أحمد عثمان – قراءة في مجموعة (للعشقِ رائحةٌ أُخرى) للشاعر علي مراد

أحمد عثمان – قراءة في مجموعة (للعشقِ رائحةٌ أُخرى) للشاعر علي مراد

 

الملاحظ أنّ علي مراد يحتفي بالأنثى كثيمة أولية في النص ، و يتفرع منها لعوالم أكثر صخبا وتوترا وضجيجا .هي عوالم
الحرب والدم والبارود و المدنس والمقدس .

هذا الاحتفاء يظهر بوضوح عبر اعتماده أنوثة العبارة في بناء جملته الشعرية ، التي تكاد تكون الطافحة بالمجموعة كلها كما في قوله:

((فالتي احب ،

التي تتمرى بالندى

وتسابق الغزالة إلى النبع

تزين بروفايلها بالبراءة

وتتقطر أنوثة

إنّها إذا تلك( الوردة / الأنثى / القصيدة )
التي تتمرى بالندى
وتتقطر أنوثة
والتي لعشقها رائحة
هي التي يجعلها علي عتبه اولى
لمجموعته (للعشق رائحة أخرى) .

وعبر هذا التمازج الذي يتحد فيه المحسوس بالمعنوي يفتش علي عن سؤال آخر يقلقه متعلق بهويته سؤال الأنا الذي يتكرر كصرخة في فلاة
تلك الأنا النرجسية في كثير من الأحيان ،والمتعالية والتي لا تقبل إلّا أن ينظر إليها على أنه لا تقبل الانكسار ،
(ربما كتعبير نفسي منه على المكابرة و على حالة تأزم واغتراب يعيشها الشاعر من محيطه الرافض له)
،و أقول ربما.

ونجد أن هذه الصرخة المدوية تحاول أن تخلق من تراثه الشفوي وبيئته ( ككوردي ) جسراً للعبور بمشاعره نحو فضاء مبني بمفردات اللغة العربية وبجملها وانزياحاتها
ربما ايضا ليثبت لنفسه أولا وللآخرين ثانيا أنه لم ينقطع عن جذوره ،وليثبت لنا أيضا أننا في المحصلة أبناء تمازج تراث وثقافة واحدة ،
تظهر ملامح هذا التراث من خلال استحضار كبار الشعراء والمتصوفة الكورد امثال :
الملا جزيري
سالم محوي
نالي البدليسي
احمدي خاني
وغيرهم …
والأماكن المرتبطة بجذوره الاولى
في عامودا
وملا حسن
وحمدونة
والآري
ودجاجات( خجية )
إلى حالة المنفي في السليمانية

كما قوله:
((انا العامودي الشقي أشعل النار في بيادر الشعير
وأسرق باستيق الأناضول
أنا راعي اضواء الكمالية
وأغنامي ترعى في كرم ملا حسن
وتستحم بماء حمدونة
انا الآري الاومري الذي لا ينام
انا طفل السليمانية المدلل
ألقي التحية على سالم
فترد احجار الحديقة وعليك السلام يا جدار
أهلا علي يرد محوي
وعليك الضياء يرد شرف الدين البدليسي
(يا حبيبي يا مرادي يا منى قلبي المريد )
و يقول ملا جزيري
يمد يده أحمدي خاني
فيسقط من راحته قصة حب
وعاشقان من دم )).

بعد هذا العرض يبقى السؤال التالي مشروعا :

إلى أي مدى يستطيع شاعر قصيدة النثر أن يراهن على اللغة الصرفة وانزياحاتها ، وعلى لعبة التفجير اللغوي حتى لو ارتبطت الجملة عنده بأنوثة العبارة ؟
إلى أي مدى استطاع علي أن يخلق عالماً شعريّاً متوازناً وحقيقيّاً و أن يتحد مع ذواتنا الجمعية ليعبرها من أدق التفاصيل ؟

هذا ما سنتركه للقرّاء والأصدقاء بعد قراءتهم للمجموعة.

  • Social Links:

Leave a Reply