دكتور مصطفى حميد أوغلو
قررت الابتعاد عن كل حديث عن كورونا حيث أصبح الحديث وقراءة هذه المواضيع مرهق للنفس ومتعب للروح والقلب والجسد…
وانسحبت من كل المجموعات التي تتحدث عن هذه الامور وتخوض بها وتكرر ماعلمناه وحفظناه بدون اي فائدة على أرض الواقع…
وبدل متابعة الاخبار والاحصائيات بدأت متابعة المحاضرات والمباريات وحتى الافلام الهادئة ….
وهذه نصيحتي للجميع …
ابتعدوا عن المقالات والفيديوهات التي تتكلم عن كورونا…
أولا اتركوا الامر لاصحابه واهل الاختصاص ووزارات الصحة والعلماء …
ثانيا لأن 80% من الاحاديث والمقالات والفيديوهات تدور حول معلومات مكررة اصبحت معروفة للجميع ولا حاجة لسماع الجديد منها….
لكنني
سمعت اليوم أحد الشيوخ يقول شكرا كورونا لأنك جأت لتأمري بالمعروف وتنهي عن المنكر ..!!! شكرا كورونا لأنك اغلقت جميع الخمارات والبارات والمقاهي…شكرا كورونا لأنك حرمت الناس من القمار والخمر واغلقت بيوت الدعارة ….
عجبا لك شيخنا الكريم…!!
هلا أعرتنا سكوتك وفهمك وعبقريتك؟؟؟
كورونا اغلق الخمارات نعم ولكن ما ادراك انها لن تعود على أكثر مما كانت بعد مرور كورونا…
كورونا صحيح اغلق بيوت القمار والخمر لكنه ايضا اغلق المساجد … وحرمنا من صلاة الجمعة لثلاث اسابيع متتالية حتى اليوم …كورونا اوقف الطواف والعمرة وربما لن يكون حجا هذا العام….
ماذا تقول عن هذا ياشيخنا..؟؟
مئات الآلاف اليوم من المسلمين يعانون من هذا المرض …يعيشون بين الخوف والرجاء…
عوائل مسلمة بأكملها اصيبت بهذا المرض وحالتها النفسية لا يعلمها إلا الله…
الطبيب السوري الذي توفي باسبانيا وكتبت عنه الاخت نوال السباعي وكيف ان الجالية السورية هناك لم تستطع تغسيله وتكفينه والصلاة عليه…
لم تستطع امه توديعه ولم يستطع احد تعزيتها بوحيدها وبقيت تتجرع محنة الوحدة والحجز والحجر وفقدان الحبيب والغالي الوحيد…
لقد كانت أكبر امنيات والدته هي تمكن الجالية من دفنه في مقابر المسلمين بدون أن تحرق جثته حيث صدر قرار بحرق جثث مرضى “كورونا” فيما بعد..
ماذا تعني لك شيخنا هذه الحالة وهذه المأساة….!!؟؟
ثم من فوضكم للحديث نيابة عن الله واعتبار هذا المرض عقوبة للكفار دون المسلمين….
اين البعد الانساني في ديننا …!!؟؟
اين نحن من الآية التي تساوي بين قتل النفس وقتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا….!!!
عجيب أمرنا عندما ننظر للامور بزاوية ضيقة حرجة ونبتعد عن جوهر ديننا وغايته….
كنت سأقول غير ذلك ولكن سأقول سامحك الله وهداك شيخنا…
ليتك انشغلت بتبصير الناس بضعفهم وهوانهم …
وليتك ركزت على جانب الرحمة والعفو والمغفرة …
ليتك توجهت للجانب الروحي بدل التشفي….
هذا الوباء والبلاء لم يكن الاول ولن يكون الأخير….
وهذا يشمل الجميع المؤمن والكافر والعاصي والفاسق والمنافق …
وليست معاناة الملسلمين وآهاتهم وآلامهم ليست اقل من غيرهم….
حكموا الحكمة والرحمة والحب والعطف بدل الاهواء التي تضر ولاتنفع….
انا اعرف ان الغالبية من شيوخنا الكرام من اهل الحكمة والموعظة الحسنة وهذا الكلام ليس موجها لهم ولكن مثل هذه النماذج تسيئ لنا وتؤلمنا جميعا شيوخا واطباء ومسلمين …
Social Links: