عائشة صبري – آرام
يترابط الملف السوري بالعلاقة التركية – الأمريكية، إذ أعرب المبعوث الأمريكي الخاص إلى سورية جيمس جيفري، عن أمله بتقليل التوتر مع الأتراك (بغض النظر عن الرئيس الجديد)، لا سيَّما قضية دعم واشنطن لحزب العمال الكردستاني (PKK) أحد أهم أعداء أنقرة. الباحث في مركز “جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي، يتوقع لـ”آرام”، أنَّ أيّ تضرر محتمل للعلاقة بين تركيا والولايات المتحدة قد “ينعكس سلباً على الواقع في سورية، وهو ما ينبئ به وصول الديمقراطيين إلى الرئاسة، واستمرار سيطرتهم على مجلس النواب”. تركيا أكدت على لسان وزير خارجيتها مولود تشاووش أوغلو، أمس الجمعة، أنَّها تنظر لعلاقتها مع الولايات المتحدة على أنَّها “فوق الأحزاب”، موضحة أنَّه بغض النظر عن الفائز في الانتخابات، فإنَّها ستتعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة كما تتعامل مع أيّ دولة أخرى. السياسة الخارجية الأمريكية، يُمكن أن تتغيّر ببعض النواحي بسبب تغيّر الرئيس الأمريكي، كون الرئيس الأمريكي هو السلطة التنفيذية، وفي ذات الوقت هناك علاقات ومصالح استراتيجية بين دول كتركيا والولايات المتحدة من الصعب تغييرها. حسب وجهة نظر “رئيس معهد سوريا للدراسات” شادي مارتيني. سياسة جديدة تجاه تركيا ويستدرك بحديثه لـ”شبكة آرام” أنَّ هناك بلا شك، أزمة علاقات بين واشنطن وأنقرة، وبالذات مع الرئيس رجب طيب أردوغان، وبالرغم من أنَّ الرئيس ترامب كانت علاقاته ليست بالسيئة مع الرئيس التركي، لكن كان هناك توتر مع البنتاغون بما يخص صفقة الـ 400S وإقصاء تركيا من برنامج الـ F35، وتوتر مع الكونغرس بشقيه الديمقراطي والجمهوري. أيضاً المرشح الديمقراطي جو بايدن الذي حسب النتائج حتى الآن هو الرئيس المقبل، كان قد صرّح بأنَّه سيدعم المعارضة التركية ضد الرئيس أردوغان، وأنَّه سيقوم بزيادة الدعم لمناطق شرق الفرات وقسد، ما يُرجح –حسب مارتيني- أنَّ هناك “سياسة أمريكية جديدة باتجاه تركيا والمنطقة مع دخول الديمقراطيين للبيت الأبيض”. وباعتقاد “مارتيني” المقيم في أمريكا، أنَّها “مرحلة حساسة جداً لتركيا”، فمع سوء العلاقات مع أوروبا، وبهذا التغيير الحاصل في أمريكا، سيزيد هذا الأمر من صعوبة مناورة تركيا في الملفات الإقليمية والدولية، وستزيد الضغوط السياسية والاقتصادية على الرئيس أردوغان وحزب العدالة وتركيا بشكل عام. ولكن تركيا تمسك بـ”خيوط مهمة إقليمياً”، ويمكنها، وفق “مارتيني”، أن تتجنب أزمة أكبر مع الولايات المتحدة إذا اتبعت سياسة أكثر مرونة ببعض الملفات الإقليمية، فالربع الأول من العام القادم سيوضح كثيراً إلى أين تتجه الأمور بين البلدين مع وضوح من سيستلم ملف السياسة الخارجية الأمريكية في الإدارة الجديدة. عودة تقييد تركيا مركز “مقاربات للتنمية السياسية”، يرى أنَّ العلاقات الأمريكية التركية قد تتعارض في إدارة ملفات المنطقة، لا سيّما أن بايدن انتقد مراراً وتكراراً علاقات الحكومة الأمريكية مع أنقرة، وطالب بمزيد من الضغط على تركيا لتخفيف التوتر مع اليونان. وكذلك دعا إلى استبعاد أنقرة من أيّ جهود دبلوماسية في الحرب الدائرة بين أرمينيا وأذربيجان، لذلك فمن المحتمل أن تسوء العلاقة بين أنقرة وواشنطن على المستوى السياسي، وهو ما سيكون له تأثير على اقتصاد تركيا. إدارة أوباما/بايدن لم ترد لتركيا أن تأخذ مجدها في سورية، وأبقتها تحت المراقبة بوجود غرفة “الموك” التي قيَّدت حركتها لتكون بقيادة أمريكية سلبية. ويقول السوري المقيم في أمريكا فراس العرودكي لـ”آرام”: إنَّ “أوباما كلما شعر بأنَّ تركيا تحاول الخروج من القوقعة، كان يقوم بحملة عالمية ضدها في القضايا المختلف عليها إلى أن وصلت هذه الحملة لمرحلة دعم الانقلاب في تموز 2016”. وما يؤكد هذا، أنَّ بايدن توعد أردوغان في مقابلة مع صحفيين أمريكيين بأنَّه سيعمل على جعل حزب العدالة والتنمية يخسر، أي أنَّ بايدن “سيسعى للتدخل في الديمقراطية التركية”. وعلى الرغم من تقليل الأتراك لشأن هكذا تصريحات إلا أنَّهم يعون جيداً أنَّ الإدارة الديمقراطية ستحاول تفكيك شبكة النفوذ التي شكلها أردوغان من ليبيا حتى قرة باغ بأذربيجان مروراً بسورية والعراق وغاز شرق المتوسط. وحسب –العرودكي- كلّها “ملفات لم يتدخل فيها ترامب”، بينما يمكن أن نرى إدارة بايدن الجديدة تضع ثقلها لإجبار تركيا على التراجع. خلال فترة ترامب رغم الاختلاف التركي-الأمريكي، إلا أنَّ “التفاهمات بين البلدين أتاحت لتركيا هامشاً لمواجهة النظام السوري تجلّى في إدخال أرتال عسكرية إلى إدلب، والعمل لتوحيد الفصائل وتأسيس الجيش الوطني السوري، ليكون بديلاً عن التشرذم الفصائلي وتحقيق تقدّم على عدة جبهات في شمال الغرب وفي شرق الفرات”. ويضيف “العرودكي”: أنَّ “علاقة إدارة بايدن ستكون سيئة مع تركيا -وهو الذي وعد بإطاحة أردوغان وحزبه في فيديو مسجل نهاية عام 2019- وهذا قد يؤول إلى قص أجنحة تركيا ومطالبتها بعدم دعم مؤسسات الثورة السورية ما قد يغيُّر خارطة النفوذ في سورية”. وكانت العلاقات بين الرئيسين أردوغان وترامب “متميزة وفريدة من نوعها” من حيث التواصل بشكل عام، حسب وصف “العرودكي”، فحنكة أردوغان في التعامل مع الملفات جعلت ترامب يصرّح (وهو يقصده) بأنَّ هناك قادة دول يجب أن تلعب معهم الشطرنج. إرادة ترامب في سحب الجنود الأمريكيين من سورية متنّت العلاقات المباشرة بين الرئيسين خاصة مع اهتمام تركيا في ملئ الفراغ العسكري وتوسيع نفوذها شرق الفرات خاصة مع وجود الكم الهائل من النفط في تلك المنطقة وبالتالي كسب ورقة ضد الروس. أمّا العائق في هذه العلاقة، كان وزارة الدفاع الأمريكية التي كانت تبغض تركيا على عكس وزارة الخارجية التي استبدلت مبعوثها إلى سورية بجيمس جيفري صديق تركيا، وبدوره أردوغان استغل حبَّ الرئيس ترامب في عقد الصفقات ليوسّع النفوذ التركي في المنطقة خاصة مع تراجع الدور العسكري الأمريكي. كما أنّ ترامب لم يستخدم التهديد والوعيد بإثارة المشاكل داخل تركيا إلا مرّة واحدة عندما كان يحاول الإفراج عن القس الأمريكي المحتجز في أنقرة. وفق ما أوضح “العرودكي”. وبالتالي، سيكون لسياسات بايدن تأثير على العلاقات العربية – التركية، والعلاقات العربية الإسرائيلية، قد تدفع لانخفاض حدة التوتر بين تركيا والمحور العربي الذي تقوده السعودية والإمارات، وهذا له سابقة في العقد الأخير، فمثلاً فترة ما بعد قانون “جاستا”. أمّا بالنسبة للدور الأمريكي في الشرق الأوسط، حسب مركز “مقاربات للتنمية”، فهناك احتمال كبير بعودة أمريكا إلى دورها القيادي في إدارة أزمات المنطقة، وعودة دبلوماسيتها لتعزيز الجهود النشطة في إيجاد حلول للنزاعات الإقليمية التي تمس مصالحها، وخاصة في دول مثل سورية وليبيا واليمن.
Social Links: