سامر العاني – نينار برس:
لا يبدو أنّ قرار المفوّضيّة العليا للانتخابات انتهى عند الحد الذي أعلن فيه رئيس الائتلاف الوطني “نصر الحريري” إيقاف العمل به، فالشجار الحاد بين كتلة الإخوان المسلمين ورئيس الائتلاف على خلفيّة بيان الإخوان حول المفوّضيّة خلال اجتماع الهيئة السياسيّة للائتلاف الوطني كشف عن عمق المشكلة لاسيما بعد وصف الحريري إياهم بحرّاس الهيكل.
رئيس الائتلاف مازال مصراً على أنّ قرار مفوضية الانتخابات صحيح، وأنّ إيقافه لن يتجاوز عشرة أيام ريثما يهدأ الشارع وتُنسى القصّة، وعلى هذا الأساس حاول الهروب إلى الأمام من خلال توسعة الائتلاف بكتلة الداخل التي كانت مطروحة سابقاً، مع علمه أنّ كتلة كبيرة في الائتلاف لن تسمح له بذلك، ليس رفضاً للتوسعة أو لممثلي الداخل السوري، بل رفضاً للطريقة والهدف الذي يخفيه وراء هذا الطرح، إذ يريد أن يشكّل كتلة الداخل بالطريقة ذاتها التي أدخل فيها الضباط الثلاثة إلى كتلة العسكر في هيئة المفاوضات، وبالتالي يضمن عصاً يلوّح بها بوجه من يشق عصا الطاعة من أعضاء الائتلاف، وهذا ما دفعه لتحويل الانتخابات من شعبيّة في الداخل السوري إلى داخليّة محصورة في الهيئة العامة للائتلاف الوطني ليستطيع الحفاظ على القرار، أو يلقي في حال فشلها بالمسؤوليّة على أعضاء الائتلاف لأنهم لم يسمحوا له بإجراء انتخابات.
شعور بعض أعضاء الائتلاف بالخديعة من قبل الحريري دفعهم لرفض مشروعه على الشكل الذي طرحه، فلا أحد يطلق النار على قدميه، فما يحاول رئيس الائتلاف فعله هو تضليل الجميع، لاسيما أنّ الانتخابات في الداخل السوري من المفترض أن تجري تحت إشراف الحكومة المؤقّتة من خلال المجالس المحليّة التابعة لها على اعتبارها الجسم التنفيذي وهذا مالم يرق للحريري أبداً، إذ إن الهدف البعيد من خلال كتلة الداخل هو الانقلاب على الحكومة وإعلان حلّها وتشكيل حكومة ثانية من الداخل السوري يضمن ولاءها المطلق.
الأمر الآخر الذي أغاظ نصر الحريري هو رفض أعضاء الائتلاف بالكامل النزول إلى الداخل السوري حالياً لعدّة أسباب، أولهما تسبب الحريري في إصابة الوفد السابق الذي رافقه إلى مدينة اعزاز بـ (كورونا) من خلال عدم مراعاته قواعد الأمان وقبوله حضور الولائم مع أكثر من مئة شخص على مائدة واحدة، ثم عقد اجتماعات جماهيريّة أدّت إلى تفشّي الفيروس بين أعضاء الائتلاف، وأما السبب الثاني هو عدم مناقشة الحريري لأعضاء الائتلاف في أي قرار يتخذه، وبالتالي يسعى لتحويلهم إلى ما يشبه أعضاء مجلس الشعب في حكومة الأسد (موافقون بالإجماع) ومن هنا كان السبب الثاني للشجار مع كتلة الإخوان المسلمين الذي وصل إلى حد شتمهم من قبل الحريري.
نصر الحريري إذاً أمام معضلة كبيرة، فرئاسة الائتلاف أصعب بكثير من رئاسة هيئة المفاوضات التي كان يتلاعب فيها على التوازنات الدوليّة بين منصّات موسكو ومصر وهيئة التنسيق وكتلة المستقلّين وغيرها، فالائتلاف توازناته مختلفة ولم يدركها بعد، على الرغم من وجود فريق يتمثّل برياض الحسن وياسر الفرحان وعبد الإله الفهد وأحمد رمضان إلى جانبه كمستشارين و”حوّيصة” بين كتل الائتلاف كما وصفهم أحد أعضائه، إلا أنّهم ذاتهم انقلبوا على رفقاء دربهم سابقاً ومن المحتمل أن ينقلبوا عليه إذا ما ظهر تكتّل جديد يطيح به في الانتخابات القادمة.
أعتقد، إن كان الحريري يريد أن يحظى بقبول شعبي وجماهيري فعليه التخلي عن حلم الزعامة، والعمل لأجل الشعب السوري والقضيّة السوريّة، ثم اتباع الوسائل الديمقراطيّة واستشارة أصحاب الاختصاص في أيّ قرار يريد اتّخاذه، والأهم من هذا وذاك ألا ينظر إلى نفسه على أنّه القائد الأوّل والسياسي الأوّل والرئيس الأوحد، ولا أظنّ أنّه سيحصل.
Social Links: