خالد دانيال نعمة
خلافاً لما تقوله الصورة، فالكمامة وتكميم الأفواه وكتم الأنفاس ممارسات معروفة سياسياً في سورية الحديثة والمعاصرة المنكوبة بحكـَّـامها وأنظمة الحكم فيها منذ تواريخ أسبق، ولربما قد بدأ استخدامها الواسع مع تلك الوحدة العربية التي أنتجت حلاً للأحزاب، وتغييباً لكلِّ رأي آخر مخالف.
لا بل يمكنني الزعم أنـَّـها قد بدأت مع أوَّل انقلاب عسكريٍّ حدث فيها، ومع بدء تنطـِّح العسكر للاستيلاء على مقاليد الأمور بقوة أسلحتهم، وخروجهم عن كلِّ مسار الحرِّيات الديمقراطية، ودوسهم على مسألة التداول السلمي للحكم ببساطيرهم لصالح تغليب سيطرة الحزب الواحد، أو لتكريس أنظمة الطغيان من خلال نشر مفاهيم عبادة الفرد الحاكم المـُنزَّه، مع إسباغ المعصومية على ممارساته، وصولاً إلى حدِّ التأليه، منعاً لكل مساءلة آنيـَّـة أو لاحقة له ولنظام حكمه.
إذن، هي حلقة مستمرَّة متواصلة مع انقطاع بسيط فيها، لكنَّ الجديد الوحيد فيها منذ خمسين عاماً هو مقدار الشمولية والاتساع الذي بلغ مداه الأقصى المنتج للانفجارات الاجتماعية.
لم يكن لهذه الاضطرابات أي تأثير على أمل، الناشطة الإغاثية التي جاءت من محافظة الحسكة إلى العراق، لأنها اختارت الإقامة في مدينة أربيل الهادئة والمستقلة نسبياً عن الحكومة المركزية في بغداد.
أمل هيوا القادمة من الحسكة، فتصف رحلة نزوحها إلى شمال العراق عام ٢٠١٤ بالمتعبة، إذ كانت قد تنقلت بين مدن سوريَّة مختلفة، قبل أن تتخذ عائلتها قرار النزوح إلى مخیم “عربت” في محافظة السلیمانیة.
تمتلك هيوا اليوم أوراقاً رسمیة حیث تقیم، وهي عبارة عن إقامة من حكومة كردستان العراق وورقة من الأمم المتحدة، وتقول إنها لا تفكر في العودة إلى سوريا بسبب استقرار الوضع الأمني في المنطقة التي تعيش فيها. وأن الاحتجاجات الأخيرة لم تؤثر عليها بشكل مباشر، لكنها تواجه بعض الصعوبات في المجتمع الجديد، مثل لهجة السكان التي لم تستطع أن تفهمها بشكل واضح في بداية استقرارها هناك.. “بشكل عام الوضع منیح بس أحياناً بتصیر شغلات، لما كنا بالشام كنا أكراد، بس بعد ما إجينا ع إقلیم كردستان صرنا سوریین“.
Social Links: