نجم الدين سمّان
حين بدأ الإنتاج التلفزيوني للمُسلسلات السورية يتبلور؛ كنتُ مع خيارات المخرج “هيثم حقي” الواقعية الانتقاديّة؛ وساخراً من مسلسلات “نجدت أنزور” الفانتازيّة؛ وبخاصةٍ بعد مسلسله “البواسل” الذي يُوحِي بتزلُّفِ ذاك الأنزور للقصر الأسديّ.. قبل أيِّ توريث. ثم تأكد لنا بعد ذلك.. انه لا يُشبِِّح لآل الوحش في مسلسلاته فقط؛ وإنما في كلّ خطوةٍ وتصريح.
كان هدف تلك المسلسلات “الفانطازية” كما أُسَمِّيها.. ليسَ التاريخ؛ وإنما تمييعَ كلّ تاريخ؛ وليس المجتمع.. وإنما سحبَ المُشاهد أبعدَ فأبعدَ عن مجتمعه وعن كلّ مجتمع؛ وأبعدَ فأبعد عن جوهر السؤال الذي هو جوهرُ كلّ إبداعٍ. وكنت أقول لأصدقائي.. آنذاك:
– هذه سجائرُ تحشيشٍ فانظازيّة لتخدير الرعيّة.
أستعيدُ هاهنا مقالةً ساخرة.. مَرَّت على غَفلةٍ من الرقباء في “جريدة تشرين” فسبَّبت لهُم وجع رأسٍ كما قال لي مدير التحرير آنذاك؛ ثمّ أردف: – ألا تعرفُ بأنّ أنزور مُقرَّبٌ من القصر؛ فأجبتُه ساخراً: – وكيف لي أن أعرف؛ لم يُخبرني القصر بذلك؛ ما أعرفه فقط.. أنه مُقرّبٌ من الأمير الأنوق أسعد فضة.
فاغتصب نصف ابتسامةٍ: – إيمتى رَح تبطّل مُشاغباتك؛ المرّة الماضية عملت لنا مشكلة مع همام حوت؛ الكلّ يمدحُه وأنتَ تهجوه؛ فتساءلت بسخرية: – لست زرقاء اليمامة لأعرف أنه مدعوم ايضاً من القصر؛ ثمّ.. لماذا لا تضعون لنا جدولاً بمَن نمدحُ وبمَن نهجو؛ حتى لا نقعَ في الخطيئة اللذيذة؟!.
*- أسماء فانطازية.. لأجيالنا القادمة
بعد نصفِ حلقةٍ من مسلسل: “البواسل” ورُبع حلقةٍ من مسلسل: “صراع الأشاوس” وبعد ثُلثِ حلقةٍ من مسلسل: “العَدُول”، فكَّرت بافتتاح مكتب خدمات مجاني، لكلّ عائلة عربية تتكاثرُ مرّة واحدةً.. كلّ تسعة شهور على الأقل، فنحن قوم شاطرون.. في التنمية السكانية!.
اتركوا فيروزنا.. تُغني: أسامينا.. شو تعبوا أهالينا.
لا تتعبوا.. ولا تحتاروا، صارت الأسماء مثل الفجل في سوق الهال؛ وفي خبر عاجل من دوائر السجل المدنيّ.. أنّ مُوضَةَ أسماءٍ مثل “الباشق” و “الكاسِر” و”الباسل” قد صارت عتيقةً، فمنذ الآن بدأت موضة “الجُؤجؤ”؛ وستقول الأمُّ لوليدها بحنانٍ فانطازي: – يا جُؤجُؤ عيني.
ستصير حكايا الجدات.. هكذا: ”كان يا ما كان.. في قديم الأزمان، لمّا كانت قبائلنا فانطازية، ثمّ تفرّقت بطوناً في الفضائيّات وأفخاذاً، ساد على قبيلة “المُجَمهَرَات” الأميرُ “الأنوق”: أسعد فضة، وقبل نهاية الحلقة الأولى.. ماتت عقيلتُه الأميرة “أنوقة” -ونسيتُ اسمَ الممثلة؛ بل لعلها ماتت قبل أن تظهر في المسلسل- فَسَادَ الذُعرُ بين الخِرَاف والنُوق، واختلط الصالِحُ بالبندوق، عندها قرَّر “الوحشيّ” صباح بن عبيد الانشقاقَ عن ابن أنزور.. مُنافِحاً بالسيفِ غريمَهُ رشيداً بن عسّاف المُكنَّى بـ “ابن عُرس”، وحلقات الوَغَى تتوالى سُحُوراً بعدَ سحور.. بقلم: “غَنّام بن غنّام” مُنافساً كبيرَ كُتّاب الفانطازيا: “ابنُ طَبَا طَبَا السعديّ” وشركاه، منذ أول رمضان بعد داحس والغبراء التي أنجبت زهير رمضان”
ثمّ سكتت جَدّتي نفُّوس عن الكلام المُبَاح.
– طوّلي بالك.. يا ستي، حطِّي رجليك في الماء البارد، ستصير أسماءُ أجيالنا القادمة.. هكذا: عَرَّام، جُمَير، الأُهَيطِل؛ خَرْشَم، سُكَاك، زُرَيق، رَوَاح، قِرْنَاس.. بن فِرْناس، المُلَهَّب؛ عُوَيض.. وليس من أقربائه: دريد عواضة، قَلْزم.. حفيدُ الخَرْشم، صَعْب، كَعْب؛ رَحْب.. إكس لارج.
وللإناث الفانطازيّات: رَمْثَه، سِجَاح؛ حَنَّانَه، حَصبَاء، رَغَّايَه.. على وزن: لهَّايه، لَبوَة، أنوقه؛ رِثَار؛ جَنَبَه.. على وزن: كَنَبَه.
ومن الأسماء المُشتقة من النباتات: العَدُوس، فِطرُ بنُ زَائِدَة – غير دوديّة طبعاً؛ يَقطِين؛ ولكم أن تعودوا لتلك المسلسلات.. لمزيدٍ من اليقين.
ومن الأسماء المُشتقة من الحيوانات الأليفة: رَهَوَان، شَبّوط.
فإذا أردتم لوليدكم منصباً حكومياً.. أسمُوه: فرمان؛ أو “الأُحَيمِر” كنتُ أقصد وقتها الرفيق عبد الله الأحمر!؛ أو.. “بَيرَق”.
أو كنتم تريدونه خبيراً في الأدوات المنزلية.. فأسموه: طَنْجِير.. إلا إذا كان من مادة الستانلس ستيل، ثم زَوِّجُوه في الحلقة السابعة من: “أمّ اللِيف” لِتقشَطَه باللِيفة.. قشطاً وتلميعاً.
أو كثيرَ الحركة، ينطّ ولا يحطّ.. فأسموُه تيمُّناً بهاني السعدي: وَرْشَان.
فإذا تعبتم من أولادكم “الضَنَى” أسموا آخر العنقود: رَهَق.
فإذا كان رَميةً من غيرِ رامٍ.. أسمُوه: مِهْبَاب، وللأنثى.. مِهْبَابَة؛ ثم اتصلوا بفوج الإطفاء!.
*- ملاحظة: هذه أمثلةٌ فقط.. من مئات أسماءِ الشخصيات في مُسلسلاتنا الفانطازية؛ حتى ظننتُ بأنّ اسمَ: “أنزور”.. إحداها!!.
Social Links: