المنصور والمنتصر والنصر …
خيري الذهبي
حينما نتحدث عن منصور الأتاسي، وأنا من عرفته عن قرب و بتؤدة كبيرة، تناقشنا طويلاً و تجادلنا كثيراً، كنت لا أرى فيه إلا تلك الصورة للسياسي الوطني السوري الأصيل الذي غاب أو غُيب بقصدية كبيرة عن الواقع السياسي السوري، فحينما نتحدث عن منصور الأتاسي نتحدث عن صدق رجل الدولة ومسؤوليته تجاه بلده، عن تفضيل السياسي لوطنه عن نفسه، عن إلغاء الذات من أجل المجموعة، وهي أمور اختفت من الحياة السياسية السورية منذ خمسين عاماً، حينما احتل الواجهة السياسية والتنظيمية مجموعات من المنتفعين والمسيسيين ممن يرفعون الشعارات عالياً ، شعارات الطبقة الكادحة و الطبقة المسحوقة ، شعارات الطبقة الوسطى، شعارات البسطاء و المهمشين ولكنهم يضربون عرض الحائط بتلك الشعارات حينما يصل الأمر إلى تطبيق التنظير على الفعل…
أما منصور فكان زاهداً متقشفاً بالمناصب، بل انه كان يبغض المناصب بغض الصوفيين للتراتبية الكهنوتية، مفضلاً الاندساس بين المتظاهرين و التنسيق بين الكتل و الأجزاب على الوجاهة السياسية العربية التي عهدناها و قرفناها..منصور كان مؤمناً بالعمل الحقيقي على تثوير القاعدة من أجل تطويع القيادة، يمن فيهم حزبه و كتلته السياسية الوليدة التي تنتمي إلى اليسار توجهاً و ميولاً وإلى الشعب وسطية و واقعية …لم يكن منصور غير ناطق غير رسمي باسم جموع أبناء الشباب، وربما انت تلك هي ميزته الأساسية التي منحته ألقاً لا يخبو، فلقد كان متصلاً بجيل الشباب أكثر من تواصله مع الكتل التقليدية، التي رفضها و أنطرها ونبذها وقال عنها انها هدر للواقع و تبذير للحناجر..فمن في سوريا والشرق الحزين كله لا يعرف بأن كل السياسيين هم ناطقون باسم توجهات لا تعبر عن الشعب و ع الشباب بالذات، ومن في ذلك الشرق الحزين لا يدرك بأن كل سياسي حقيقي يسعى نحو التغيير فعليه أن يخاطب الشباب وعليه فقد تم تصفية العديد من هؤلاء السياسيين من من أمثال منصور الأتاسي ( نفياً)، من مثل مشعل التمو و رزان زيتونة و عبد العزيز الخير و غيرهم …هؤلاء كانوا المؤثرين بحق على الشارع، ومن يمسك الشارع يمسك ناصية التغيير.
منصور كان يملك قلب ثائر شاب، بجسد خانته السنون ، منصور كان يملك حنجرة قائد في وجه أخفاه القمع، منصور ذلك، كان بركاناً بعقل رجل، و فيلسوفاً يفترش رصيف الوطن…منصور كان اسمه كأنها نبوءة لجيله، ولوكان اسمه المنتصر لكان ذلك مبالغة طبعاً، فالمنصور هو من سينتصر بقوة ما ، ولم يكن أبو مطيع إلا منصوراً بالشعب. ولوقدر له أن يبقى بيننا لكان النصر أشد أفعاله شغفاً، النصر للشعب .
Social Links: