عارف دليلة في “أيام الثورة السورية” 2/2

عارف دليلة في “أيام الثورة السورية” 2/2

نتابع في الرافد نشر الندوات التي يقيمها لقاء القوى الوطنية الديمقراطية السورية وننشر اليوم الجزء الثاني من حديث الدكتور عارف دليلة عن “الثورة السورية المخارج السياسية والاقتصادية” في الندوة التي أقامها حزب اليسار الديمقراطي السوري.

تقرير جيهان الخلف:

 

لقد كان مؤتمر موسكو 2 فرصة التقى فيها من جاء من الداخل مع الخارج، يقول “دليلة” مضيفاً “لم يكن هناك أي تحفظ على بند من البنود الانسانية من قبل أي أحد من الحاضرين، لكن حين جاء وفد النظام برئاسة الجعفري رفض وقال محاربة الارهاب وتسليم السلاح والمحاسبة”، فيما بعد خرجت هذه التوصيات في قرار مجلس الامن 2254 كتوصيات فوق تفاوضية.

يضيف “دليلة ” أنا اليوم شبه ممنوع من الخروج على الاعلام الروسي بعد حديثي في موسكو 2 وانتقاد السياسة الروسية التي تنفخ في رأس من لا يريد الاصلاح السياسي”

ورداً على سؤال عن إعادة الاعمار يجيب “دليلة” : لا يوجد إعادة إعمار دون تغيير سياسي، ولا يمكن لأحد أن يساهم أو يقرض لإعادة الاعمار، إن لم تنشأ كتلة او سلطة وطنية جامعة لا يمكن أن يبدأ الاعمار، لا يمكن إعادة الشعب إلى بيت الطاعة، ولا يمكن إعادة الناس إلى قطاعات الإنتاج قبل التغيير الجوهري من طبيعة النظام، والمجتمع الدولي غير مستعد خصوصاً بعد تحديات كورونا التي يرصد لها ما مقداره 2000 مليار دولار لمعالجة آثارها، وحتى أن هناك مشكلات في طريقة معالجتها، فمثلا في الولايات المتحدة هناك خلاف بين الجمهورين والديمقراطيين، والجمهورين يمثلون الاحتكارات الكبرى ويريدون توزيعها على الأنصار والشركات، الدول ترصد المليارات من أجل معالجة مشاكلها ومواطنيها، تخيلوا أنو  يفكروا بالسوريين ضمن زحمة مشاغلهم ؟!.

يعترض “دليلة ” حول ما يتداول من أن القرار السوري خرج من أيدي السوريين، ويؤكد أن القرار مازال بأيديهم، رغم خضوعه لتجاذبت دولية اقليمية لأن السوريون غائبون عن هذا الدور، ولأنهم عاشوا في دور “المرجعيين والدعم من هذه الدول”.

يضيف “دليلة” نحن الآن في حالة انسداد الأبواب والمخارج منذ انفضاض جلسة الحوار التي أدارها فاروق الشرع، منذ تلك اللحظة وأقول ذلك لأنها كانت لحظة حاسمة، وكانت تعبر عن رأي العقلاء السوريين بغض النظر عن آرائهم، لكن كان هناك من يحرض على الانزلاق في هذه الأزمة، “الجميع بلا استثناء كان يريد ايصال سوريا لما هي عليه اليوم” ” كل من يجلس على هذا المقعد يختار بين هذا وذاك والمسلحين من البداية اختاروا حل إما أن تقتلني أو اقتلك، وارتبطوا بالخارج، وأصبحوا في حالة تبعية للخارج”.

يؤكد “دليلة” أن هناك الكثير من المعارضين السوريين، ومن المثقفين، والمواطنين العاديين، يرفضون كل هذه الاحتلالات والسلطة الحالية بشكلها هذا لا تصلح، مضيفاً ” قلت هذا منذ نيسان 2011 في مقابلة أجرتها معي صحيفة الرأي القطرية، هذا النظام لا يصلح لقيادة سوريا خطوة واحدة للأمام وخلال 30 سنة مضت منعها من التقدم ولا بد من الاصلاح الجذري”، على مدى 30 سنة حتى 2011 ألغى المحاضرات والندوات والجامعات، أتحدث عن الفشل الاقتصادي الرهيب في سوريا، فبدلاً من أن تتقدم كانت سوريا تتراجع الى الوراء، لا يوجد شفافية في الأرقام المعطاة، نحن البلد الوحيد في العالم الذي لا يستطيع أن يعطي رقم واحد صحيح.

وحول سؤال هل انتصر النظام؟ أجاب “دليلة” على من انتصر، على الشعب السوري والدولة السورية والأطفال السوريين؟ هذا هو الهدف الرئيسي للجميع والأمر الواقع للرؤوس المتورمة والمتسلحة بالعنف والمتسلحة من قوى تؤمن لها الدعم والسلاح، الجميع تسابق على تهميش واقتسام سوريا طبيعيا واقتصاديا وثرواتها، كلهم تنافسوا من الناحية السلبية والروس المسؤول الأكبر والطرف الأقدر على وقف الكارثة بالعودة إلى علاقاتها التاريخية مع سوريا، لماذا لا تؤدي الدور الايجابي وأدت الدور السلبي مع السلطة؟

ورداً على سؤال هل علينا الاستسلام للأمر الواقع؟ أكد “دليلة” أنه لم يطلب الاستسلام، بل قال أن من ينتظر ممن يقتلون الشعب السوري ويظهرونه بأنه قوى متصارعة ومتناحرة مخطئ، فهم لن يسمحون بالعودة إلى حالته الطبيعية، والقوى التي تحمل السلاح لن تستغني عن وحشيتها وعنصريتها، وليس من مصلحتها الخروج من هذه الازمة وتخطي الأفق المسدود، لكن هناك قوة الشعب السوري الحية ولكنها مشتتة وغير فاعلة، فكيف للشعب السوري وقواه الحية أن يفعل شيء يستطيع من خلاله أن يؤثر على قوى الأمر الواقع الخارجية والاقتصادية وهو مشتت؟ ليس هناك مبادرات،  لماذا تأخرنا في هذا السعي؟ هناك أحزاب وكتل، وهناك نشاط، هل يوجد سبيل لتجميع هذه القوى التي تتحدث بخطاب واحد؟ لماذا لا يلتقون؟ فإذا كانت السلطة لا تفكر بتقديم تنازلات وحلول، ألا يمكن للمعارضة وللسياسيين الوطنيين على اختلافاتهم أن يتفقون على نواة أساسية، هي عودة سوريا دولة موحدة ونظام قائم على قانون وحريات وعدالة ومواطنة ؟  المسؤولية الكبرى تقع على عاتق السوريين، كل سوري حريص على شعبه ووطنه يجب ان يضغط باتجاه الحل وتوحيد القوى الوطنية الديمقراطية.

من ناحية أخرى أكد “دليلة” على ضرورة التفريق بين من حمل السلاح للدفاع عن النفس وبين من وضع بندقيته للإيجار عند الآخرين، وأصبح موضوع متاجرة كبيرة وسبب لثراء كثير من مدعي الثورة، وظهور ظاهرة التسلح والعنف، مشيراً إلى أن النظام رفض الحل السياسي والذي كان مطروح من البداية في ربيع دمشق وحتى عام 2011.

يقول “دليلة” كانت تصدر تصريحات من مسؤولين كبار إن سوريا انتهت، وإن هذه الحرب ستستمر عشرات سنوات، وربما 30 سنة، وكنت استغرب أنه لم يبقى في سوريا عقلاء ليمنعوا هذه الحرب، وكنا نتصور أنه لابد عند هذه المرحلة أو النقطة أن تقف الأمور، كلكم يعلم بتدخل الجامعة العربية، وإرسال مراقبيها، وكيف أفشلت، والتدخلات الاجنبية هي الأخرى أفشلت، والأمين العام السابق للأمم المتحدة وجهودها الكثيرة كان صادقاً منها الاخضر الابراهيمي وكان لديه رغبة قوية في وقف الانهيار في سوريا، وأذكر في الأشهر الأخيرة عندما كان يتحدث عن رغبته في الاستقالة سافرنا إليه أنا ومجموعة من السوريين نرجوه أن  لا يتخلى عن المهمة ويتراجع عن  رغبته في الاستقالة، وأخبرناه أن لا أحد غيره يستطيع تولي هذه المهمة ويتابعها إلى أن يصل إلى بداية الحل، ومن ثم يتابعها غيره، وقال لنا يومها إنه وقف بمكان ليس فيه حل ولا يستطيع الاستمرار وديميستورا بقي 7 و8 شهور يدعوا السوريين دون فائدة.

وعن دور العقوبات الدولية المفروضة على النظام أكد “دليلة” أنه لم يحدث في التاريخ أن تسقط الأنظمة من خلال العقوبات، بل تزيد العقوبات من قوته لأنها تقع على الشعب، وحتى عنما تذكر أسماء معينة بذاتها، فالنظام يمتلك ألف طريقة للالتفاف على العقوبات، وأرباح الفاسدين من زمن الحرب زادت أضعاف ما كانت عليه  قبل الثورة. يجب أن ننظر للعقوبات من ناحية التفريق بين النص وبين النتيجة الواقعة على الأرض، النتيجة لا يوجد شركة تأمين يمكن أن تأمن على شحنة تجارية تتجه إلى سوريا؟ ولا يوجد بنك سيغطي أي صفقة مع سوريا، ولا شركة شحن ستتجه إلى سوريا …. الخ، هذه ضرورة للسوريين حتى يبقوا صامدون. مضيفاً : هل تعتقدون أنه سيتم قطع وقود الطائرات والدبابات والسيارات التي تنقل القوات العسكرية عن قوات النظام؟ مؤكداً أن الوقود سينقطع عن الشعب والمواطن وهو من سيؤثر عليه هذا القرار، والمواطن الضعيف سيتأثر أكثر من غيره، مؤكداً أن هذه العقوبات خطأ، واليوم يأت قانون سيزر وسيتم تطبيقه قريباً وأعتقد أن قرار العفو الصادر مؤخراً عن النظام فهو نوع من الايحاء بأننا سنعدل سلوكنا، لكني متأكد أن قانون سيزر لن يصل إلى أحد من المقصودين اسمياً، ولن تهتز لهم شعرة، قانون سيزر في الواقع التطبيقي سيزيد من صعوبة الأمر على الاقتصاد السوري. لقد جمد النظام سوريا وأدى إلى تخلفها وهجّر 3 ملايين سوري خارج الحدود، مضيفاً لو تكلمنا عن متوسط دخل الفرد فأنا توظفت على البكلوريا تعينت براتب كان 190 ل.س، بعد أكثر من 30 سنة وبأواخر التسعينات أصبحت اتقاضى أعلى راتب وكنت عميد كلية الاقتصاد في جامعة حلب، لكني كنت اعيش بمستوى أقل من مستوى الذي كنت اعيشه براتب 190 ل.س.

يوضح الدكتور “دليلة” أن الليرة السورية بقيت تحافظ على قيمتها أمام الدولار 4 ليرات حتى عام 1980 ، ومن تلك الفترة وحتى 2011 أصبح سعر الدولار 50 ليرة، وفيما بعد وبين عامي 2011 و2012 أصبح الدولار 100 ليرة، وبعام 2013 حين تم الاعلان عن ضربة عسكرية متوقعة للنظام ارتفع الدولار إلى 300 ليرة ومن وقتها استمر بالصعود أمام الليرة السورية، مشيراً إلى أن الخزينة السورية كانت تضم 100 مليار ليرة سورية تراكمات معاشات وتقاعدات، وتم توظيفها في خزينة الدولة لتغطية العجز والسرقات، وطارت حقوق المواطنين، وأصبح المواطن عاري تماماً، وتأتي العقوبات لتضيف عبء جديد عليه.

يؤكد “دليلة” أن النظام مصر على الحل العسكري وخصوصاً بعد الدعم العسكري الروسي والإيراني وللأسف صار مؤكد المزيد من التدويل مع احتلالات جديدة على الارض وصارت كل الدول مهتمة بأي شيء داخل سوريا أو احتلالاته وتكريس أوضاع هذه المناطق التي احتلتها أصبحت مناطق نفوذ لها، ويقدم النظام إصلاح سياسي مغشوش مع أن المطلوب إصلاح سياسي جذري، والوضع اليوم أسوء بكثير مما كان أيام المادة (8)، لم يعد حزب البعث القائد للدولة والمجتمع وأصبح هناك من هو أسوء بكثير من حزب البعث العربي كقائد للدولة والمجتمع.

ويؤكد “دليلة” أنه لا بد من تغير جوهري بشكل النظام وطبيعته قبل الحديث عن إعادة اللاجئين، إذ لا يمكن إعادة الشعب بكامله إلى غرفة الطاعة.

 

وحول رؤيته للاقتصاد والحلول التي سيقدمها إن أصبح رئيسا للجمهورية بعد الانتقال إلى الدولة الديمقراطية قال “دليلة” أن أكون رئيس سوريا هذه ليست مسالة فردية أو رغبة ذاتية، إنما هي بيد الشعب القادر على اختيار القرار بنفسه، أما من ناحية رؤيتي الاقتصادية فأنا أقوم بنفس دور ابن مالك، وسأبقى أقوم بنفس الدور أينما كنت في الشارع والجامعة أو البيت، كل محاضراتي تصب في مسار واحد.

وعن عودة سعر الدولار لما كان عليه قبل الانهيار قال دليلة “ليس مهماً عودة الدولار إلى 50 ل.س، الأهم هو عودة الشعب إلى عملية الانتاج، وبتوزيع ثروات عادل وأن يكون لدينا تكامل اقتصادي ويكون عنا وقود كافي وقمح وفائض، ويكون لدينا دولة ديمقراطية تعددية وابعاد الفساد الاستبداد, وبعدها تبدأ الحياة العامة بالعودة إلى سابق عهدها، في السابق كانت القدرات الانتاجية للشعب السورية تذهب بسبب الاستبداد والفساد، تخيلوا معي مثلاً أن مؤسسة التبع السورية كانت تحتاج لمليون دولار من أجل تطوير خطها الانتاجي واستقدام ماكينات، حيث طالب المرحوم محمد الكفل بهذا من أجل زيادة القدرة على انتاج دخان الحمراء المطلوب في السوق السوري، والمفضل على الدخان المستورد، لكنهم رفضوا تخصيص هذا المبلغ بالميزانية، وبقينا نخسر مليار دولار جراء استيراد الدخان الأجنبي من أجل مصلحة الفاسدين المستوردين وشركاؤهم ضمن النظام.

وأوضح في أمثالة من العالم عن تجارب إعادة البناء، فتحدث عن الكويت بعد خروج صدام حسين من الكويت، قائلاً دعت الطبقة الحاكمة في الكويت وبعد ساعات من دخولهم قصر السلام الشعب الكويتي إلى العودة، وكان أول قرار هو فتح الحدود أمام البضائع ودون جمارك، من أجل تلبية حاجات السوق دون احتكار وبهذا ستنهار الاسعار وتصبح طبيعية وبمتناول المشتري العادي بعيدا عن الارباح الباهظة والتكاليف التي كان يضعها المستورد والتاجر فوق ثمن البضاعة الاساسي، وفي فيتنام أعطت السلطات للمحافظين ومسؤولي المناطق سلطة أن يتم التعاقد مع شركات أجنبية في الخارج مباشرة، وهي اليوم من أغنى الدول، وتصدر للعالم وفيها مناطق عمرانية وحضارية ومصانع وشركات.

إذا يختتم “دليلة” الندوة “لابد من إدارة جديدة وعقلية جديدة”

تستمر ندوات لقاء القوى الوطنية الديمقراطية ونحن على موعد غدا مع ندوة للباحث الاقتصادي والسياسي المعروف د.سمير سعيفان وندوة اقتصادية حول “العالم ما بعد كورونا”.

  • Social Links:

Leave a Reply