المحامي ادوار حشوة
كانت علاقتي بالطبقة العاملة ونقابات العمال كبيرة في وقت مبكّر مدافعا عن حقوقهم واستقلالهم عن السلطات الحاكمة كقوةحرة في المجتمع المدني .
تعود بي الذكرى الى حماة حيث كنت في مبنى الاتحاد العمالي نتذاكر حول موقف العمال اذا شن الثلاثي الفرنسي الإنكليزي الاسرائيلي الحرب على مصر لتأميمها قناة السويس عام ١٩٥٦يومها اقترحت ان يهدد العمال بنسف محطات وخطوط نقل النفط العائدةلشركة نفط العراق فوافق الرفيق صلاح زنزول فورا وطلب الي إعداد برقية تأييد لعبد الناصر وتهديد بنسف محطات النفط.
وفعلا كتبت البرقية ووقعها وارسلت فعلاوفِي اليوم التالي نشرتها جريدة الأهرام على الصفحة الاولى بالبنط العريض تحت عنوان
( العمال العرب يهددون بنسف محطات وخطوط النفط ).
في اليوم الثالث تلقى صلاح زنزول دعوة عاجلة من عبد الناصر فغادر فورا واستقبله وسط حضور إعلامي كبير ودعم من القوى الوطنية في سورية حيث كان اكرم الحوراني في زيارة دعم في القاهرة ووجه الى تفعيل التهديد العمالي ومساندته من رفاقنا في الجيش .
بعد الوحدة وكنت اعمل في وزارة الشوؤون الاجتماعية رئيسا لقسم الفتوى والتشريع كنت قريبا جدا من الاتحاد العام لعمال سوريا بقيادة النقابي الكبير خالد الحكيم
ومعه رخص من قيادات حقيقية منتخبة منهم خالد الجندي وعلي تل جبيني وجميل ثابت وصلاح زنزول وعبدالله قدور وبدر الدين العبدالله والشيخ نذير النابلسي وغيرهم !
سلمني الاتحاد رئاسة جريدة الاتحاد ( كفاح العمال الاشتراكي ) وتطبع على الحرير بعيدا عن مراقبة المباحث وكانت تقف ضد تدخل المباحث في الحركة العمالية وتدعو الى استقلالها الامر الذي خلق نزاعا شديدا مع المشير عامر فقرر الاتحاد العام تقديم استقالة جماعية احتجاجا وكلفت بكتابةالاستقالة الموجهة الى عبد الناصر ففعلت وتم تكليف عضو الاتحاد العام علي تلجبيني بتسليمها الى عبد الناصر في القاهرة فوصلها وتم تسليمها لمكتب الرئيس
.المشير عامر بعد ذلك اصدر قرارا بحل الاتحاد العام لنقابات العمال وحسب القانون فان مثل هذه القرارات تخضع لموافقة مجلس الدولة المسبقة ونظرًا انني كنت ممثلا للوزارة في مجلس الدولة فقد عارضت القرار ورفضته لمخالفته قانون الحريات النقابية الدولي الذي صادق عليه عبد الناصر بالقانون رقم ٨ لعام ١٩٥٩.
استدعيت للتحقيق بحضور اكرم الديري وتهديدي للتوقيع فرفضت وقدمت استقالتي ولَم اوقع وعدت الى حمص محاميا مختصابالدفاع عن حقوق العمال.
في دمشق كنت قد أسست اول معهد نقابي في تاريخ سورية وجرى تأسيسه من مصادرات الوزارة لمقرات الحركات الماسونية بدمشق .
وخلال ذلك أصدرت كتابي ( نحو فكر تقدمي للطبقة العاملة ) كان محتواه الدفاع عن الحريات النقابية واستقلال الحركة العمالية عن السلطات وكان اول مصدر تدريسي في المعهد لسنوات ،
اثناء عملي في المحاماة توسعت علاقتي بالعمال والنقابات وحصلت على حقوقهم على امتداد سوريا.
المدهش انه بعد الثامن من آذار اجبرت بعد اول اعتقالي على توقيع تعهد بان لا اقرب اَي نقابة وان لا ان أتوكل عن العمال!
وافرج عني في مبنى قيادة المنطقة الوسطى لكي تعتقلني المباحث بعد نصف ساعة في مكتبي والى السجن البولوني ثم الى المستشفى العسكري بحمص ثم الى سجن المزة بدمشق .
بعد ثورة ٢٠١١ قامت شبيحة النظام من مجموعة حراسة دار الحكومة بتعفيش مكتبي الذي يبعد عن مكتب محافظ حمص عشرة أمتار اَي عرض الطريق وقد احرق الأبطال حوالي ٣٠ الف ملف لدعاوي عمالية فردية وجماعية للنقابات
.كان في مدخل المكتب لوحةكتبت عليها قصة اول أيار كانت تتقدم تظاهرات اول أيار لعمال حمص وهذه لم يقربها الأبطال المعفشون فسرني ذلك !
اثناء عملي في المحاماة أصدرت الكتب الوحيدة عن تشريع العمل والتي تدرس في معاهد الحقوق كمراجع وهي (شرح قانون العمل الموحد ) (وقضايا التسريح في القانون السوري ) (والموسوعة العمالية القضائية).
بقي ان ما عاناه العمال وحرياتهم من حكم العسكر سيكون في مقال لاحق !
عاش اول أيار رمزا لنضال كل المظلومين
وهذا هو القصد والسؤال !
الاول من أيار ٢٠٢٠
Social Links: