منصور الأتاسي رجلٌ رحل في الزمن الصعب حيث الرجال قليل – ماجد حاج خلف

منصور الأتاسي رجلٌ رحل في الزمن الصعب حيث الرجال قليل – ماجد حاج خلف

منصور الأتاسي رجلٌ رحل في الزمن الصعب حيث الرجال قليل

أنت الغائب الحاضر بيننا بهدوئك ورصانتك  وابتسامتك الودعة الرقيقة …مرهف الإصغاء  ومحدث ذو حجة قوية ومحاور حضاري بارع .. آمنت بحق الآخر في التعبيرعن رأيه وبأن ما من أحد يمتلك الحقيقة كاملاً . ولم تكن متزمتاً وحاولت دائماً ان تصل الى القاسم المشترك مع محدثك وان لايكون حوارك مع الأخرعبثياً ..لقد ادركت مبكراً بأن نظام الأسد البائد لا يمكن  . إصلاحه معتمدا على فهمك العميق لقوانين الديالكتيك في الفلسفة الماركسية وبشكل خاص ( قانون التغيرات الكمية تؤدي الى تغير نوعي ) .لقد انتشر وتراكم الفساد بجميع مفاصل الدولة  وتحول اخطبوط  يسيطر على قطعات واسعة في التجارة والصناعة والإقتصاد  واصبحت أموال الدولة ومواردها وثرواتها مشاع  لمافيا الطغمة الحاكمة التي يرأسها الأسد وكان من المستحيل اصلاح هذا النظام الفاسد . لذلك عندما اندلعت شرارة  الثورة انحاز إليها دون تردد بل ان مكتبه أصبح مركزاً لقيادة الحراك الثوري في حمص . على صعيد العمل الحزبي  ضمن الحزب الشيوعي السوري الموحد فقد عمل على تكريس العمل الجماعي للتخلص من ذيول  ظاهرة عبادة الفرد واقترح آليات عمل تنظيمية  وجماهرية جديدة  تكسر حالة الحصار والتضيق الأمني على الرفاق (استدعاءات امنية واعتقالات احياناً وحجب جوازات سفر ومنع سفر ونقل تعسفي للرفاق في ادارات الدولة ….الخ)  كان همه ان يحرر النقابات  والإتحادات الحرفية والمهنية  من الهيمنة البعثية والأمنية عليها لقد ادرك بحكم تجربته وثقافته المعرفية الى ضرورة تغير الخطاب الخشبي للحزب .

اراد ان  ينقل العمل النقابي والجماهري من حالة  اطلاق البيانات  والشعارات الى عمل جماهيري ملموس يلاقي صعوبات الحياة  المعاشية التي تعاني منها جماهير واسعة  من العمال وجميع الكادحين ..لم تستطع قيادة الحزب آن ذاك ان تتوافق معه على هكذا تطلعات التي  تسيئ الى العلاقات الجبهوية أي إغضاب الدكتاتور حافظ الأسد . لذلك ابتعد عن الحزب وبدأ ومجموعة من الرفاق التنسيق والعمل  للخروج من طوق الحصار الذي فرضه النظام الأمني البائد على العباد والبلاد .وبدأ يصعد بطرح قضايا مطلبية  بصوت عالي كتوقيع عرائض مطلبية لقضايا ومظالم شعبية يعاني منها المواطنون ولاقى هذا العمل تجاوب جماهيري واسع وتقدير كبير ..لم يرق للأجهزة الأمنية ما يفعله ابا مطيع فتم استدعائه والتحقيق معه مراراً عديدة والتضيق عليه وتهديده بالإعتقال ..كل ذلك لم يثنيه عن متابعة نضاله لتحرير شعبه من كابوس الظلم الطغيان والإستبداد ..

 لقد ادرك بحكم تجربته وثقافته المعرفية  التي انتمى اليها تاريخاً  ..من أن تمنعه من الوقوف عند  حدود الأيدلوجيا  الإنعزالية  الضيقة  بل حمل ثقافته ووعيه وروحه الوطنية الرائعة  للفضاء الوطني الواسع الرحب فهو لم يرى في العمل الحزبي الضيق أداة للسيطرة بل اداة وطنية حرة طليقة للوصول الى وطن لا قمع فيه ولا إستبداد ..وطن ديمقراطي حر متحضر يعيش فيه الجميع بكرامة ورفاه وأمان .

مأثرتك الكبيرة  يأابا مطيع انك استطعت تجميع  اكبر عدد من شتات اليسارين و اللذين تمردوا على أحزابهم الشيوعية .والتحقوا بركب  الثورة . ويلوح بالأفق حالياً امكانية تحقق حلمك الثاني الذي عملت وأفنيت عمرك لأجله لأجله وهو توحيد جميع القوى الوطنية  والأطياف الثورية  لإسقاط نظام الإجرام والإستبداد .

 نم هادئاً  يا أبا مطيع  فقد ترجلت  كالأشجار وقوفاً  .. ثمارك اليانعة تزين  شجرة الحرية التي غرستها في قلوب وعيون  جميع الثائرين الأحرار..ذكراك النبيلة الثائرة العطرة ستبقى خالدة في أذهان جميع رفاقك وأصدقائك ومحبيك  . جميع البشر يموتون وهذا قدر الجميع …لكن قلة من هم بأمثالك يا أبا مطيع من يتركون خلفهم بصمة محال أن تزال أو أن تنسى .

لروحك النبيلة الرقيقة الوادعة الرحمة والخلود . 

                  ٢٠/١١/٢٠٢٠       ماجد حاج خلف

  • Social Links:

Leave a Reply