المحامي ادوار حشوة
من يعتقد أن مشكلة المعتقلين في سوريا نشأت بسبب التظاهرات الشعبية عام ٢٠١١ وما تلاها يقع في خطأ الاستنتاج !
هي مشكلة قديمة لا تتعلق بدستور ولا قانون وربما حتى قبل حكم البعث عام ١٩٦٣ وما بعده حتى الآن !
في الدستور الحالي عام ٢٠١٢ وفي دستور حافظ الاسد نصوص تمنع الاعتقال بدون مذكرة قضائية ولمدة غير محدودة وتمنع التعذيب وتحافظ على الكرامة الانسانية وتمنع إبعاد المواطن عن وطنه أو تمنعه من العودة إليه ولا يجوز تحري أحد ولا دخول المساكن الا بأمر قضائي !
كل هذه النصوص تم اغتيالها بموجب قانون الطوارئ والأحكام العرفية التي أعلنت لكي تلغي الدستور والقانون وتضعه في سلة المهملات!
الأصل أن الاحكام العرفية تطبق في حالة الحرب الفعلية ولمدة محدودة، ولكن في سوريا ما تزال مطبقة منذ ٢٢/٢/١٩٥٨ بحجة الدفاع عن الوحدة.
وفي عهد البعث عام ١٩٦٣ بحجة الدفاع عن ثورة الثامن من آذار.
وفي عهد الاسد الأب والأبن استمرت.
وحتى الآن !
لا يوجد في العالم بلد تعلن فيه الطوارئ ويحكم عرفياً مدة ٨٠ عاماً من أصل عمر استقلالنا البالغ ٨٦ عاما.!
مشكلة المعتقلين جزء من جريمة إلغاء الدساتير وما ورد فيها من حقوق يفترض أنها وضعت لحماية الحرية والحقوق !
لا يوجد في سوريا دستور إلا على الورق، وعلى صعيد القوانين هو أدناها أهمية لأنه أعد لا لتطبيقه، بل للاستهلاك الخارجي !
في سوريا يعتقل المواطن قبل الثورة وبعدها بدون مذكرة توقيف، ويبقى في سجون المخابرات أو في السجون النظامية إلى مدة غير محدودة
ولا يحق لأي معتقل سياسي حق توكيل محامي ولا حق مقابلته ولا مقابلة أهله ولا أحد يجرؤ حتى عن السؤال عن مكان اعتقاله ولو استمر الاعتقال لربع قرن .
الاعتقال السري رافق الحياة السياسية ومن تعتقله المخابرات لا يطلق سراحه إلا بأمر الحاكم نفسه.
حتى السجون لا يحق لها رفع أي طلب يتعلق بالمعتقلين إلى قياداتها إلا في حالة المرض الخطير جداً والذي يحتمل موته. !
مات صلاح جديد في السجن، ومات نور الدين الأتاسي بعد إطلاقه بشهرين، ومات رباح الطويل بعد إطلاقه بشهر ونصف بعد اعتقال دام أكثر من عشرين عاماً.
بسبب سرية الاعتقال صار كل معتقل بحكم المفقود وتساوى المعتقلون والمفقودون !
في حكم آل الاسد توجد محاكم ميدانية وعسكرية لا تحاكم أحداً بل توقع على صكوك الإعدام لتغطي موت الألوف تحت التعذيب!
لذلك فان التصدي لبحث موضوع المعتقلين في اللجنة الدستورية هو تهريج لا معنى له لأن الدستور لو تم اقراره والتوافق عليه ليس له اي قيمة تحمي حقوق المعتقلين وحريات الشعب مع وجود الشبكة العسكرية الحاكمة التي استبدلته بالأحكام العرفية التي ألغت دور المجالس والوزارات وحولتها الى سلطة المخابرات حيث لا يوجد قانون ولا دستور ولا حقوق !
لذلك فإن كل الدول التي تدخلت في الشأن السوري والأمم المتحدة كانت عاجزة عن اطلاق سراح معتقل واحد من أصل نصف مليون معتقل ونصف مليون مفقود !
لا دستور ولا انتخابات ولا إعمار ولا حرية للمعتقلين ولا عودة للاجئين، إلا بالانتقال إلى سلطة انتقالية وفق القرار الدولي ٢٢٥٤ تلغي الأحكام العرفية وتطلق المعتقلين وتعيد المهجرين وتجري انتخابات لجمعية تأسيسية تضع دستوراً يحكم به ويحترم وينفذ. ولا يضعه أحد على الرف لا بانقلاب عسكري ولا بحكم عرفي!
وهذا هو السؤال
Social Links: