محمد بلال
* ألا يتمتع ترامب بنزعة سلطوية واضحة؟
* ألا يسكن بداخله دكتاتور يرغب بالإستئثار بالسلطة؟
* أليس ترامب شخصية متطرفة؟
* ألا يمتلك ترامب شخصية شعبوية قادرة على استقطاب عدد كبير من المؤيدين الرعاع ؟
* ألم يمارس هذه الدكتاتورية على أنظمة العالم قاطبة ؟
نعم هو كذلك، وقد فعل مالم يفعله غيره إطلاقاً مع معظم دول العالم ومع البلدان التي تحكمها أنظمة ديمقراطية أيضاً، فقدم النموذج الأسوأ للدكتاتور المتطرف في ملاعب الديمقراطية، وكان نموذجاً فجّاً يمثل البدائية السياسية التي يلجأ إليها حكام دول العالم الثالث بالغالب، وينجحون، بينما فشل ترامب فشلاً ذريعاً ولم تدم تلك الحالة الشاذة إلا لساعات، إضطر بعدها ليتراجع تراجعاً بطيئاً، لكنه تراجع، فيما ثابر بعض حكام دول العالم الثالث واستمروا حتى تدمير بلدانهم وقتل شعوبهم وتهجيرها، والنموج الفاضح الفاقع على هذا بشار الأسد وريث نظام الحكم في سوريا،
ولكن ما هي الفوارق التي جعلت ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يتراجع، فيما استمر بشار يمارس أبشع وأغرب ما فعله حاكم في بلده ومع شعبه، والأغرب أنه ما زال راغباً بالإستمرار، ولكن إلى متى، والبشرية بكاملها عالِمها وجاهِلها تعلم أن كل شيئ له بداية لا بد أن يكون له نهاية،
بدايةً يقرّ الجميع بنزعة ترامب للسلطة والفردانية والتطرف، وانطلاقاً من هذه الشخصية جاءت أفعاله الشاذة فحاول التمسك بالسلطة والإستئثار بها بعد انتهاء ولايته وفوز بايدن وإقرار الكونغرس بذلك، ومع ذلك أظهر إحتجاجه بهذه الطريقة البدائية الفجّة واتهم العميلة الإنتخابية بالتزوير ولجأ للمحاكم وفشل، فكانت هذه الحركة الشعبوية آخر طلقة في مسدسه علّه يستطيع أن يؤثر أو يغير، لكن وقوف الشعب الأمريكي بشخصياته ومؤسساته الديمقراطية وقفة صلبة في وجهه، جعله يتراجع ويذعن مقراً بهزيمته وموافقاً على التسليم السلس للسلطة في التاريخ المحدد، وأظن أنه سيُحاسَبُ على هذا العمل الشّاز، وسيكون لهذه الفعلة آثاراً سياسية في كل الدول الديمقراطية
أما الطرف الآخر بالمقارنة، بشار الوريث، فهو نموذج قيادات دول العالم الثالث الذي تبرأ من أفعاله أغلىب قيادات دول العالم الثالث ولم يبق على نصرته إلا قلة قليلة من الديكتاتوريات الإنتهازية وأصحاب المصالح المتغولين على سوريا كروسيا وإيران والصين
وللمتابعة بالمقارنة، ولماذا تميّز فعله بالإستمرارية فلذلك عدة أسباب نُجمِلها
أولاً_ وجود دولة إيران التي تخطط للهجوم على الشعب السوري والتغول عليه تحقيقاً لأحلامها حتى قبل قيام الثورة السورية، وهذا ما ورد على لسان حسن نصر الله مؤخراً في مقابلة له على قناة الميادين، حيث بدأ مسؤولوها بالتخطيط لمواجهة الشعب السوري قبل بدء الثورة وخصّصوا لذلك غرفة عمليات كان يقودها كبيرهم الخامنئي شخصياً
ثانياً_ وجود القيادة الروسية المارقة على كل الأعراف الإنسانية، لقاء بروزها كقوة عظمى ولو على حساب قتل الشعب السوري وتهجيره وتدمير بلاده وسرقة ثرواتها
ثالثاً_وجود طائفة من الإنتهازيين السوريين المنتفعين والمصفقين لبشار في كل حالاته وتتشكل من أطياف الشعب السوري المختلفة، وهم مَن حصدوا نتاج فساد سياساته مادياً ومعنوياً
رابعاً _ وجود طائفته الدينية التي حرص ابوه قبله على عسكرتها وتميّزها بكل أشكال المكتسبات غير المشروعة على حساب الشعب السوري وشكل منها كافة أجهزة الأمن وقيادة كافة التشكيلات العسكرية والإدارات المدنية، لهذا فهي لن تتخلى عنه وعن مكاسبها، وتعتبر سقوطه سقوطاً لها ولمكاسبها
خامساً _ الضعف والتفكك العربي والتنازع وإرتباط الجميع بمشاريع تخدم الخارج وانعدام وجود مشروع عربي موحد
سادساً_ خوف الزعامات إلعربية على عروشهم ومكاسبهم من عدوى الثورات بعد نجاح الثورة السورية، فكان اصطفافهم في الغالب بصفّ التآمر عليها
سابعاً_ إرتباط المصالح بين هذا النظام وإسرائيل الذي اعتبر منذ بداية الثورة أن أمن إسرائيل مرتبط بأمنه وهذا ما صرح به رامي مخلوف عام ٢٠١١
سابعاً_ الإعتماد على أسلمة الثورة وتصدير صورة الثوار بشكل مرعب كحافز لكسب عداوة المجتمع البشري لها وصولاً لترويج فكرة الإسلام فوبيا، مما جعل الكثير من دول العالم تتغاضى عن جرائمه المرتكبة حتى القتل بالغازات السامة المحرمة في الحروب، بل وتفضله على تلك القوى المرعبة التي ساهم بتصدير صورتها جزء من الثوار أنفسهم بعضهم عن جهل والآخرون كانوا مدسوسين من الداخل والخارج
ثامناً_ تراجع الدور الأمريكي بقيادة ترامب نفسه لصالح بروز روسيا كقوة عظمى متفردة في الملف السوري مع مراعاتها مصالح كل من إسرائيل وأمريكا
كل هذه الشروط إضافة للدموية والفصام الذي تميّز بهما الوريث القاصر ، والتي حُرم منهم ترامب، جعلت من بشار قادراً على ما عجز عنه ترامب ومنعته من أن يكون دكتاتور اً،
ولو كان للدستور والقوانين حضور في سوريا لمنعت بشار من الإنجراف خلف مصالح إيران ومطامعه ومطامع حفنة
مجرمة مازالت تعتبر نفسها جزأً من الشعب السوري .
Social Links: