في ذكرى رحيله.. عبد السلام العجيلي الذي شبع من الحياة

في ذكرى رحيله.. عبد السلام العجيلي الذي شبع من الحياة

عنب بلدي

“لقد شبعت من الحياة، عشتها بكل ما فيها، وما عدت أرغب بالمزيد”، بهذه الجملة يعبر الكاتب السوري الراحل عبد السلام العجيلي عن حياة طويلة امتدت أكثر من 86 عامًا، وجمعت بين السياسة والأدب والعائلة، لتستقيل عن العطاء في المدينة التي بدأت فيها، ويصادف اليوم الذكرى الـ15 لذلك الرحيل.

بدأ عبد السلام العجيلي مشواره الأدبي مبكرًا، قبل بلوغه الـ18 من عمره، عام 1936، حين نشر في مجلة “الرسالة” المصرية قصة أدبية بدوية المنشأ بعنوان “نومان”، ما أعطاه حينها دفعًا معنويًا للمتابعة في مجال الأدب الشائك، رغم نشر القصة في ذلك الوقت دون اسم.

وفي حديث مطوّل نشره في موقع “قلم رصاص“، في 2017، قال العجيلي، “كانت المدرسة عالمي الجميل والمفضل، ولكنها لم تكن كل العالم لي، كانت هناك المطحنة التي يملكها والدي، وهناك مضارب أعمامي في البادية حول بلدة الرقة”.

وفي عام 1938 حصل العجيلي على الشهادة الثانوية لينتقل بعدها إلى دمشق، للدراسة في كلية الطب البشري التي تخرج منها عام 1945.

وانتخب عبد السلام العجيلي عام 1947 نائبًا عن مدينة الرقة في مجس النواب الذي شُكّل أيام انقلاب حسني الزعيم، ومع حلول النكبة الفلسطينية عام 1948، التحق بجيش الإنقاذ للقتال من أجل فلسطين.

وقال العجيلي تعقيبًا على ذلك، “وفي غمرة تلك الفترة الحرجة، وجدتني أهجر مهامي كنائب في المجلس، وألتحق متطوعًا بمجاهدي فوج اليرموك الثاني من جيش الإنقاذ، وهو الفوج السوري من ذلك الجيش”.

وبعد العودة من فلسطين عمل العجيلي طبيبًا في مدينته قبل أن يكتب أول مجموعة قصصية تحت اسم “بنت الساحرة”، وتتضمن عشر قصص قصيرة، ونُشرت عام 1948.

قدّم العجيلي عام 1951 مجموعة شعرية حملت اسم “ليالٍ ونجوم”، ومجموعة قصصية تحت عنوان “ساعة الملازم”، وتتكون من تسع قصص قصيرة، وفي نفس العام سافر العجيلي إلى فرنسا ليفتتح بتلك الرحلة التي استمرت ستة أشهر، نحو 20 عامًا من الأسفار بين دول العالم، شكّلت مصد إلهام للعجيلي في تلك الفترة لتقديم المزيد على صعيد الأدب.

وبين عامي 1954 و1958، ألف العجيلي كتاب “حكايات من الرحلات” الذي يندرج ضمن أدب الرحلات، وهو نوع أدبي قائم مثل أدب المراسلات وأدب الاعتراف وأدب السجون، بالإضافة إلى مجموعة قصصية بعنوان “قناديل إشبيلية”، كما كتب عام 1959 روايته الأولى “باسمة بين الدموع”، والمجموعة القصصية “الحب والنفس”، ثم جاءت رواية “رصيف العذراء السوداء” والمجموعة القصصية “الخائن” عام 1960.

شغل العجيلي أيام انفصال الوحدة السورية- المصرية منصب وزير الإعلام، ووزير الخارجية، وفي عام 1962 عُيّن وزيرًا للثقافة، وفي الفترة نفسها أصدر كتاب “المقامات” الذي يندرج ضمن أدب المقاومة، وهو عبارة عن مجموعة نصوص ومقامات ساخرة.

وفي عام 1965 قدّم عبد السلام العجيلي الكثير من الأعمال الأدبية التي تنوعت في النوع وأسلوب الطرح، ومنها “الخيل والنساء” و”من الذي أقتل” و”ثلاث رسائل أوروبية” و”أحاديث العشيات”، و”أشياء شخصية” عام 1968.

ومن أبرز أعماله أيضًا، “فارس مدينة القنطرة: قصة أندلسية”، و”حكاية مجانين”، وكتاب “السيف والتابوت”، ورواية “أزاهير تشرين المدماة” و”عيادة في الريف” و”سبعون دقيقة حكايات”، و”تجاربي في واحد وسبعين عامًا”، و”الحب الحزين”.

وفي عام 1982، جمع العجيلي ما ألقاء تحت أدب الرثاء ضمن كتاب حمل اسم “وجوه الراحلين”.

“جيل الدربكة” و”فلسطينيات عبد السلام العجيلي” و”محطات من الحياة” و”مجهولة على الطريق”، هي أيضًا من أعمال عبد السلام العجيلي الأدبية التي شكلت بصمة وإضافة في تاريخ الأدب العربي، وحفظت للطبيب الأديب مكانًا بارزًا بين الكتّاب والأدباء السوريين.

واختتم العجيلي حياته الأدبية عام 2005، قبل أن يختتم الحياة ككل عام 2006، مقدمًا في سنواته الأخيرة رواية “أجملهن”، وكتاب “ضد التيار”، و”حب أول وحب أخير” و”سعيد وسعاد”، وكتاب “جيش الإنقاذ”.

ولد العجيلي عام 1919، وكتب أولى قصائده الموزونة وهو في الـ15 من العمر، متأثرًا بالجو الثقافي الذي نشأ فيه، فهو حفيد حميد العجيلي، الذي عُرف عنه تأليف الشعر البدوي.

وتزوج عبد السلام عام 1958، وأنجب أربعة أولاد، وغادر الحياة في نيسان 2006، تاركًا خلفه إرثًا أدبيًا يصل إلى أكثر من 40 مؤلفًا.

  • Social Links:

Leave a Reply