البطاقة الذكية أسلوب الأسد لسرقة الشعب السوري

البطاقة الذكية أسلوب الأسد لسرقة الشعب السوري

م.سامر كعكرلي

سكرتير المكتب السياسي لحزب اليسار الديمقراطي السوري

لطالما تفتقت عقلية النظام السوري خلال معالجته للأزمات سواء السياسية أو المعيشية التي تواجهه وتواجه المواطنين بحلول أقل ما يمكن وصفها بحلول قرقوشية. فمن منا ينسى ذلك الحل القاضي بمسح قارة أوربا من على خارطة العالم ذلك الحل الذي ابتدعه وليد المعلم وزير خارجية النظام، كحل لإدانة أوربا لعمليات القمع الوحشي الذي مارسه النظام السوري لوأد انتفاضة الحرية والكرامة.

واليوم يظهر إلينا علينا النظام السوري بحل جديد لمواجهة الأزمة المعيشية التي يعاني منها السوريين المقيمين في مناطق سيطرة قواته، تلك الأزمة التي تفاقمت لحدود بدأت معها أصوات ما يسمى بحاضنة النظام تعلو منتقدة الأحوال التي أصابتهم لقاء تلك الأزمة. ويتمثل هذا الحل بما يسمى البطاقة الذكية التي أصدرها النظام السوري لتكون وسيلة لشراء بعض المواد التموينية مثل السكر والرز والشاي والزيت النباتي بأسعار يقول النظام بأنها مدعومة.

وبحسب وكالة أعلام النظام “سانا” فإن هذه الخطوة تأتي لتقنين استخدام تلك المواد، حيث جاء بتصريح وكالة “سانا” بأن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حددت كميات التوزيع شهريا بحيث تكون لمادة السكر بمعدل 1 كيلو غرام للشخص على ألا تتجاوز حصة الأسرة 4 كيلو غرامات ولمادة الرز 1 كيلو غرام للشخص بحيث لا تتجاوز حصة الأسرة 3 كيلو غرامات والشاي 200 غرام للفرد على ألا تتجاوز الكمية للأسرة 1 كيلو غرام. وبتصريح أخر لوكالة “سانا” حددت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أسعار المواد المباعة عن طريق البطاقة الذكية كما يلي: السكر /350/, وللرز /425/ ، وللشاي /5475 /، وللزيت النباتي /800/ ليرة سورية للكيلوغرام الواحد.

وقبل الخوض بموضوع البطاقة الذكية وخلفية الشركة المصدرة لها لا بد بداية من تسليط الضوء على ثلاث نقاط  الأولى موضوع فكرة التقنين، وثانية موضوع الأسعار التي ستباع بها تلك المواد بواسطة البطاقة الذكية، وثالث نقطة موضوع سهولة الحصول على تلك السلع بواسطة البطاقة الذكية.

بالنسبة لفكرة التقنين وتحديد الكميات كما تم الإشارة إليه أعلاه، فإن أي متتبع لحالة الأسواق في أي مكان من هذا العالم فإنه عندما يسمع بموضوع أن الحكومة قد قررت تقنين استخدام سلعة ما فإن أول ما يتبادر للذهن، بأن تلك السلعة تعاني من نقص حاد في الأسواق، ولذلك لا بد من العمل على تقنينها حتى توزع على المواطنين بنوع من العدالة. ولكن في سورية الأمر مختلف لأن المواد المقنن توزيعها عبر البطاقة الذكية متوفرة في الأسواق بوفرة كبيرة جداً حيث يؤكد كافة المواطنين بأن الأسواق السورية وخلال طول فترة الحرب لم تشهد أي نوع من أنواع فقدان المواد الغذائية ولكن كان المواطنين دائمين الشكوى من إرتفاع الأسعار وليس من فقدانها. إذا ففكرة تقنين المواد الغذائية فكرة باطلة تروج لها وسائل إعلام النظام.

أما بالنسبة أسعار السلع بالبطاقة الذكية والتي أعلنت عنها وزارة النظام كما تم الإشارة إليه أعلاه، فهي بكل تأكيد أسعار أقل من أسعار نفس  المواد في الأسواق السورية قد تقارب الضعف ببعض المواد فسعر كيلوغرام السكر الحر يقارب /800/ ، والرز /1150/، والشاي /7000/ والزيت النباتي /1340/ ليرة سورية للكيلوغرام الواحد،. ولكن هل هذا يعني بأن أسعار البطاقة الذكية هي أسعار مدعومة أي تخسر الدولة عندما تبيع بتلك الأسعار.

لمعرفة ذلك لم يكن أمامي سوى أن أقارن أسعار السلع حسب البطاقة الذكية مع أسعارها في ألمانيا حيث أقيم، وبغض النظر عن تكلفة الشحن التي هي أقل إلى سورية كونها قريبة من أماكن الإنتاج، وأيضاً بغض النظر عن موضوع الجودة والتغليف اللذان يعتبران عاملان رئيسيان بأسعار السلع وقد افترضت بأن مستوى الجودة متقارب بين السلع في ألمانيا مع مثيلاتها في سورية (وهذا ضرب من الخيال).

