أسد_القصار
يعكس البعض من الكتاب المعدودين جدلا على التيار التنويري المدني العلماني في سوريا حالة مقرفةً أشمئز منها بكل جوارحي
الا وهي التنمر على المسلمين ممن اختاروا الالتزام بطقوسهم وعباداتهم الدينية .
وانا هنا لا أتحدث عن المتعصبين او من نصبوا انفسهم وعاظاً للناس يمنحون صك الغفران لهذا ويكفرون ذاك ويتدخلون في خصوصيات الناس وشخوصهم …( ليش لابسة ، ليش حكيت ، ليش ابديت الرأي الفلاني ، ليش ما عم تصوم الخ)
بل أتحدث عن اناس عاديين يصلون ويصومون ويحجون عن ايمان وقناعة ويمارسون عباداتهم وفقط وهم كثر .
منذ اعلان رؤية الهلال والمنشورات التهكمية بهذه الشعيرة التي تصل الى حد التقذيع …تملئ صفحات من اعتدنا منهم الاكثار في الحديث عن المجتمع المدني , ثقافة الحريات ، المساواة في الحقوق والواجبات، احترام المرأة ، حقوق المثليين ، الدفاع عن الشرائح الشعبية المضطهدة كالاقليات الدينية ، الشوايا ، الأكراد … وغيرها من القضايا التي انحاز أنا لها واعتبرها قضايا عادلة للغاية .
وانا لا اجد في ذلك أي فائدة سوى خلق شروخ إضافية بين أبناء المجتمع الواحد ، ولا أستطيع أن ادرج تلك السلوكيات تحت بند حرية الرأي على الإطلاق ، احترام حرية العبادات ، ومشاعر الناس أمرا لا بد من الأخذ به على محمل الجد ، لا السخرية منه ابدا !
لك ان تصوم ، او تفطر .. لك حرية اعتبار رمضان مناسبة دينية اجتماعية مقدسة ، او شهرا يجوع الناس فيه بلا فائدة … بل لك أن تناقش رأيا مفاده بأن الصيام مضر ولا يجلب الا الأسقام … النقد أمر صحي لكن الاهانة هي ما أرفض وأستهجن
بنفس القدر الذي أشمئز به ممن يتنمر فيصف النسويات بالشراميط
أو المثليين بالمقرفين والرخويات ويجب عقابهم وجلدهم وسحلهم وقتلهم ، العلمانين بالكفرة دعاة الرذيلة ، المحلدون بالدواب والبهائم ، والاكراد بالبويجية ، والشوايا بالهمج ، والشوام بالحرامية والنصابين ، والعلويين بالكفرة الحلال قتلهم الخ الخ
… ولا أعد ذلك امرا يندرج تحت بند حرية الرأي .
اقرف وأشمئز أيضا …ممن يقذع بالصائمين ويسخر من إيمانياتهم ولا أستطيع أن أسمي هذا السلوك سوى تنمراً .
تنمرٌ … ماهو الا فعل انفعالي وقتي لا علمي تافه وفارغ ، قد اتفهم أن معظم هؤلاء الكتاب ولربما أنا شخصيا تعرضنا لتنمر اجتماعي من نوع ما ولكن هذا لا يعطي الصلاحية لأحد بأن يرد التنمر بالتنمر … الانصاف والحلم والموضوعية منهج لابد أن يكون ثابتا عند كل من أختار أن يخاطب الرأي العام ويتحدث الى الناس في قضاياهم لا المجاكرة والسوقية والردح !
حرية التدين والتعبد واقامة الشعائر الدينية ، وفرض احترام هذه الحرية لدى الآخرين ، هي حق مكفول للإنسان في كل دساتير الدول التي تؤمن بالحرية قولا وفعلا ، شأنها شأن حرية الرأي ، حرية النشاط السياسي ، حرية الملبس والمظهر ، حرية انتقاء مكان العيش والسكن ، حرية نمط الحياة الجنسية … الحرية لا تتجزأ
المشكلة الكبرى … أن القارئ العادي ( وهم الاكثرية ) يوحى له بأن نهج التنمر هذا في حق من اختاروا اقامة شعائر دينهم لهو نابع من دعوى العلمانية ذاتها ، او المدنية ذاتها … وهذا أمر مؤسف .
الدولة العلمانية المدنية في ابرز تجلياتها في دول كفرنسا وألمانيا والدول الاسكندفاية … سمحت ونظمت واحترمت اقامة الشعائر الدينية الاسلامية وحمتها بالقانون وجرمت من أساء إليها وعاقبته
وهي تقف على مسافة واحدة من كل مواطنيها مهما اختلفت اديانهم
… الاحزاب اليسارية والاشتراكية والليبرالية في اوربا هي حائط الصد الأول في وجه الاحزاب اليمينية المتطرفة الداعية الى اضطهاد المسلمين وعباداتهم وشرائعهم . والأدهى أن الرادكاليين من الاسلاميين يتلقفون هكذا سلوكيات لهكذا حمقى تلقف الملهوف ليعززوا فوبيا المدنية والعلمانية لدى الناس .
رمضان بالنسبة لكل السوريين تقريبا بكل ما يحويه من عواطف عادات واجتماعيات وطقوس … هو في الحقيقة أكثر من طقس او شعيرة دينية .. بل جزء لا يتجزأ من هويتنا الوطنية السورية .
كل عام وانتم جميعا بخير .
Social Links: