تشهد الساحة السياسية السورية منذ أشهر حالة من الركود حيث توقفت المفاوضات بخصوص عملية كتابة دستور جديد للبلاد، في وقت ينتظر السوريون اتخاذ خطوات لإنهاء المأساة المستمرة بعد عقد من الدمار الذي غذّته الدول المتورّطة في قتل وتشريد السوريين.
ومع ذلك تتجه الأنظار إلى الانتخابات الرئاسية التي يعتزم النظام تنظيمها في الأشهر المقبلة وهي الانتخابات الثانية منذ انطلاقة الثورة في البلاد.
وترى خزامى الجندي، عضو حزب اليسار السوري الديمقراطي وعضو منظمة نساء ديمقراطيات، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الحل السياسي السوري مبني على جنيف وقرارات الأمم المتحدة، بعيدا عن الخطة العسكرية التي تعتمد على حرب المواقع، مشددة على ضرورة وحدة المعارضة السياسية لتحقيق التسوية وإنهاء الحرب.
س-يرى معارضون سوريون أن المسالة السورية لم تحتل يوما الصدارة لدى الولايات المتحدة الأمريكية بل كانت دائما جزءً من الصراع العربي الإسرائيلي أو الملف النووي أو التوسع الإيراني.. ما تعليقك على ذلك، وهل يمكن أن يغير جوزيف بايدن من سياسة وضعها الرئيس السابق دونالد ترامب التي وُصفت بالهوائية في التعامل مع الملف السوري؟
ج-لا أستطيع أن أجاري من يعتبر سورية غير مهمة للاستراتيجيات الأمريكية في الشرق الأوسط، فهي المنطقة التي شهدت أكبر تنافس أمريكي –بريطاني- فرنسي على النفوذ فيها، عبر سلسلة من الانقلابات ، أولا لإخراجها من المنظومة الفرانكفونية ومن ثم إدخالها في فلك المصالح الأمريكية، وفي هذا السياق جاء انقلاب حسني الزعيم لتمرير اتفاقيات خط “التابلين” لنقل النفط وهو أول انقلاب بشر بخنق الديمقراطية ، وصفه فارس الخوري بأنه “أعظم كارثة حلّت بالبلاد منذ حكم تركيا الفتاة” وقد كان انقلابا أمريكيا كما هو حال انقلاب البعث في الثامن من آذار لعام 1963 وكما هو حال انقلاب الأسد الأب عام 1970 لدعم التيار الأمريكي في حزب البعث، وحتى الأسد الابن تمت شرعنة وضمان وصوله إلى سدة الحكم بتدخل مباشر من السيدة مادلين أولبرايت وزيرة خارجية الولايات المتحدة آنذاك ، وهذا لا يعني إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تستطع أن تهمل سورية ولا أن تكون حيادية تجاه خيارات شعبها أو نخبها السياسية، والذين يرددون وراء الدعاية الأمريكية أن سورية غير مهمة لافتقارها إلى الموارد الكبيرة كما هو حال جيرانها في العراق والمملكة السعودية على سبيل المثال ، يتناسون أنها بفعل الجغرافيا أولا والديموغرافية ثانيا تصبح مع أي من دول الاقليم (العراق والمملكة السعودية ومصر) محورا متحكما في جيوسياسية الإقليم ، أما لبنان فهو تايوان سورية تاريخيا وجيوسياسيا أيضا يُستخدم للضغط على سورية، فحتى بعد أن ضم لبنان الصغير كلا من طرابلس الشام وعروس البقاع السوري إلا أنه لم ولن يستطع أن يعمد فينيقيته إلا في دمشق،وأي تغيير في الجغرافيا السورية سيترتب عليه انحلال لبنان وإعادة تشكيله بما يناسب جيوسياسيًا الجغرافيا السورية الجديدة، لذلك ترددت دول الإقليم كما الدول العظمى في التفكير جديا في تقسيم سورية حتى لا ينفجر صندوق البندورة في وجه الجميع.. لقد سمح المجتمع الدولي بتدخل إيران في سورية ودخول حزب الله لقتل المتظاهرين السوريين ،كي لا يسقط نظام دمشق المافيوي بأيدي السوريين كسابقة تستدعي تداعي دكتاتوريات الإقليم ، وعندما فشلت طالب رئيس الحرس الإيراني بالتدخل الروسي لتدارك هزيمة نكراء وقد تدخل سلاح الجو الروسي وميليشيا فاغنر بضوء أخضر من الولايات المتحدة مرة أخرى، وتم تمويل حملاتهم على العمران السوري وبناه التحتية من ميزانيات الخليج التي تمر عبر نيويورك ولم تنبس وزارة المالية الأمريكية ببنت شفة بل صمتت كما صمتت على تمويل الميليشيا الإيرانية واللبنانية التي قتلت السوريين من ميزانية العراق الخاضع للرقابة الأمريكية في وقت سابق ، فهل يدل هذا الجهد الدؤوب والمتابعة الدقيقة لنوع وحجم الإمدادات التي سمح بوصولها إلى الجيش الحر المنشق، عبر ضبط دقيق فوضعت خطا أحمر على إمداد الجيش الحر بمضادات الطيران ،كما ضبطت أعداد صواريخ “تاو” المضادة للدروع المقدمة للحر ،بدقة متناهية ،فقامت بضبط أعدادها ومكان استخدامها، وكانت تُصرف مع بداية كل معركة ويتم إيقافها عندما تريد إنهاء تلك المعركة ،وبناءً على ما تقدم هل كانت الولايات المتحدة غير مبالية بالثورة السورية ؟ .لقد كانت استراتيجية الولايات المتحدة مبنية على مبدأ تحويل سورية إلى فلينة تطفو على ساحة الشرق الأوسط تركتها تتهشم وتتعفن لأنها ‘ما أن تكون للولايات المتحدة أو لا تكون لأحد ،ومن هنا نرى إلى أي أساس استراتيجي يستند نظام دمشق بشعاره “الأسد أو نحرق البلد “.. إنه نابع من تماهي هذا النظام الشمولي مع راعيه وحلفائه.
-لقد كانت سياسة ترامب “الهوائية ” مبنية على أساس واضح ومعلن :الانسحاب من الشرق الأوسط مع إبقاء الضغط الأقصى على إيران حتى توقع اتفاقا جديدا يحد من قدراتها النووية ويضبطها لأكثر من عشر سنوات قادمة مع تحديد قدراتها البالستية من حيث العدد والمدى ،وفك جميع الأذرع العسكرية في كل من العراق وسورية ولبنان واليمن.. هذا هو الاستقرار الوحيد الذي يمكّن الولايات المتحدة من دخول معركتها مع الصين التي رأتها إدارة ترامب غير قابلة للتأجيل ، أما الاتحاد الروسي فهو لطبيعته المافيوية لا يستطيع بعد أن تخلى عن نهجه العقائدي أن يشكل خطرا حقيقيا على الأمن القومي للولايات المتحدة التي تستطيع بالمقابل أن تستغله عبر بوابات الفساد التي أشرعها بوتين فأغرق بها اقتصاد الاتحاد الروسي الريعي ، لذلك أراد أن يسحب قواته من شرق سورية ويترك قوات قسد وحيدة أمام القوات التركية ،لولا رفض البنتاغون تنفيذ قرار الرئيس في زمن عرضه بانتظار الانتخابات ، أما إدارة بايدن فقد كانت شديدة الوضوح أيضا تجاه المأساة السورية، لا قرارا سياسيا يتخذ بشأن سورية إلا بعد الانتهاء من الملف النووي الايراني، ولا فتحا للملف السوري إلا من منظور إنساني حتى عودة إيران إلى الالتزام بهذا الاتفاق النووي والقبول بتعديلات تشكل الحد الأدنى لتطلعات الكونغرس الذي تغير كثيرا في مزاجه ووعيه للاتفاق النووي منذ خروج أوباما من البيت الأبيض ، وذلك على ضوء ممارسات إيران وأذرعها الخبيثة في الإقليم، لذلك امتنعت إدارة بايدن حتى الآن عن تكليف مبعوث خاص إلى سورية واكتفت بأن تلحق سورية بقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حتى انتهاء محادثات الملف النووي الإيراني ،وهذا التصرف كاف للإيحاء لكل من إيران والسوريين على السواء بأن الإدارة الجديدة لن تمانع في إطلاق يد إيران في سورية إذا ما أصرت الأخيرة على ذلك ،شريطة مراعاة الحساسية الإسرائيلية ، وهذا يرتب على السوريين أن يعملوا على إيضاح هذا العدوان المعلن على مستقبل سورية باعتراضهم عليه واصرارهم على جعل الأكلاف الأمريكية باهظة، وتذكيرها بخسائرها في العراق التي تعاظمت بسبب تنكرها وإغفالها لمصالح الشعب العراقي .
-أرى أن سياسة الولايات المتحدة في سورية مبهمة، لقد تأرجحت بين السعي إلى منع عودة ظهور”داعش” ومواجهة إيران، والرد على روسيا، وتقديم المساعدات الإنسانية، وحتى حماية إسرائيل، في حين أن جوهر الأمر هو أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة فشلت في صياغة استراتيجية واضحة وعقلانية للوجود العسكري الأمريكي في سورية.
س- يُجمع عديد الخبراء على أن الحل السياسي في سورية لابد أن يقوم على تقارب أمريكي-روسي.. هل تتفقون في حزب اليسار مع هذه الفرضية؟
ج-نعم لقد أقر حزب اليسار الديمقراطي السوري بالحل السياسي المبني على جنيف وقرارات الأمم المتحدة، ورفضنا العمل العسكري الذي يعتمد على حرب المواقع، وشددنا على ضرورة وحدة المعارضة السياسية وتنظيم الشعب السوري ضمن أطر تنظيمية سياسية لتتكافل كافة الجهود لتحقيق أهداف الثورة السورية، وقلنا إن النظام السوري بعقليته المعهودة لن يخضع للحل السياسي إلا إن استطعنا إجباره على هذا الأمر، ومن الطبيعي أن الحل السياسي سينتج من خلال تفاهمات الدول المختلفة المؤثرة بالوضع السوري، لكننا قلنا في الحزب بأن وحدة المعارضة السياسية وتنظيم الشعب السوري والعمل بشكل جماعي يمكن أن ينتج حلولاً توافق مصالح الثورة السورية، بدلاً من ترك القضية السورية لمصالح الدول المختلفة المتدخلة والمؤثرة لتنتج حلاً على مقاس مصالحها.
-وفي الواقع الحالي فإن التقارب الأمريكي الروسي شرط متحكم بالحل السياسي، لكنه يبدو بعيد المنال ويزداد بعدا كل يوم، فبينما كان في المتناول أيام الإدارة الشعبوية للرئيس ترامب لأسباب لا تخص المأساة السورية بل تتعداها، إلا أنه أصبح بعيد المنال وجلّ ما يمكن التعويل عليه اليوم هو تفاهم روسي أمريكي فيما يخص مآلات الثورة السورية فقط، أي الاتفاق على فصل الملف السوري والتوقف عن ربطه بخلافات الدولتين النوويتين المتزايدة، ولا يبدو أن إدارة بايدن أو نظام بوتين قريبان اليوم من هكذا تفاهم، فبوتين الذي نشأ وترعرع واعتلى عرش القيصر إلى الأبد (حتى 2032) جعل الملف السوري واحداً من ملفات عديدة ضمت كحزمة واحدة ووضعت على طاولة التفاهم المنتظر، وهذا توجه شائك وغير معبد على الأقل حتى الآن، سيما أن هذه الحزمة تشمل مستقبل أوكرانيا وخطوط إمداد الغاز الشمالية بالإضافة إلى القرم ومصير القوقاز الجنوبي والمصالح الروسية في إفريقيا والكومنولث التركي والعلاقة مع الناتو وحدود توسعه، والعديد من المشاكل الدولية الأخرى وعلى رأسها معيارية النظام الديمقراطي، حيث صرح بوتين عشرات المرات بأن الديمقراطية خدعة يمارسها الغرب للنيل من موارد وولاء الشعوب الروسية، فالروس-أو البوتينيون منهم على الأقل- يرون أن على الديمقراطية أن لا تحد من قدرة قائد حكيم كبوتين من أن ينال من خائن كسكربال أو عميل كنافالني “حسب وصفهم هم”، فحدود الديمقراطية تنتهي تماماً عند حدود الأمن القومي الروسي كما يراه القيصر الجديد، في حين وعد السيد بايدن مواطنيه في خطاب النصر وخطاب حالة الاتحاد أن تكون قيم الديمقراطية الأمريكية معيارا للخصومة السياسية وهيكلة التحالفات المقبلة على السواء، بها سيأخذ وبها سيعطي، ولكن الدلائل تشير إلى أنه سيحنث قريباً بوعده، ليس أمام بوتين بل قبل ذلك أمام الولي الفقيه الذي يشنق معارضيه بتهمة حيازة الحشيش أو الأفيون.
س-لماذا ظلت القرارات الأممية معطلة برغم قبول المعارضة بها منذ مؤتمر جنيف الأول، ولماذا هذه المماطلة في تحقيقها على أرض الواقع وإنهاء مأساة الشعب السوري؟
ج-السبب للأسف معلن وتم تناوله من قبل جميع المعنيين في المعارضة والمولاة والكامخ بينهما: لقد استبعد السوريون عن دائرة التأثير منذ وقت مبكر، فهم كمعارضة وموالاة لا يستطيعون صياغة أي تفاهم لا يناسب مصالح الرعاة الإقليميين والدوليين، وما المحادثات المكوكية التي يتم التطبيل لها ودفعها للواجهة إلا كي يقال إن المجتمع الدولي مازال مهتما بالمأساة السورية. لقد سمحت الأمم المتحدة بصمت مندوبيها، بأن يشرح كل طرف صلاحيات وأهداف هذه المؤتمرات والمباحثات على هواه، أي بشكل متناقض دون أي تدخل من بيدرسون أو سابقيه.
-فعلى الصعيد الدولي تابعنا المبعوث الأمريكي وهو يفسر فترة الحكم الانتقالي التي تستبعد الأيدي الملطخة بدماء السوريين، على أنها المرجع لكل تفاهمات لاحقة من اللجنة الدستورية وحتى وضع تصور مشترك لمستقبل سورية السياسي، في حين يصرح لافروف ومساعدوه بأن السلال الأربعة تمثل جوهر القرارات الدولية والمرحلة الانتقالية وهي سلال غير مترابطة يمكن التعاطي معها جملة وفرادى لمعالجة فقرة من هذه السلة وفقرة أخرى من سلة ثانية أو رابعة يصار إلى مناقشتها وإجراء محادثات مطولة أو مبسترة حول بعضها أو جميعها، ولكنها ستبقى محادثات غير ملزمة وغير ملتزمة بزمن يحدد نهاية لمعالجة هذه السلال، ولا يتعارض تعثر الوصول إلى أي توافق مع مضي النظام في سياساته القمعية وفي قتل السجناء وسجن المزيد ممن يشك بولائهم، كما لا يتعارض مع إعادة انتخاب رأس النظام المسؤول عن كل المآسي والذي وقع شخصياً بحسب منظمات التوثيق على قتل وإعدام آلاف السوريين خارج القانون وخارج أي مؤسسة عدالة شكلية.
-إذن.. فالمجتمع الدولي مرتاح لتعفن الملف السوري أو غير مبالٍ على أقل تقدير، وهذا دليل جديد على أن المنظمة الدولية غير قادرة على تقديم حلول لا تتماشى ومصالح بعض الخمسة الكبار.
س-هل برأيك هناك أطراف تسعى إلى إطالة أمد الحرب ؟
ج-الحرب مكلفة للجميع، وإطالة أمدها ليس هدفا لأي طرف منخرط بها، إلا إن انحرفت عن كونها حربا لخدمة مصالح دول، إلى حرب عقائدية عندئذ يغيب ميزان الربح والخسارة لصالح أنواع من الأرباح الأيديولوجية غير القابلة للقياس. تتربع الولايات المتحدة على رأس المنخرطين في تداعيات الثورة السورية، وهي الدولة الأكثر برغماتية والتي تدار كشركة مساهمة تعمل على تنمية حظوظ المساهمين، وهي لا ترغب في إطالة زمن الحرب في سورية إلا مضطرة، بعد أن أرهقتها طول الحرب مع العراق على الصعيدين الاقتصادي والأخلاقي، أما روسيا فقد صرحت منذ تدخلها المشؤوم بأنها ستكون حرباً خاطفة ولن تسمح لنفسها بأن تنزلق إلى أفغانستان جديدة، ولكنها وجدت نفسها تغوص أكثر وأكثر للحد الذي بدأت فيه المعارضة الروسية، برغم ضعفها، تقلق الرأي العام في تساؤلاتها واستقصاءاتها، أما تركيا التي ليس لدى صناعتها الناشئة من أسواق إلا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي نظرت إلى”الربيع السوري” كبوابة لكسر الفيتو الأورو-أمريكي على أي شراكة استراتيجية تركية عربية وبشكل خاص مع إحدى الدولتين الجارتين (سورية أو العراق ) فتجد نفسها اليوم أمام مأزق كبير إذ يسعى الأمريكان إلى إنشاء جدار صد كردي يعيق أي تواصل تركي عربي، وهو جدار كانت تعمل على تقويضه من بوابة الانعزالية الترامبية، إلا أن إدارة بايدن أعادت تفعيله وهي تسعى إلى خلق بيئة معادية لتركيا تمزج بين الموروث الأوجلاني الممثل بوجهاء “جبل قنديل “مع الإرث “اللورنسي ” الذي تموله السعودية بعطاءات سخية لزعماء العشائر العربية في الجزيرة السورية، ولكنه جدار لا يقوى على الاستمرار بالحفاظ على تماسكه، إلا بتغذية مرهقة لقطبيه “الأوجلاني ” و ” اللورنسي ” ولن يقوى على تحمل الفطام الذي تقف أمامه استحقاقات كل من الجغرافيا والديمغرافيا السورية.
هذه الدول الثلاث تسعى إلى الإسراع في إيجاد حل لتداعيات الثورة السورية، إلا أنها عندما عجزت عن إيجاد حل يلبي مصالحها المتشابكة ارتكس خطابها الإعلامي والدبلوماسي لتبرير ما آلت إليه الأمور، فكل من تركيا وروسيا تبنت خطابا عقائديا لتبرير تطاول أمد الحرب التي تستنزف الكثير من مقدرات البلدين، فبدأ الإعلام التركي ينظر إلى سورية كولاية عثمانية، بينما وجد الإعلام الروسي في سورية بديلا عن القسطنطينية، في حين عمل الإعلام الأمريكي على تكرار الاسطوانة المشروخة التي تنظر إلى سورية “كحصرم حلب ” أو بلد الرمال والموت.. وحده النظام الإيراني كان عقائديا منذ البداية، وأعلن أنه قتل وسيقتل، دمر وسيدمر من يقف أمام مشروعه التبشيري الهادف إلى نشر مبادئ الثورة الخمينية بهدف واضح هو إقامة نظام الولي الفقيه أياً كانت الأكلاف أو الخسائر على الشعوب الإيرانية أو شعوب المشرق العربي، وهو بهذا المفهوم لا تعنيه الأزمنة، ولن تثني عزيمته امتدادات الحروب أو تأبيدها طالما كانت مرضية لنظام الولي الفقيه.
س-مرت في شهر مارس آذار 10سنوات على انطلاق الثورة.. هل ترين مخرجا من النفق الذي انزلقت فيه الانتفاضة السلمية؟
ج-بكل تأكيد.. فالمظاهرات التي خرجت في مناطق مختلفة من شمال سورية، وفي أوروبا، وبعض اللافتات والشعارات المكتوبة بالسر في مناطق النظام والتي انتشرت صورها، تعبر على أن هذا الشعب وبرغم كل ما عاناه لن يستسلم، ومازال متمسكاً بأهداف ثورته، وعلى المقلب الآخر نجد أن الوعي الشعبي بضرورة العمل السياسي المنظم بدأ يثمر – وإن كان خجولاً – تنظيمات سياسية مختلفة نشأت من السوريين الذين لم يعملوا قبل الثورة في الشأن السياسي، كما لاحظنا بعض المحاولات لإيجاد تفاهمات وتنسيق بين بعض فرقاء المعارضة، بالإضافة إلى الصمود الأسطوري لشعبنا السوري، ووعيه الجمعي لأي محاولات اختراق للثورة السورية، كما حدث مثلاً تزامناً مع مؤتمرات آستانا وسوتشي سابقاً، وكما حدث مؤخراً حينما أقر الائتلاف هيئة الانتخابات ووجد فيها الشعب السوري مقدمة لشرعنة انتخابات الأسد الرئاسية، وكما رأينا في قضية فتح المعابر بين الشمال السوري وبين مناطق نظام الأسد.
-هذا الوعي الجمعي وهذا الصمود مؤشر حقيقي على أن الجمر مازال يشتعل تحت الرماد وأن الربيع سيثمر زهور الحرية مهما طال الشتاء.
Social Links: