صرخة من وسط «الصقيع القاتل».. هنا يموت السوريون

صرخة من وسط «الصقيع القاتل».. هنا يموت السوريون

أيمن الأمين _العرب والعالم

عندما تنظر إليهم للوهلة الأولى وعبر الجمعيات والمنظمات الحقوقية تعتقد أنهم “سعداء”، لكن بعد أن تقترب منهم أكثر وترى معاناتهم في مخيمات لا تصلح لإيواء الحيوانات، حينها تشعر بمرارة وبؤس حياتهم التي حولها نظام الأسد إلى جحيم.. هكذا وصف عبد الرحمن الدمشقي، أحد شباب سوريا الموجود بجنوب تركيا حياة أقاربه في مدينة إدلب السورية الواقعة في قبضة المعارضة التركية.

عبد الرحمن الذي تواصلت معه “مصر العربية” روى يوميات الرعب لأهله داخل مدينة إدلب، جراء السيول القاتلة التي ضربت تلك المنطقة الشمالية خلال الأيام الأخيرة، قائلا: مخيمات جدي وأبناء عمومتي غرقت ولم يبق منها أي شيء، فالسيول التي ضربت مناطقهم قبل أيام كانت كارثية، لم يصلهم أي دعم حتى الآن، سوى بعض المنظمات التركية، لقربها من تلك المخيمات.

ولم يكن العام 2021 أحسن حالا من سابقه على اللاجئين السوريين في بلاد الشتات، فاللاجئ السوري بات الحلقة الأضعف في كل الكوارث والأزمات التي تضرب العالم.

ويُشكّل فصل الشتاء عبئا ثقيلا على اللاجئين، إذ يجدون أنفسهم تحت سطوة برد قارس وعواصف عاتية، حيث تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.

ووصف الدمشقي معاناة أقاربه بمخيم الكرامة بالقرب من مدينة أضنة التركية، حيث قال إن السيول جرفت غالبية المخيمات وأغرقت أمتعة اللاجئين، كما أن نهاك عائلات كثيرة تجردت من كل شيء بفعل هذه السيول، وللأسف هذا الأمر يتكرر كل عام.

وعن حياة اللاجئين بشكل عام في إدلب وتحديدا الأزمات الصحية جراء انتشار كورونا، قال الشاب السوري، إن الجميع يبذل قصارى جهده لحماية عائلته من فيروس كورونا المستجد، خصوصا بعد ظهور سلالة الجائحة الجديدة، كما أن الكثير يشكو غياب الكمامات وعدم وجود مواد التنظيف، إلى جانب قلة المال لشراء مطهرات وأدوية واقية، هذا كله أيضا إلى جانب السيول التي أغرقت كل شيء.

ويعاني نحو 3 ملايين سوري، أوضاعًا إنسانية صعبة تعيشها، تزامنا مع اشتداد برودة الشتاء والصقيع القاتل، وسط أزمات أكثر حدة بسبب انتشار فيروس كورونا، وقلة الإمكانيات لدى هؤلاء اللاجئين.

ويتصدر اللاجئون السوريون منذ 10 سنوات عناوين الصحف والنشرات الإخبارية، بين قتل وإبادة واغتصاب، ولم يغب ذكرهم يوما، فالمعاناة الإنسانية التي تتسبب فيها الأزمات التي تضرب العالم، تحمل مشهدًا دراميًا يكون ضحاياه السوريين الذين هربوا من موت إلى آخر.

ولعل أبرز الأزمات كانت في قساوة فصل الشتاء على السوريين، حيث يجد لاجئون سوريون في لبنان أنفسهم مرغمين على تحمّل بردٍ قارسٍ وثلوجٍ كثيفةٍ مع حلول الشتاء، بعد أن باتت وسائل التدفئة صعبة المنال بسبب تلميح الحكومة إلى رفع الدعم عن الوقود تحت وطأة الأزمة الاقتصادية.

بينما يجد آخرون أنفسهم بين الوحل في إدلب، مجردون من كل شيء لأكثر من 10 سنوات معاناة، بسبب الحرب الأهلية التي ضربت سوريا إبان الثورة السورية.

على الجانب الآخر، وفي رصد لما يتعرض له اللاجئ السوري في إدلب، فسنجد أن في الشمال السوري، الموت في كل مكان، فمن لم تطاله رصاصات الروس والأسد، فالنزوح مصيره.

الأمم المتحدة في أحد تقاريرها قالت، إن أكثر من 700 ألف مدني نزحوا من إدلب، خلال الأشهر الثمانية الماضية، هرباً من العنف المتصاعد والغارات الجوية والقصف المستمر والذي ضرب تلك المناطق العام الجاري.

في سياق آخر، ناشد لاجئون فلسطينيون مهجرون في مخيمات شمال غربي سوريا، المنظمات الدولية ووكالة الأونروا، النظر إلى أحوالهم ومساعدتهم، حيث يواجهون ظروفا صعبة في ظل ضعف المساعدات المقدمة لهم وتفاقم الأوضاع الإنسانية نتيجة سوء الأحوال الجوية.

وقالت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” إن الفلسطينيين المهجرين في مخيمات شمال سوريا يعانون من أوضاع إنسانية واقتصادية سيئة، ويناشدون الجهات المعنية والفصائل والسلطة الفلسطينية ووكالة الأونروا من أجل إنقاذهم من مأساتهم التي يعيشونها في مخيمات الشمال السوري.

ونقل مصدر في “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” في تصريحات لوسائل إعلام عربية، شكاوى اللاجئين الفلسطينيين السوريين في مخيمات النزوح، و المهجرين أصلًا من مخيمي اليرموك وخان الشيح وجنوب العاصمة السورية دمشق، بسبب غياب متطلبات المعيشية، وانتشار البطالة في صفوفهم وقلة الدخل وانعدامه في بعض الأحيان، وشح المساعدات الإغاثية، الأمر الذي أرخى بظلاله الثقيلة عليهم وجعلهم في مهب مصير مجهول ومستقبل غامض، على حد تعبيره.

يشار إلى أن منطقة الشمال السوري، تعرضت لأربع عواصف مطرية، حسب فريق منسقو استجابة سوريا العامل في تلك المناطق، أدت لتضرر مئات الخيام التي تسربت مياه الأمطار إليها، ما دفع بسكان تلك المخيمات لتوجيه نداءات استغاثة عاجلة للمنظمات الإغاثية والإنسانية للتحرك ومد يد العون.

وخلال السنوات الماضية، نزح ملايين المدنيين السوريين إثر قصف النظام مدنهم إلى المناطق القريبة من الحدود التركية السورية، حيث اضطرت مئات آلاف العائلات للسكن في خيام بعد عجزهم عن تأمين بيوت تؤويهم.

وتعاني تلك المخيمات انعدام البنية التحتية، فضلا عن تحولها إلى برك من الوحل خلال فصل الشتاء، حيث تتسرب مياه الأمطار إلى الخيام بعد تعرض أقمشتها للاهتراء بسبب حرارة الصيف.

  • Social Links:

Leave a Reply