صديقي منصور، أبو مطيع – ريمون معلولي

صديقي منصور، أبو مطيع – ريمون معلولي

صديقي منصور، أبو مطيع

مضت سنة على افتراقنا، وما زلنا في الغربة الموحشة، لم تتبدل أحوالنا خلالها كثيراً 

مازال المجرم قابعاً في وكره بدمشق، يوقع أوامر القتال، هو لم يشفِ غليله بعدُ من السوريين، كل السوريين  فمن لم يمت بالقتل السريع بات مهدداً بالموت البطيء جراء تفشي أوبئة لم تعاصرها أنت أخطرها فيروس اسمه كورونا جاءنا هدية من الصديقة الصين الشعبية! ضرب السوريين بعنف، فزادهم ألماً وفقرهم فقراً، ورفع معدلات بطالتهم وسوء أحوالهم، لانهم على خلاف كثير من شعوب الأرض لا يمتلكون سبل الوقاية ولا الحماية من أي شيء، هم  على كوّات الافران، وفي الكازيات افواجاً أفواجاً، ينتظرون ساعات طويلة من أجل استلام حصتهم بالبطاقة “الذكية”. إلى درجة فظيعة تدهورت أحوالهم المعاشية يا صديقي، إلى درجة باتت عائلات كثيرة تنتظر ما يمكن لأقاربهم في بلدان الشتات أن يرسلوها لهم … أمور لا تُصدّق يا منصور. 

لقد منح داعميه وحماته كل شيء عليه القيمة، ثروات سوريا في البر والبحر، لم يبق منها شيء يذكر على ما أظن .

مازال المجتمع الدولي يمارس النفاق والمراغة في موقفه من قضيتنا. وما زلنا نحن ندور على كعوبنا حول ذواتنا. 

مازال الأرذال والسفهاء قابضين على منصات المعارضة، يقوم مشغلوهم بتدويرهم وإعادة تدويرهم ثم تعيينهم في مراكزهم من جديد!!

ونحن، القوى الوطنية مازلنا نعيش حالة العطب السياسي، ورغم ذلك أصبح وضع كثير منهم أفضل على المستوى الإنساني والشخصي، ورغم كل المآسي فينا وحولنا فما زال نبض الشباب مسموعاً  يبشر بالخير.

منذ عام تقريباً اجتمع أصدقاؤك على منبر مسار  بمناسبة غيابك ، كنت أنا بينهم، ذاك المنبر الذي  كان له فضل التقائنا بعد انقطاع طويل. حينها تواصلنا معاً، دون أي تعليق عن الماضي، لم يكن لدينا متسع من الوقت كي نتبادل أطراف الحديث حول شؤوننا الشخصية والعائلية، لم أخبرك عن”  إيلزا ” رفيقتنا اللاتينية التي كانت معنا في موسكو ، هل تذكرها؟ لقد تزوجنا وأنجبنا ثلاثة أولاد، كنت ستفاجأ وتفرح لو اخبرتك القصة، انا أكيد.

 كان همنا العمل السياسي، نريد أن نفعل أي شيء يُعزينا ويِشعرنا بالرضى ويقوى في نفوسنا الأمل.. 

في جلسة مسار حكيت للأصدقاء عن إقامتنا في موسكو، عن القراءات والأنشطة ، والجدل والنقاش التي مارسناها هناك. 

 حدثتهم عن انطباعاتنا عن بلد  الاشتراكية الذي عشنا في كنفه عاماً، وكذلك عن بعض ذكرياتنا الجميلة.

أخبرت أصدقائي انك لم تمت، بل رحلت… لا أكثر.  طبعاً هذا لن يدوم طويلاً.. فلن أقوى على نكران رحيلك طويلاً، ارجو أن لا يطول كثيراُ ، لأني اخبرتهم بأننا سوف نعود معاً للبلد، حينها  سأسلم أمري للقدر وأقبل رحيلك الكامل.

تعرفت على رامي من خلال الشاشة، تحدثنا مرات عديدة. كم تمنيت أن أكون مع أولادك لحظة وداعك… 

أصدقاؤك الذين عرّفتني بهم ما زالوا طيبين، أمناء، مازلتَ زادهم في لحظاتهم الصعبة.

التقيهم باستمرار على الشاشة، نعمل معاً، يعتبون على أحياناً، واعتابهم أحياناً …لكن نبقى معاً.

أبا مطيع ، كل شيء سوف يكون أفضل ، فما أردناه كان حقاً وعدلاً.

ليبق ذكرك مؤبداً أيها الصديق الطيب، الصادق، الأمين، الحر، الانسان.

  • Social Links:

Leave a Reply