محمد فارس – درج:
كان يُمنع على أحد أن يقترب من غرفته باستثناء الحراس والمحققين وطبيب يعاينه لعشر دقائق صباحاً. أما الحراس الآتون من “الخطيب” ومن إدارة المخابرات الجوية، فكان “صفعهم إياي أمراً طبيعياً لهم”.
“لا نفاضل بين مصابين من أي طرف. افترض أنه إسرائيلي. بالطبع سنعالجه! ربما لديه معلومة”.
كلمات تذكرتها حين علمت بوفاة د. أديب محمود في أيلول/ سبتمبر الماضي. سألته حين كان مديراً لمستشفى دمشق (المجتهد) الحكومي عن علاج جرحى المصابين في تظاهرات عام 2011 المناهضة للرئيس بشار الأسد، فأجابني بتلك العبارة.
التقيته في كانون الثاني/ يناير 2012 حيث كنتُ أعد تقريراً عن الخدمات الصحية. وكنت أبحث سراً عن قريب لي أطلق الجيش الحكومي النار عليه في تظاهرة في ريف دمشق. وبأعجوبة نجا قريبي، الذي أتحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، لكن السلطات أخفت مكانه. ثم علمت أنه استقر في “المجتهد” قبل أن يغيب في فروع المخابرات.
وأفادت حينها تقارير دولية بأن السلطات السورية حولت المستشفيات والكوادر الطبية لأدوات لسحق التظاهرات، وهو ما حاولت أن أعاينه بنفسي.
الجـرّاح والـتـاريخ والمـؤامـرة
وصلت في ذلك الأربعاء إلى مكتب د. أديب في المجتهد في حي الميدان الدمشقي. نالت من أعصابي برودة الطقس الجاف وزحمة ساعة الذروة. كنت قلقاً من أن أقابل قريبي الجريح. فهل سأتظاهر بأنني لا أعرفه إن رأيته، أم سأعانقه وأبكي؟
استرخيت قليلاً في البهو الداخلي للمبنى. وحين دخلت مكتب د. أديب، كان ينظر إلى شاشة على الجدار “البيج”. وقف وصافحني بقوة في منتصف الغرفة الواسعة وهو ينقّل نظره بيني وبين التلفاز.
قامة طويلة بمنكبين عريضين، وشعر رمادي قصير، وحاجبان أسودان. بشرة سمراء حنطية وملامح باردة ونظرات غريبة تتوه أحياناً؛ على رغم أن عينيه السوداوين تنمّان عن أعصاب حديدية. ذقن وشارب حليقان، وربطة عنق سوداء أنيقة ومعطف أبيض لطبيب يتابع عمله اليومي.
جلسنا نتابع خطاباً لبشار الأسد منقولاً من أمام مكتبة الأسد. وأحسست أن د. أديب، المستمع بإنصات، يفضّل السياسة على الطب، كما الرئيس طبيب العيون. كانت عيناه مسمّرتين على التلفاز من دون انفعال على وجهه أو جسده.
قال بشار: “عندما قلت… إن سوريا الله حاميها فلم أقصد أننا شعب الله المختار؛ أو أن الله ميز سوريا عن غيرها، ولكن عندما يحب الله أرضاً، يمنحها شعباً طيباً واعياً صامداً قوياً وفياً كهذا الشعب العظيم”. وتابع: “المتآمرون علينا… في مرحلتهم الأخيرة من المؤامرة ونحن سنجعل هذه المرحلة النهاية لهم”.
وردد تجمع مؤيديه: “الشعب يريد بشار الأسد!”
أنهى بشار خطابه، فسألني د. أديب بود: “شو تشرب؟”.
“متل ما بتشرب..” قلت مازحاً.
نادى أحدهم وقال: “اتنين زهورات”.
جلسنا متقاربين إلى طاولة مستديرة. وقبل أن أستأذنه بتشغيل آلة التسجيل، مازحته مجدداً بقولي:
“إطلالة مهمة للرئيس..”.
“طبعاً! خطاب تاريخي..” قال.
كذلك وصف د. أديب زيارة الرئيس بشار إلى “المجتهد” عام 2005 بـ”التاريخية” في كلمته على الموقع الإلكتروني للمستشفى. وأيقنت أنه يعتبر كل ما يقوله الرئيس “تاريخياً”. وربما تتدرج على ذلك منذ المرحلة الثانوية حين أنهى إحدى دورات القفز المظلي التي أطلقها في ثمانينات القرن المنصرم قائد سرايا الدفاع، رفعت الأسد، عم الرئيس بشار، ورعتها الوحدة (569) في الجيش النظامي. أولئك الذين اجتازوا إحدى تلك الدورات كوفئوا بإضافة 45 درجة إلى محصلة درجاتهم في الشهادة الثانوية من أصل مجموع 240 درجة. وذلك أهّل المظليين بسهولة لدراسة اختصاصات جامعية عليا، كالطب، بغض النظر عن تدني مستوياتهم الدراسية.
شغلت المسجل وأومأت برأسي إيذاناً ببدء المقابلة. قال د. أديب: “العقوبات الغربية والعربية أضرت بالقطاع الصحي”. وأشار إلى أن مزاعم كالتي نشرتها منظمات دولية عن التعذيب في المستشفيات السورية “جزء من المؤامرة على سوريا”.
ولفت إلى أنه في صباح 6 كانون الثاني/ يناير 2012، استقبل “المجتهد” مصابي انفجار حي الميدان من عناصر أمن ومتظاهرين، و”تلقوا رعاية صحية متساوية وبلا مفاضلة بينهم”. وأكد أن الزائر “سيجد مثلاً سريرين متجاورين على أحدهما جريح من الأمن وعلى الآخر مصاب من المتظاهرين”. لكنه استدرك بالقول: “إن الكادر الطبي، خصوصاً في الإسعاف، لا يتمكن من معرفة هوية الشخص المصاب قبل علاجه”. وخلف الانفجار حينها 25 قتيلاً من مدنيين وقوات أمن وتبنته “جبهة النصرة”. ووقع التفجير قبل موعد صلاة الجمعة أمام “جامع الحسن” الذي كانت تخرج منه تظاهرات بعد صلاة الجمعة.
تكلم د. أديب بصوت عميق منخفض، يليق بجرّاح ومدير رصين. جسده ثابت ونادراً ما حرك يديه. وكرر نفيه بإصرار تدخل قوات الأمن أو أي مؤسسة أخرى في عمل المستشفى. وقال: “نحن هيئة محايدة. مهمتنا تقديم الخدمة الطبية. هناك هيئات رسمية أخرى مسؤولة عن التأكد من هويات المذنبين ومحاسبتهم”.
خلف طاولة مكتبه الخشبية البنية صورة على الجدار لبشار الأسد. وإلى اليمين من كرسيه العلم السوري الرسمي على حامل معدني ضخم. وعلى ذلك الكرسي جلس سابقاً نقيب أطباء الأسنان السوريين، إبراهيم نعامة (1938 – 1977)، والذي تبنّى اغتياله تنظيم “الطليعة المقاتلة”، الجناح العسكري لجماعة “الإخوان المسلمين” في سوريا. باغتياله انتقمت “الطليعة” لمقتل زعيمها مروان حديد (1934 – 1976) الذي قضى في سجن المزة العسكري. ولحظة اغتياله، كان إبراهيم، قريب الرئيس حافظ الأسد، مديراً لمستشفى “المجتهد” وقيادياً بعثياً رفيعاً، ورئيساً لجمعية الصداقة السورية-السوفيتية.
جرائم قديمة كتلك سببت هجمات تحريضية ضد المتظاهرين شاملة من يعالجهم. وإحدى تلك الهجمات ما ذكره موقع “سيرياستيبس”، الموالي الخاص، عام 2011 عن أن “مستشفى الحوراني (الخاص في حماة) هو وكر لتخزين السلاح وتوزيعه على المسلحين وحمايتهم وتمويلهم ولقتل الجيش والأمن”، وأن مستشفى البر بحمص “وكر لعلاج المسلحين”، بينما مستشفى الحكمة “المملوك لامتثال غليون أخت عميل الصهيونية، برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري المعارض، سجن للمخطوفين من أبناء حمص الشرفاء وللتمثيل بالجثث”.
لكن أديب تابع: “لا مبرر لخوف المتظاهرين من مراجعة مشافينا” وشدد على أنه لا مكان لديه للمفاضلة بين الجرحى وأن “المستشفيات السورية تقدم الرعاية الصحية للجميع، بغض النظر عن طريقة إصابة المريض أو مكان وجوده”. لكنني لم أجرؤ على سؤاله عن سبب وجود مفرزة أمنية عند مدخل كل مستشفى حكومي في سوريا حتى قبل عام 2011؟
ومنتصف العقد الماضي، اتهمت قناة “الدنيا”، الموالية الخاصة، مستشفى المجتهد بتجارة الأعضاء. كما اتهمت وسائل إعلام معارضة أديب عام 2013 بسرقة أعضاء بشرية لعناصر في القوات الحكومية ومعارضين، وبيعها في روسيا وإيران. كما صرح الناشط مروان العش بأن أديب “فتح قبو المستشفى كمعتقل ومفرزة أمنية لجثث المعتقلين المقتولين تحت التعذيب وأصدر شهادات وفاة مزورة لهم”. لكن تلك الاتهامات بقيت بلا أدلة تثبتها. كما زاد الأمر تعقيداً إصدار النظام شهادات وفاة لآلاف المعتقلين في سجونه، أو ممن تم إعدامهم بقرارات محاكم عسكرية.
اتفقت مع أديب على أن أقابل جرحى من الأمن والمتظاهرين. لكنه أجّل المقابلة ليوم آخر.
مقابلة لم تتم
صباح السبت 14 كانون الثاني 2012، كان الأمل يحدوني بأن أقابل قريبي المصاب. كان عليّ، أنا المطلوب للسلطات لتأدية الخدمة العسكرية، تجاوز حواجز أمنية- عسكرية للوصول إلى دمشق. كان بهو المستشفى مكتظاً بعناصر الشرطة والأمن. وتجمهر صحافيون بكاميرات ومعدات إضاءة كأنهم يصورون فيلماً سينمائياً. واكتشفت أن المستشفى يزوره مراقبون عرب أرسلتهم الجامعة العربية قبل ذلك بشهر لمراقبة الوضع الإنساني في سوريا.
بعد دقائق، ترجل أديب من سيارة “بي إم دبليو” حديثة كحلية ودخل مسرعاً غرفة الانتظار ثم خرج يتبعه ثلاثة مراقبين بستراتهم البرتقالية وقبعاتهم البيض. اقترب مني معتذراً وقال: “الوقت ليس مناسباً للمقابلات”.
“هل أنتظر؟” سألته، فأجاب: “إن شئت، ولكنني لا أعدك بشيء اليوم”.
انتظرت أمام مكتبه وإلى جانبي رجلان بسترات من الجلد الأسود ويحمل أحدهما “كاميرا” صغيرة. سألتهما إن كانا يعملان في المستشفى، فقال أحدهما مبتسماً: “نحن من أرشيف وزارة الداخلية”. قلت في نفسي: “في بلادنا لا بد من أرشفة كل شيء!”.
بعد ساعة، خرج طبيب شاب بمعطف أبيض من مكتب أديب وخاطب الجميع بقوله: “إن الاجتماع [بالمراقبين] سيستغرق وقتاً طويلاً”. وحين سألته عمّا إذا كان المراقبون سيزورون الجرحى، من دون أن أحدد إن كانوا من الأمن أو من المتظاهرين، أجاب الطبيب مبتسماً: “ليس لدينا جرحى اليوم”.
حينها قطعت الأمل من رؤية قريبي الجريج. فأنا آت في يوم عطلة وبموعد رسمي لأقابل جرحى ومصابين من المتظاهرين والأمن، ثم يُقال لي لا جرحى لدينا؟! لماذا إذاً كل هؤلاء العسكريين المسلحين في مستشفى مدني؟!
أمام المستشفى التقيت صديقاً يعمل طبيباً هناك. ودعاني إلى تناول الإفطار في مطعم قريب. وحين سألته عن قريبي الجريح، شَحُب وجهه ثم اعتذر وغادر المكان.
ضغوط
كانت الضغوط على الكوادر الطبية هائلة. فبعد أشهر داهمت المخابرات العامة مستشفى المجتهد واعتقلت د. حيان محمود الذي لا يزال مصيره مجهولاً. وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وأمام المحكمة الإقليمية العليا في مدينة كوبلنز الألمانية، قال حسان محمود إن شقيقه، حيان، اختلف في “المجتهد” مع زميله (إ.ش) الذي شدد على “ضرورة قتل كل المتظاهرين السلميين وإبادتهم”. وأضاف حسان أن أطباء في المستشفى قالوا إن (إ.ش) أخبر مدير المستشفى بطبيعة الخلاف، الأمر الذي أدّى لاعتقال د. حيان بعد يومين.
وعمل أديب مديراً لمستشفى المجتهد بين عامي 2011 و2016. ونقل معارضون عنه قوله للمخابرات الذين حضروا إلى “المجتهد” لفض اعتصام لأطباء استنكروا اعتقال زملائهم: “لا أريد أطباء معتقلين، أريد أطباء في البرادات!”.
وخوفاً من الاعتقال والتعذيب والقتل، تجنب جرحى المتظاهرين المستشفيات الحكومية واعتمدوا على “مستشفيات ميدانية” سرية، وهي وحدات طبية بدائية تتنقل خشية استهداف قوات النظام. وبموجب القانون السوري، على المستشفيات والنقاط الطبية إبلاغ السلطات عن أي مراجع يردهم مصاباً بعيار ناري أو يعاني من إصابة خطرة. ولم يحرج السلطات إعلانها اقتحام أو الاستيلاء على مستشفى أو عيادة ميدانية أو اعتقال أطباء لأنهم عالجوا متظاهرين.
كتبت مقالتي وحاولت أن أنشرها. لكن ما أسميه “رقيب المؤسسة الداخلي”، الذي يزرعه النظام في كل مؤسسة، حذف تصريح أديب عن أنه “يمكن أن يعالج إسرائيلياً لأنه يمكن أن يكون لديه معلومة”.
بعد أيام، علمت أن قريبي في الطابق الثالث في “المجتهد”. فقد مرر رقم هاتفي إلى سيدة كانت ترافق أخاها المصاب إلى دورات المياه هناك.
قصدت المستشفى، ومن غير أن يشعر الحراس، لمحت قريبي نائماً على سرير في غرفة خلفية مطلة على كراج لتصليح السيارات. وعلى السرير المقابل جلس حارسان بلباس مدني وبندقيتي كلاشنيكوف. لم أجرؤ على التقدم، وقررت أن أؤجل الزيارة.
وفي اليوم التالي، مررت ببطء أمام باب الغرفة مسترقاً النظر، فاستوقفني أحد الحراس وأخذ بطاقتي الشخصية ثم احتجزني في مطبخ وهددني بالاعتقال إن لم أتكلم عن سبب وجودي هناك. وحين أخبرته، غاب وعاد بعد ساعة ليُطلِق سراحي. ولما سألته يائساً عن حال قريبي، قال: “ليس لدينا شخص بهذا الاسم!” وعلمت لاحقاً أنه حين تركني في المطبخ، ذهب ليحقق مع قريبي بضربه وتعذيبه بغرز إبر في يديه.
المفاضلة الأخيرة
كان د. أديب يشق طريقه للصعود السياسي. في أيار/ مايو 2013، كرمته نقابة أطباء دمشق لدوره “في علاج الجرحى والمصابين منذ بداية الأزمة التي يتعرض لها وطننا بفعل الجماعات الإرهابية”. كما خضع لتدريبات قتالية عسكرية وحصل على وسام من مركز الإمام المهدي الثقافي في السيدة زينب جنوب دمشق “تكريماً لجهوده الاجتماعية والفكرية”.
فاجأني خبر وفاته في أيلول الماضي، حيث قرأت أنه “لم يفرح بابنه وبناته” الثلاث اللواتي عملن مع أسماء الأسد، عقيلة الرئيس، في الأمانة السورية للتنمية، ومؤسسات “البعث” كاتحاد شبيبة الثورة.
والسبب المعلن لوفاة أديب “نوبة قلبية حادة” من دون تحديد مكان وقوع الحادثة. فبالقرب من منزله في حي الروضة في دمشق مستشفيات متخصصة. ويقع منزله مقابل منزل وزير الدفاع الأسبق الراحل مصطفى طلاس. لذلك فالواقعة أقرب أن تكون قد حدثت في مسقط رأسه قرية حورات عمورين الفقيرة في ريف حماة حيث لا بنية تحتية ولا خدمات. فلا أدل على واقعها الخدمي المزري من شكوى أهلها في شباط/ فبراير الماضي من طرقها المحفورة على أمل مد شبكة صرف صحي.
بينما أشارت مصادر إلى أن أديب توفي على إثر فشله في مرحلة “الاستئناس الحزبي” أو استشارات المفاضلة بين مرشحي “حزب البعث” لمجلس الشعب، في حزيران/ يونيو الماضي. وفي السابق كانت قيادة “البعث” تعيّن ممثلي الحزب في المجلس من دون الرجوع للقواعد.
ويبدو أن أسهم د. أديب لم ترتفع عند “القيادة” على رغم مشاركته فروع “البعث” في تكريم جرحى ومصابي الجيش والشرطة والأمن، وزياراته المتكررة لهم برفقة زوجته العقيدة الطبيبة، هالة بلال، المقربة من أسماء الأسد، وعضو لجنة المصابين بوزارة الداخلية. كذلك لم تنفع في شيء زياراته السفارة الروسية في دمشق. ولم تجد نفعاً استضافته في المستشفى لحملة “كلنا بشار” في الانتخابات الرئاسية عام 2014 وتصويته بالبصمة بدمه لصالح بشار تعبيراً عن الانتماء والولاء “للقائد”.
مصادر أخرى قالت إنه حزن لفشله في الحصول على دعم من عم زوجته، رئيس مكتب التعليم العالي، د. محسن بلال، عضو القيادة القطرية لحزب البعث.
وتضيف المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، أن دعم عائلة بلال ذهب لمصلحة شقيق الزوجة الوحيد، عضو مجلس الشعب لدورة 2016 – 2020 المحامي، أيمن بلال، والذي جدد عضويته في البرلمان.
ومن غير المستبعد أن يكون فيروس كورونا هو الذي أنهى حياة الرجل الحاصل على درجة دكتوراه في جراحة الصدر. إذ توفي في الفترة ذاتها عدد كبير من الكوادر الطبية جراء إصابتهم بالفيروس. وقد أكد في محاضرة عام 2019 أن “لا إصابات بالفايروس (…) على رغم ظهور حالات عدة في دول الجوار”.
ومنذ آذار/ مارس 2011 وحتى وفاة أديب، قُتل 857 من الكوادر الطبية واعتُقل واختفى 3353 آخرون؛ قرابة 85 في المئة منهم استهدفهم النظام السوري، إضافة إلى استهداف 862 مركزاً طبياً، 88 في المئة منها استهدفها النظام السوري وحليفاه روسيا وإيران، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، المنظمة الحقوقية التي تتخذ لندن مقراً لها.
فيما أكد وزير الصحة السوري، د. حسن محمد غباش، على بذل الحكومة كل الجهود للمحافظة على الكوادر الطبية، وتشجيعها على عدم مغادرة البلاد.
أما قريبي فقد أطلقت سراحه السلطات بعد سنة تقريباً من التنقل بين شعب المخابرات والمستشفيات فخرج بعدها ظِلّ إنسان.
وحدثني كيف عذبه أفراد المخابرات في “المجتهد” التي بقي فيها ثلاثة أسابيع مكبلاً إلى سريره. ووصف لي كيف طرد عناصر “فرع الخطيب” (الفرع 251 التابع لإدارة المخابرات العامة) طبيبة جاءت لتعالجه بعد أن أخرجت الحراس من غرفته.
كان يمنع على أحد أن يقترب من غرفته باستثناء الحراس والمحققين وطبيب يعاينه لعشر دقائق صباحاً. أما الحراس الآتون من “الخطيب” ومن إدارة المخابرات الجوية، فكان “صفعهم إياي أمراً طبيعياً لهم”.
يتذكر قريبي وجوه الحراس الذين عذبوه والكادر الطبي والمحققين، كما يتذكر وجه د. أديب. ويقول إنه لن يسامحه إن كان يعلم أو كان بمقدوره أن يمنع عنه التعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها في “المجتهد” ولم يفعل.
Social Links: