صرخة سورية

صرخة سورية


وما سوف يليها. هذه الصرخة كتبتها في الشهور الأولى للثورة.
1 آب 2011.
صرخة سورية خاصة

على مرِّ السنوات كنا نعلم، نحن السوريون الحالمون بالحرية، أننا شعب يعيش بلا غطاء يحمينا، ولا قوانين داخلية تمنع التجاوزات عن أعمارنا وأرواحنا. في ظل نظام أمنيٍّ متغوِّل، كان وما زال، لقسوة سوء حظنا، حاجةً دولية وإقليمية. حاجة.. نحن الذين ندفع ثمنها الباهظ، ولطالما شعرنا أن ظهرنا للعراء، ولطالما كانت معركتنا وحدنا بلا أي أمل بالحماية.
على مرِّ السنوات كنا، نحن السوريون الحالمون بالحرية، نصرخ بمواجهة الكرة الأرضية. بصوت وحشي يشبه أصواتنا في دواليب التعذيب. ونحن نتلقى لسعات الكهرباء… نصرخ بمواجهة الكرة الأرضية من أفواه تعرف الطعم المهين لنعل الحذاء، مختلطاً بطعم الدم النازف من الشفتين المتفزِّرتين والمهروستين بين الحذاء والأسنان المخلخلة. نصرخ بذاكرة محمَّلة بالجثث والدماء والمقابر الجماعية. نصرخ.. والكرة الأرضية تدور على محور صمتها الكوني، فنعود لنطوي أصواتنا المبحوحة، محكومين بمعرفتنا الأكيدة بأنها مسؤوليتنا وحدنا.
على مرِّ السنوات كنا، نحن السوريون الحالمون بالحرية، نعتقد أننا كنا، وقبل كل شيء، ضحايا نقطة التوافق بين الدول الكبرى المتصارعة على مناطق النفوذ أيام الحرب الباردة، تلك الحرب التي لم تكن فقط باردة بالنسبة لنا، بل صقيعية جداً، ونحن نتلهف على بعض الدفء في ليالينا السورية الطويلة والباردة. ولدينا ما يكفي من اليقين بأننا، كنا ومازلنا، ضحية الصفقات الدولية مع الأنظمة التابعة، ولذا مازال وسوف يبقى هذا الصمت المتواطئ إلى أن نسدد من أرواحنا.. وفقط من أرواحنا الثمن الأغلى لحريتنا.
قد يكون مفهوما أن السياسة ليست متطابقة مع الأخلاق، وهذا محزن بالطبع، لكن الشيء الفادح، هو أن تكون عديمة الأخلاق إلى هذه الدرجة المريعة، وأن يتحول السياسيون، على اختلاف مواقعهم، ليكونوا بائعي مفرَّق، ومروجي أخلاق زائفة.
نحن السوريون الحالمون بالحرية، سنقول اليوم شكراً لكل من دمعت عيناه على أشلائنا وأشلاء أطفالنا. ولكل من همس برأي، ولو خجول، ليقول إنه يتفهم عدالة خروجنا للبحث عن حريتنا الضائعة.
ولنا اليوم، نحن السوريون الحالمون بالحرية، الحالمون بسوريا مختلفة، لنا أن نسدد نظراتنا الجسورة، متجاوزين كل الجغرافية السياسية البليدة إقليمياً وعالمياً، وقبل أن نهمس ” صمتكم يقتلنا”، لنا أن نصرخ، ونحن نعبر ببسالةٍ إلى حريتنا، بكل ما أوتينا من صوت: “إنها رائحة ألاعيب السياسة!!! سدُّوا أنوفكم.. واعبروا”.

  • Social Links:

Leave a Reply