ولنستطيع إتمام المقارنة يجب تحويل سعر تلك السلع  في سورية  إلى العملة الأوربية اليورو مع اعتماد سعر صرفه في المصرف المركزي ،والبالع /472/  ليرة سورية  حسب أخر نشرة أسعار للمصرف المركزي ،(لأنه من غير المعقول بأن تشتري الدولة سلعها من خلال شرائها للعملة الصعبة من السوق السوداء): فكانت الأسعار كما يلي: السكر /0.74/ الرز /0.90/ والشاي/11.60/ والزيت النباتي /1.69/. أما أسعار تلك السلع بالأسواق الألمانية كسعر مستهلك فهي كالآتي :سكر /0.70€/، الرز /0.49€/، (طبعا هذا النوع من الرز هو رز مشابه للرز الذي يباع من خلال البطاقة الذكية وقد وجدت صعوبة كبيرة بإيجاده ويسمى بالألماني Milchreis) ،الشاي /5- 8 €/ والزيت النباتي /0.99€/. ((وبإمكان أي شخص مقيم بألمانيا التأكد من تلك الأسعار)) .

وبمقارنة السعرين نجد بأن الأسعار التي أعلنتها وزارة النظام السوري ليست مدعومة بل هي مقاربة للأسعار العالمية حتى أكثر منها، أي أن النظام السوري لا يخسر على شعبه لقاء دعمه لتلك المواد كما يدعي لا بل يحقق ربح من خلال البيع بالأسعار المدعومة وهذا ينفي مقولة أن النظام السوري يدعم أسعار تلك السلع.

والنقطة الثالثة هي سهولة حصول المواطن السوري على السلع عبر البطاقة الذكية، هنا يجب التنويه بأن وزارة التجارة وحماية المستهلك التابعة للنظام قد حصرت البيع عبر البطاقات الذكية عبر أفرع المؤسسة العامة الاستهلاكية فقط ، الأمر الذي تسبب صعوبة كبيرة للمواطنين السوريين في حصولهم على تلك السلع، وتجمعهم أمام منافذ البيع بأعداد كبيرة الأمر واضطرارهم الانتظار لساعات طويلة لحصولهم على مقننهم الغذائي الذي لا يسد الرمق. ناهيك عن مخاطر ذلك في زمن انتشار مرض /كوفيد 19/ الذي يتكتم النظام على أرقام المصابين فيه  لغاية الآن.

وبعد تفنيد مزاعم النظام والبربوغندا الإعلامية حول البطاقة الذكية يبقى السؤال مشروعاً لماذا هذه الضجة والتسويق من قبل النظام؟ لأمر هو بالأساس ليس بجديد على الشعب السوري فقد تعرف الشعب السوري على هذه الطريقة بالبيع المقنن منذ سنوات في عهد حافظ الأسد حين تعرف الشعب السوري على موضوع القسائم التموينية (البونات) التي تتطابق مع مبدأ البطاقة الذكية حتى بأنواع السلع المباعة بها،  فقط الفرق هو التقنيات الحديثة في الموضوع، وهنا مربط الفرس لا سيما بعد أن أعلن النظام بأن شركة “تكامل” هي الشركة التي تم تعهديها بإصدار البطاقات الذكية وذلك لقاء عمولات عن كل سلعة تباع عبرها، وأعتقد بأن الجميع بات يعلم بأن ملكية تلك الشركة عائدة لأسماء الأسد زوجة رأس النظام بشار الأسد، وذلك عبر ابن خالها “مهند دباغ” الذي عهد إليه رئاسة إدارة الشركة مع امتلاكه 30% من أسهمها، وأما باقي الأسهم فقد تسرب بأن شقيق أسماء الأسد هو المالك الأكبر لأسهم تلك الشركة، ولا يحتاج الأمر لكثير من الذكاء ليعلم بأن تلك الأموال التي تتحصل عليها تلك الشركة تصب في خزينة آل الأسد لأن عائلة أسماء الأخرس من الواضح بأنها ستحتل قريباً مكان عائلة مخلوف في إدارة أموال عائلة الأسد وذلك كنوع من أنواع التهرب من العقوبات الاقتصادية التي فرضها المجتمع الدولي على عائلتي الأسد ومخلوف بسبب القمع الوحشي للسوريين منذ ما يقارب العشر سنوات.

هذه هي طبيعة نظام الأسد في معالجة الأزمات المعيشية للشعب السوري والتي هو غالباً من يصنعها أو تتسبب بها فإنه لا يمكن إلا أن يحول تلك الأزمات لمصادر استرزاق ولو على حساب ملايين من ما يسمى حاضنته التي أيدته في قتل الشعب السوري.

 

  • Social Links:

Leave a Reply