاح والاستمرار بالتضييق على الحريات العامة بالاعتقالات والتوقيفات للنشطاء من الأحزاب والحركة الجماهيرية”.
وشدد على ضرورة إقدام الحكومة على اتخاذ خطوات عملية تتعلق بتحسين الحالة المعيشية للمواطن، أولاها إلغاء ضريبة المبيعات على الأدوية والمواد الغذائية وتخفيض باقي السلع التي يعتمد عليها المواطن، بالإضافة إلى تخفيض حقيقي في المحروقات
Social Links: