سليمان نحيلي – زمان الوصل:
ضابط في الجيش العربي السوري، يجمعه مع “بشار الأسد” وحدة الجيل، واختصاص المدرعات، إلا أنه لا يمتلك لياقة بشار في رياضة القفز العالي فوق الرتب العسكرية والمناصب، والذي بقفزةٍ واحدةٍ حقق المراكز الثلاثة الأولى في سوريا ليصبح رئيس الجمهورية، والقائد العام للجيش، والأمين العام لحزب البعث محطماً بذلك الأرقام القياسية العالمية!
بعد اندلاع الثورة السورية ربيع عام 2011، أبى أن يطُل في عداد جيش يقتل شعبه، فانشق عنه وقال كلمته المشهورة (اليومَ وُلدتُ).
فقد عينه اليسرى في إحدى المعارك مع قوات النظام، وعندما أُصيبت اليمنى في معركة أخرى أُسعف إلى الأردن ورفض استكمال مدة علاجه، مفضلاً العودة إلى ساحات المعارك في حوران.
شكَّل خلال قيادته غرفة عمليات المنطقة الجنوبية في الجيش الحر رعباً حقيقياً لجيش النظام السوري وخاصة بعد أن طرق أبواب دمشق إثر هزائم متكررة للنظام ربط فيها ريف حوران بريف دمشق الجنوبي الشرقي لدرجة أن إعلام النظام بث خبر استشهاده مراتٍ عديدة لرفع معنويات جنوده المنهارة.
إنه المقدم الركن “ياسر محمود العبود” وُلد “العبود” في بلدة “النعيمة” بريف درعا الشرقي بتاريخ 16/03/1967 والتحق بالكلية الحربية عام 1985 بعد نيله شهادة الثانوية العامة، ثم تخرج منها برتبة ملازم في سلاح المدرعات وحين اندلاع الثورة السورية كان برتبة مقدم ركن.
*عائلة الشهداء:
كان “ياسر” أكبر إخوته العشرة 3 إناث و7 ذكور من بينهم 3 شهداء فيما قضى ابن أخيه محمد تحت التعذيب في معتقلات النظام، وقضى اثنان من أبناء شقيقاته وهما عسكريان منشقان في معارك مع قوات النظام، وله شقيقة معتقلة في سجون النظام انقطعت اخبارها منذ عام 2012.
*القائد العسكري الميداني:
لم يكن المقدم “العبود” مجرد ظاهرة صوتية ككثير من الضباط الذين كان انشقاقهم عبارة عن ردة فعل آنية غاضبة تجاه ظلم وجرائم النظام، لكنه كان قائداً عسكرياً قرن القول بالعمل حيث شكّل إثر انشقاقه في 23/02/2012 “لواء أبي بكر الصديق”، وقاد “فرقة فلوجة حوران” بعيد اندماج عدد من الفصائل المقاتلة، ثم أسندت إليه قيادة غرفة عمليات المنطقة الجنوبية.
يصف مقربون منه “العبود” من أكفأ وأنظف قادة الجيش الحر وعرف عنه الإقدام والجرأة، فكان دائماً في الصفوف الأولى خلال المعارك، وساهم وأعدّ واشترك في جميع معارك تحرير ريف درعا الشرقي وربطه بريف دمشق، وتمكن بخبرته العسكرية من تعديل كفة الصراع في المنطقة الجنوبية.
* ثائر ومنهج:
لم يحز المقدم العبود الحنكة العسكرية في قيادة المعارك فقط، ولكنه كان ذا شخصية ثورية حقيقية تمتلك وعياً فكرياً وسياسياً وإدراكاً لموازين القوى تجسد من خلال تحليله الواقع المرير الذي تعانيه الثورة، حيث حلل بعقلية ثورية واعية ووطنية مشاكل الثورة وأوضح كيفية معالجتها من أجل النصر على النظام، وقد برز ذلك الوعي من خلال موقعه في قيادة الجبهة الجنوبية، ومن خلال العديد من اللقاءات التي أجرتها معه وسائل إعلام مختلفة والفيديوهات المصورة له، فأدرك أن تشتت الفصائل هو سبب في ضعف الجيش الحر وفي استمرار معاناة الأهالي وتهجيرهم خارج الوطن، فدعا وعمل إلى توحيد البندقية الثورية واستقلال قرارها، واشتهر بمحاربته فساد بعض الفصائل الذي أدى إلى فقدانها للحاضنة الشعبية، ووجه صرخة إلى المعارضة الخارجية والضباط المنشقين والأطباء في الخارج، داعياً إياهم إلى العودة والعمل على الأرض قائلاً لهم (عنوانكم الأرض).
وكان أشدّ ما يؤلمه تكبد الجيش الحر للعديد من الشهداء، عند تحريرأحد الموقع، وعدم قدرتهم على المحافظة عليه بسبب تشتت الفصائل وخذلان الداعمين للجيش الحر، الذي اعتبر أن دعمهم لا يسقط النظام وإنما يبقى الجيش الحر على قيد الحياة.
وفي 23/10/2013 قضى المقدم الركن “ياسر العبود” قي معركة شرسة مع قوات النظام وميليشيا حزب الله إثر استهدافه بقذيفة دبابة تاركاً إرثاً نضالياً مشرفاً جعله أحد رموز الثورة السورية الأجلاء، ليدفن في أرض الوطن التي اختارها عنواناً له في حياته ومماته.
Social Links: