م.سيف الدين الأتاسي
برز في الفترة الأخيرة الاندفاع إلى إنتاج الوقود الحيوي الأخضر
(biofuel )
كمصدر مهم لاستخدامه وبنسب مختلفة مع الديزل والبنزين لتشغيل محركات السيارات والمصانع وكمصدر للطاقة النظيفة.
هذه المادة المفعمة بالحيوية ماهي إلا (الإيثانول )وهو الكحول الرخيص المستخلص من المحاصيل الزراعية مثل الذرة الصفراء وفول الصويا وقصب السكر عن طريق عملية التخمر، هذا الوقود الحيوي اعاد الحرارة من جديد لبحوث علماء البيئة و الاقتصاد الزراعي، لأن نجاح البشرية باستخلاص واستخدام وتسويق هذا الوقود الحيوي سيوفر الكثير من النقط الاحفوري التقليدي وبالتالي تقليل ماتبثه من غاز ثاني أكسيد الكربون للجو، وتكون خطوة جبارة لتحقيق الحلم الأخضر على أرض الواقع والمساهمة في تخفيض الاحتباس الحراري، لأن الثورة الصناعية تدين بنجاحها وتقدمها
على مصادر الوقود التقليدي، مما
سبب تاريخيا حرق كميات كبيرة من الوقود المعتمد على الكربون القابل
للاشتعال، الذي يعود ليطلق مجددا في الجو مما يرفع درجة حرارة الأرض، لذا فإن استخدام الوقود الحيوي بنسب معينة مع الوقود الاحفوري:هو بداية الطريق لتحسين مناخ الكرة الأرضية.
أما الأساس العلمي المبسط لتحويل
المحاصيل الزراعية إلى وقود حيوي
بخلط تلك المحاصيل مع الماء الذي
ترفع درجة حرارته إلى بخار بواسطة
مراجل ثم تضاف إليه انزيمات معينة محولة النشاء إلى سكر ثم ينقل هذا المخلوط إلى خزانات
التخمر بالتدريج يتحول السكر إلى
كحول ثم يفصل بواسطة التقطير ،
وينتج عندها الوقود الحيوي.
لكن بعد المراقبة المطولة وجد ان
إستخلاص الوقود الحيوي بالأسلوب
السابق قد يذهب جهود العلماء سدى
لأنه لا يقدم لبيئة البشر الكثير من الفوائد، فطريقة إنتاج الوقود الحيوي تتطلب حرق كميات ضخمة
من الوقود التقليدي لتوليد البخار
وهذا الوقود المحترق يعود ليطلق
غاز ثاني أكسيد الكربون مرة أخرى في الجو.
ثم أضيف سبب اخلاقي لتبدأ لافتة
الوقود الحيوي الأخضر تفقد بريقها،
عندما وجد أننا نحتاج لكميات كبيرة
من تلك الموجات الذهبية من محاصيل الطاقة علينا استخدام معدلات مرتفعة من الاسمدة الكيميائية والمبيدات، وعدم الالتزام
بالدورة الزراعية مما يؤثر على خصوبة الأراضي الزراعية وانتاجيتها، كما ان زيادة الطلب على
إنتاج تلك المحاصيل وجه أنظار المزارعين نحو الاستثمار وزراعة المناطق الهامشية والمتروكة في
الوقت الراهن لدرء خطر التصحر
والمحافظة على الحياة البرية.
لكن السبب الأساسي الذي دفع
العلماء والخبراء والحكومات لعدم
التوسع بانتاج الوقود الحيوي الأخضر
ان مصدره الرئيس هي المحاصيل الزراعية التي تعتمد عليها البشرية في سد احتياجاتها الغذائية.
لقد واجه العالم تلك الحقيقة المرة،
فالوقود الحيوي المستخرج من محصولي الذرة الصفراء وفول الصويا قد تسبب رفع أسعار
الزيوت النباتية المستخدمة في
الطعام، وبالرغم من ان الدراسات العلمية أثبتت أن الإيثانول المستخرج من قصب السكر قد
يكون اقتصاديا افضل من المحصولين السابقين لكن عندما
واجه العالم موجة إرتفاع أسعار
السكر الخام التي وصلت لمستويات
قياسية في عام 2009م،بسبب
موجة الجفاف مما دفع المنتجين في
البرازيل والهند على الاكتفاء مؤقتا
بزراعة قصب السكر وانتاج وبيع
السكر الخام وعدم تحويل انتاجهم
إلى وقود السيارات.
لكن المدافعين عن أحلام البشرية
الخضراء، لم يستسلموا وكانت لهم
وجهة نظر أخرى: أنه باستطاعة العالم
الحصول على الوقود الحيوي من مصادر تحافظ على البيئة والأمن الغذائي، فالنجاح الباهر الذي تحقق
والذي كان له صدى علمي هو التوصل لانتاج الوقود الحيوي من
الطحالب: وهي كائنات نباتية تتميز
بنموها في المياه المالحة، وامتصاصها لغاز ثاني أكسيد الكربون من الجو وتحسين البيئة المحلية.
ويعتمد نمو الطحالب محليا على اسس الزراعة المائية الملحية ، والتي
تنجح بالتوازي مع التوسع بزراعة
أشجار القرم، هذه التقنية مكنت
البشرية من انتاج الوقود الحيوي
الأخضر بدون أن تتأثر مخزونات
الغذاء العالمية.!!
إن صعود الوقود الحيوي لايمثل سوى مرحلة جديدة ممتدة في
الحضارة الإنسانية التي شهدت
من وقود الفحم التقليدي إلى
البترول ومنه إلى مصادر متجددة من
الطاقة التي تحمل في طياتها من
الفرص والتحديات والتداعيات
الاقتصادية والاجتماعية والعلمية التي لاتزال تحت مجهر المختبرات
والبحوث.
Social Links: